أمن وحوادث

التنمر المدرسي يقتل بالألم لا بالسلاح ويقود الطلاب لحافة الانتحار

 

كتبت :إيمان خالد خفاجي 

التنمر المدرسي.. طريق خفي يقود بعض الطلاب إلى حافة الانتحار!يُعد التنمر المدرسي من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تهدد أمن الطلاب النفسي وسلامتهم داخل المؤسسات التعليمية. فبين نظرات الاستهزاء، وكلمات السخرية، والاعتداء الجسدي أو الإلكتروني، يعيش ضحايا التنمر في دائرة من الخوف والعزلة قد تدفع بعضهم، في حالات متطرفة، إلى التفكير في إنهاء حياتهم للهروب من الألم.

تشهد المدارس في مصر والعالم العربي تزايدًا ملحوظًا في حالات التنمر، سواء بين التلاميذ أو حتى عبر الإنترنت بعد انتهاء اليوم الدراسي. وتشير تقارير صادرة عن منظمات دولية، منها منظمة الصحة العالمية واليونيسف، إلى أن نسبة الأطفال الذين يتعرضون للتنمر في مرحلة التعليم الأساسي تتراوح بين 20% و35%، وهي نسبة مرتفعة تنذر بخطر اجتماعي حقيقي.

يتخذ التنمر أشكالًا متعددة؛ منها اللفظي عبر السخرية والإهانة، والبدني عبر الضرب أو الدفع، والنفسي عبر الإقصاء والعزل، وأخيرًا الإلكتروني الذي انتشر مع وسائل التواصل الاجتماعي. وغالبًا ما يتأثر الضحايا نفسيًا بدرجات مختلفة، تبدأ بفقدان الثقة بالنفس وتنتهي أحيانًا بالاكتئاب الحاد.

تؤكد الدراسات النفسية أن التنمر لا يُسبب فقط الألم اللحظي، بل يترك ندوبًا طويلة المدى في نفس الطفل. بعض الحالات أظهرت أن ضحايا التنمر يعانون من اضطرابات النوم، وضعف التحصيل الدراسي، والانسحاب الاجتماعي. وفي حالات نادرة، عندما يغيب الدعم الأسري والتربوي، قد يتحول الإحباط إلى اكتئاب يقود إلى الانتحار، وهو ما وثقته عدة حوادث مؤلمة خلال السنوات الأخيرة.

تلعب المدرسة دورًا محوريًا في مواجهة التنمر من خلال غرس قيم الاحترام والتسامح، ووضع آليات واضحة للإبلاغ والعقاب. أما الأسرة فعليها مراقبة التغيرات السلوكية لدى أبنائها، وتشجيعهم على الحديث عن مشكلاتهم دون خوف أو خجل، لأن الصمت أول خطوة نحو تفاقم الأزمة.

تتجه بعض الدول إلى اعتماد برامج دعم نفسي داخل المدارس، وتدريب المعلمين على اكتشاف حالات التنمر مبكرًا. كما تُعد حملات التوعية عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي سلاحًا فعالًا في تغيير سلوك الطلاب، ونشر ثقافة “لا للتنمر” بين الأجيال الجديدة.

في النهاية، لا يمكن القول إن كل حالات التنمر تؤدي إلى الانتحار، لكن المؤكد أن التنمر قد يفتح الباب أمام مأساة نفسية خطيرة إذا تُركت دون تدخل. فالمعركة ضد التنمر ليست فقط لحماية الطلاب من الأذى، بل لحماية مستقبل جيل كامل من الانكسار الداخلي.

زر الذهاب إلى الأعلى