أول لقاء بين رئيس وزراء قطر ونائب ترامب

في أول تحرك دبلوماسي بارز بعد الغارة الإسرائيلية على العاصمة القطرية الدوحة التي استهدفت قيادات من حركة “حماس”، التقى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، بنائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في العاصمة واشنطن.
ووفق بيان صادر عن وزارة الخارجية القطرية، فقد استعرض الجانبان “العلاقات الاستراتيجية الوثيقة بين قطر والولايات المتحدة وسبل دعمها وتطويرها، إلى جانب مناقشة آخر تطورات الأوضاع في المنطقة”.
وأكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن خلال اللقاء أن قطر ستتخذ كافة الإجراءات لحماية أمنها وسيادتها في مواجهة الهجوم الإسرائيلي الأخير، مشدداً على أن الدوحة تقدر شراكتها مع واشنطن وتثق في دورها لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
في المقابل، أعرب نائب الرئيس الأمريكي عن تقديره لجهود الوساطة التي تبذلها قطر في ملفات معقدة مثل غزة وأفغانستان وإيران، مؤكداً أنها شريك استراتيجي موثوق للولايات المتحدة.
يأتي اللقاء في ظل توتر غير مسبوق عقب الغارة الإسرائيلية على الدوحة، والتي استهدفت قيادات بارزة من حركة “حماس”. ورغم أن واشنطن كانت قد أُبلغت بالهجوم قبل فترة قصيرة من تنفيذه، إلا أن البيت الأبيض أعلن أن الرئيس دونالد ترامب شعر بـ”استياء شديد” من العملية ومن الطريقة التي جرت بها، معتبراً أن إسرائيل وضعت واشنطن في موقف حرج تجاه حليف رئيسي مثل قطر.
مصادر مقربة من إدارة ترامب كشفت أن بعض مستشاريه اعتبروا أن عدم إبلاغ واشنطن في وقت مبكر حرمها من إمكانية تحذير قطر أو التنسيق بشكل أفضل، ما أثار قلقاً حول مستقبل آليات التنسيق الأمني مع إسرائيل.
هذا الاجتماع يحمل أبعاداً متعددة:
-
رسالة دعم أمريكي لقطر: من خلال لقاء نائب الرئيس ووزير الخارجية، تحاول واشنطن طمأنة الدوحة بأن الشراكة الاستراتيجية ما زالت قوية.
-
اختبار جدي للتحالفات: الغارة الإسرائيلية تضع إدارة ترامب بين شريك استراتيجي في الخليج (قطر) وحليف تقليدي في الشرق الأوسط (إسرائيل).
-
ملف غزة على الطاولة: تصريحات المسؤولين القطريين ركزت على الانتهاكات الإسرائيلية، ما يعكس رغبة الدوحة في دفع القضية الفلسطينية مجدداً إلى قلب النقاش الدولي.
-
العلاقات الدفاعية والأمنية: قطر أكدت مراراً أن شراكتها الدفاعية مع الولايات المتحدة “أقوى من أي وقت مضى”، في رسالة ضمنية بأنها لن تسمح للهجوم الأخير بإعادة تقييم هذا المسار.
تستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة (قاعدة العديد)، وتعد شريكاً رئيسياً في جهود واشنطن لمكافحة الإرهاب وحل النزاعات. كما لعبت دوراً محورياً في المفاوضات مع حركة طالبان وفي ملفات الوساطة بالشرق الأوسط.
في المقابل، تواجه الدوحة تحديات متكررة من السياسة الإسرائيلية التي ترى في انفتاح قطر على فصائل المقاومة الفلسطينية تهديداً مباشراً. وهنا تبرز معادلة دقيقة تحاول واشنطن إدارتها: الحفاظ على العلاقة الوثيقة مع إسرائيل، دون خسارة قطر كشريك استراتيجي لا غنى عنه في المنطقة.
من المقرر أن يتناول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العشاء مع رئيس الوزراء القطري والمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف في نيويورك، وهو لقاء من المتوقع أن يحمل مزيداً من الرسائل السياسية حول مستقبل العلاقات الثلاثية (واشنطن–الدوحة–تل أبيب).
وبحسب مراقبين، فإن هذا اللقاء قد يشكل محطة فارقة، إذ سيتضح ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على الموازنة بين حليفين متناقضين في الأزمة الأخيرة، أم أن الهجوم الإسرائيلي سيترك ندوباً في علاقة واشنطن بالدوحة.