الإسكوا: ندرك الحاجة الماسّة لوقف الحرب في غزة وتحقيق سلام عادل ومستدام

أكدت الدكتورة رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، “الإسكوا” الحاجة الماسّة إلى ضرورة التحرك الدولي الحاسم لوقف الحرب في غزة والدفع باتجاه تحقيق سلام عادل ومستدام.
جاء الدكتورة رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، في الدورة الوزارية الحادية والثلاثين للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية “لغربي آسيا – الإسكوا”.
إلى نص الكلمة:
اسمحوا لي أن أستهلَّ كلمتي بخالصِ العزاء للكويت قيادة ولأهلي الأكارم، بوفاة والدِنا سموّ الأمير الشيخ نوّاف الأحمد الجابر الصباح، الحاكم بالعدل والمعزّ لشعبه ومناصر المستضعفين والداعي للسلام والوئام….. رحم اللهُ أميرَنا.
والعزاءُ موصولٌ إلى أهل غزّة الصابربن على البلاء العظيم، والمُحتَسِبين إلى الله في مصابِهم الجَلَل، والرحمة والنور على أرواحِ الشهداء والشهيدات الذين يسقون بدمائهم الزكية أرضاً متعطشةً للحياة بسلام.
الحضور الكريم…
في هذا العام، نحتفلُ بالذكرى الخمسين لتأسيس الإسكوا، المنظمة التي رافقت المنطقة بكل تقلّباتِها وإنجازاتِها. لقد كانت رحلة الإسكوا حافلةً بالتحديات، ولكنها كانت أيضًا مسيرةً مليئةً بالإنجازات.
نشأةُ الإسكوا تزامنت مع أحداثٍ تاريخيةٍ هامةٍ في عام 1973، كانت بمثابة “تحدٍّ واستجابة”. واليوم، ها نحن نواجِهُ تحدياتٍ جديدةٍ، خاصةً في الأرض الفلسطينية المحتلة.
نحن في الإسكوا نعي تمامًا تداعياتِ هذه الحرب، ليس فقط على فلسطين بل على المنطقة ككل، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار والسلم الإقليمي. وندرك الحاجة الماسّة إلى ضرورة التحرك الدولي الحاسم والدفع باتجاه تحقيق سلام عادل ومستدام.
الحضور الكريم،
على مدارِ العقودِ الخمسةِ الماضية، لم يقتصر دور الإسكوا على متابعة التقلّباتِ والتحدياتِ في المنطقة فحسب، بل تميّزتِ الإسكوا بدورِها الفاعلِ في دعمِ وتنميةِ المنطقةِ العربية.
خمسون عامًا من الجُهدِ المتواصلِ والعطاءِ المثمرِ، حققنا خلالَها إنجازاتٍ عديدةٍ، منها البرامج التي تُعزّزُ البنيةَ التحتيةَ للمعلوماتِ، واستخدام التكنولوجيا الذكية لمحاكاةِ السياساتِ وصياغَتِها، وعمِلْنا مع بلدانِ المنطقة في المجالات التنموية المختلفة، وقدَّمْنا استشاراتٍ موضوعيةٍ بناءً على دراساتٍ مُعمّقةٍ للواقعِ والإمكانات، ودَرَّبنا آلافَ الكوادرِ الإداريةِ والفنيةِ لتعزيزِ القدراتِ الوطنية.
وخلال هذه السنوات، توسعت الإسكوا، من لجنةٍ إقليميةٍ معنيّة بالقضايا الاقتصادية، إلى منظّمةٍ تعملُ على تحقيقِ التنميةِ المستدامةِ والشاملةِ التي لا تهملُ أحدًا.
ساهمنا في تعزيزِ وتطويرِ أُطُرِ التعاونِ الإقليمي في مختلفِ المجالاتِ التنمويةِ، ودَعَمنا الدولَ الأعضاءَ في مواجهةِ التحدياتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، بما في ذلك تلك المتعلِّقة بالديونِ والفَقرِ والبطالةِ وتغيّرِ المناخ.
واليوم، في “بيت العرب”، الجامعة العربية، نجتمع لا لنحتفل فقط باليوبيل الذهبي للإسكوا، بل لنجدّد التزامَنا بحلمِ التعاونِ والازدهارِ المشترَكِ، ولِنطلقَ “الرؤيةَ العربيةَ 2045″، التي تمَّ إعدادُها بمنهجيةٍ حواريةٍ وتشاركيةٍ واسعةٍ من الخبراءِ والشبابِ ومن مراكزِ الأبحاث.
وقد اعتمدت الرؤية العربية 2045 على خبرات وتجارب الإسكوا الغنية لتكونَ مرآةً لطموحاتِنا الجماعيةِ تعكس إمكانات منطقتنا الكبيرة.
إن “الرؤية العربية 2045” تمثّلُ نُقطةَ انطلاقٍ نحوَ مستقبلٍ يَتَّسِمُ بالتنوّعِ والثراءِ الثقافي، ويستفيدُ من ثروتنِا البشريةِ والطبيعية، وتحفيز الابتكار والتعاون الإقليمي، ويحققُ الوَثْبَةَ الحضاريةَ في عالمٍ يَشْهدُ ثورةً في العلومِ والاتصالاتِ والمعرفة.
هي رؤيةٌ تُمثّلُ طموحًا جماعيًا استراتيجيًا، يجمع البلدان العربية على مسارٍ يتمتّع بالقوةِ والمسؤولية، ويؤثّرُ بفاعليةٍ على الصعيد الدولي.
تهدفُ هذه الرؤية الى استعادة الأملِ بالفكرِ والعملِ البنّاءِ من خلالِ تعزيزِ الأمنِ والاستقرارِ في المنطقة، وتحفيزِ النموّ الاقتصادي المستدام، وتعزيز التعاون والتضامن الإقليمي.
وترتكز الي سته محاور هم: الأمن والأمان – العدل والعدالة – الإبتكار والإبداع – الازدهار والتنمية المستدامة – التنوع والحيوية – التجدد الثقافي والحضاري”، هذه الرؤية تحملُ معها وعدًا بمستقبلٍ يُجَسّدُ قوتَنا الجماعيةَ، وحكمتَنا وطموحاتِنا لبناء عالمٍ أفضل لشعوبِنا.
وفي الختام، أتوجّهُ بالشكر إلى كلّ من ساهم في إعدادِ وتنسيقِ هذه الرؤية، وبشكل خاص إلى سعادة الأمين العام على حماسته للرؤية العربية 2045 منذ البداية، وعلى دعمِهِ القوي لِعَمَلِ الإسكوا، وعلى إيمانه برسالتها.
كما أُؤَكّدُ أنّ الطريقَ أمامَنا لا يزال طويلاً، ولكنّنا مدفوعون بالأملِ والعزمِ وروحِ التعاونِ والطموح، فالأفضلُ لا يزال أمامَنا.
أدعوكم جميعًا لتكونوا مهندسي هذه الرؤية الطموحة.
إنّ قيادتَكُم وبصيرتَكُم وتفانيكم دعائمُ قيادةِ منطقتِنا نحو مستقبلٍ يسودُهُ السلامُ والعدلُ والازدهار.
لِنعمَلْ معاً، جنبًا إلى جنبٍ، فَنَبنيَ مستقبلًا يُكرّمُ تراثَنا الغنيّ، ويعكسُ آمالَنا وطموحاتِنا بعالمٍ عربي أفضلَ يليقُ بمنطقتِنا وشعوبِها.