عرب وعالم

 الصين تختار مصر لانطلاقة خضراء

ريادة مصر في الصناعات المستدامة وخلق مئات فرص العمل

كتب : خالد جادالله

الصين تختار مصر لانطلاقة خضراء: “بيفار” تطلق أكبر مشروع كيميائي صديق للبيئة باستثمار نصف مليار دولار في السخنة


في خطوة غير مسبوقة تعزز مكانة مصر كوجهة صناعية عالمية، أطلقت شركة Befar–Binhua Group الصينية العملاقة مشروعًا ضخمًا لإقامة أول مصنع كيميائي “أخضر” لإنتاج الكلور القلوي في مصر والعالم، باستثمارات هائلة تصل إلى 500 مليون دولار (حوالي 25.5 مليار جنيه مصري)

في قلب المنطقة الصناعية بالسخنة، تحت مظلة المطور الصناعي تيدا – مصر، وبدعم مباشر من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث شهد رئيسها، المهندس وليد جمال الدين، مراسم وضع حجر الأساس للمصنع الذي يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في القطاع الصناعي المصري

أرقام ضخمة ورؤية خضراء

المساحة: 400 ألف متر مربع، على مرحلتين

الإنتاج السنوي: 100 ألف طن من الكلور القلوي ومنتجاته التكميلية

فرص العمل: 800 وظيفة مباشرة خلال أول شهرين فقط من التشغيل

الجدول الزمني: انتهاء المرحلة الأولى خلال 18 شهرًا

لكن الأهم من كل ذلك أن المصنع سيكون الأول من نوعه في مصر والعالم الذي يعمل بالكامل بالطاقة النظيفة، مما يضعه في مقدمة الجيل الجديد من الصناعات الخضراء عالميًا

لماذا هذا المشروع مهم لمصر

تقليل الاعتماد على الاستيراد وخفض الفاتورة الدولارية

دعم الصناعات التكميلية المحلية المرتبطة بالمنتجات الكيماوية

فتح أسواق تصديرية جديدة عبر موانئ المنطقة الاقتصادية ،يمثل جزءًا من مشروع أكبر لاستخلاص المعادن من مياه البحر ، هذا الاستثمار لا يمثل فقط نقلة في حجم الأموال أو فرص العمل، بل يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في طبيعة الصناعة المصرية نحو الاستدامة والاقتصاد الأخضر، ويؤكد أن مصر باتت لاعبًا رئيسيًا في خارطة التصنيع الدولية

في خطوة تؤكد الرؤية الحكيمة للدولة المصرية وقدرتها على استقطاب استثمارات استراتيجية تدفع قاطرة التنمية المستدامة، شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس انطلاق أحد أكبر المشروعات الصناعية الخضراء في الشرق الأوسط، حيث وضعت شركة “بيفار – بينهوا” الصينية حجر الأساس لأول مصنع كيميائي صديق للبيئة لإنتاج الكلور القلوي في مصر والعالم، باستثمارات تبلغ نصف مليار دولار أمريكي ، ويقام المشروع على مساحة 400 ألف متر مربع داخل منطقة تيدا – مصر الصناعية في السخنة، تحت إشراف الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وبمتابعة مباشرة من المهندس وليد جمال الدين، رئيس الهيئة، الذي أكد خلال حفل الافتتاح أن المشروع يُجسد نجاح الدولة في تهيئة بيئة استثمارية جاذبة قادرة على استيعاب صناعات الجيل الجديد، لا سيما تلك المعتمدة على الطاقة النظيفة

تجسيد لرؤية الدولة المصرية نحو اقتصاد أخضر

يمثل المشروع نقلة نوعية تتماشى مع توجهات القيادة السياسية نحو تعزيز الاقتصاد الأخضر، وتطبيق معايير الاستدامة في كافة القطاعات، تنفيذًا لرؤية مصر 2030. فبجانب دوره الصناعي، يُعد هذا المصنع نموذجًا متقدمًا لاستخدام الطاقة النظيفة في العمليات الإنتاجية، ما يعكس التزام مصر الدولي باتفاقيات المناخ، ويعزز من صورتها كدولة مسؤولة بيئيًا وطرف فاعل في الحراك العالمي نحو التنمية المستدامة

مكاسب اقتصادية وتنموية متعددة

من المتوقع أن يحقق المشروع عدة مكاسب استراتيجية لمصر، منها تقليل الاعتماد على استيراد المنتجات الكيماوية الأساسية، وخفض الفاتورة الدولارية، إلى جانب دعم الصناعات التكميلية، وفتح آفاق جديدة للتصدير عبر موانئ قناة السويس، مما يسهم في رفع معدلات النمو وتعزيز التوازن التجاري كما سيوفر المصنع نحو 800 فرصة عمل مباشرة في أول شهرين فقط من بدء التشغيل، إلى جانب مئات الوظائف غير المباشرة في سلاسل الإمداد والخدمات المرتبطة، ما يدعم خطط الدولة في مكافحة البطالة وتعزيز التنمية المجتمعية

مصر على خارطة الصناعات العالمية

بهذا المشروع، تُرسّخ مصر مكانتها كمركز صناعي إقليمي قادر على جذب كبرى الشركات العالمية، وتؤكد نجاح سياساتها الاقتصادية في تهيئة مناخ استثماري تنافسي قائم على الاستقرار، والبنية التحتية المتطورة، والدعم الحكومي الفعال ، مشروع “بيفار  بينهوا” ليس مجرد استثمار جديد، بل شهادة عالمية على ثقة المستثمرين في مصر، واعتراف صريح بدورها المحوري في قيادة التحول الصناعي الأخضر بالمنطقة وهو نقلة نوعية في مستقبل الصناعة المصرية

إن المشروع الجديد لا يُعد مجرد منشأة صناعية تُضاف إلى الخارطة الاستثمارية المصرية، بل يُمثل تحولًا نوعيًا في فلسفة التصنيع ذاتها، حيث يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والمعايير البيئية الصارمة، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصناعات الذكية والمستدامة في مصر ، هذا التوجه يعكس إدراك الدولة العميق بأن مستقبل الاقتصاد لا يكمن فقط في التوسع الكمي، بل في جودة المشاريع ومدى توافقها مع متطلبات العصر، خاصة ما يتعلق بتغير المناخ والحوكمة البيئية والاجتماعية. ومع دخول المصنع الجديد حيز التنفيذ، ستبدأ مصر في تصدير نموذج متقدم لصناعة تراعي البيئة دون التفريط في الكفاءة أو الجدوى الاقتصادية

تمركز صناعي يعزز السيادة الاقتصادية

كما أن هذا المشروع وغيره من المشروعات الكبرى التي تحتضنها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يدعم الرؤية الوطنية القائمة على تعظيم القيمة المضافة للموارد، ويُعزز من السيادة الصناعية والاقتصادية للدولة، عبر توطين صناعات استراتيجية، والحد من الاستيراد، ورفع معدلات الاكتفاء الذاتي في قطاعات حيوية ، في ضوء ذلك، يمكن القول إن مصر لا تخطو نحو المستقبل فحسب، بل تصنعه بقرارات جريئة، واستثمارات مدروسة، وشراكات استراتيجية ترسّخ مكانتها كدولة صناعية مؤثرة إقليميًا وعالميًا، قادرة على أن تكون مركزًا إقليميًا حقيقيًا للتصنيع الأخضر والتكنولوجيا النظيفة

قناة السويس الاقتصادية… منصة عالمية للصناعات المستقبلية

لم تعد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مجرد موقع جغرافي مميز على خريطة التجارة العالمية، بل أصبحت بفضل الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية منصة متكاملة للصناعات المستقبلية، وبيئة حاضنة للمستثمرين الباحثين عن التنافسية والاستدامة

وجود هذا المصنع في قلب هذه المنطقة الحيوية يعزز من تكامل سلاسل الإمداد الصناعية واللوجستية، ويوفر نافذة مباشرة على الأسواق الإفريقية، والآسيوية، والأوروبية، ما يرفع من قدرة مصر التصديرية ويضاعف من العائد الاقتصادي طويل المدى. كما أن قرب المشروع من الموانئ الرئيسية والبنية التحتية المتطورة يجعله مؤهلًا لأن يصبح محورًا لتجميع وتوزيع المنتجات الكيميائية النظيفة إلى مختلف أنحاء العالم

مصر تقود… والباقون يلحقون

بهذا المشروع، تؤكد مصر من جديد أنها لا تنتظر التغيرات العالمية بل تسابقها، وتتخذ خطوات استباقية تضعها في طليعة الدول التي تمزج بين التنمية الصناعية والوعي البيئي. وما بين المصنع الأخضر الجديد، والمبادرات الوطنية المتواصلة، يتضح جليًا أن مصر تضع لنفسها موقع القيادة في مجال الصناعات المستدامة، لا بوصفها متلقية للتكنولوجيا، بل كشريك مؤثر في صياغة مستقبل الصناعة العالمي

التحول الأخضر يبدأ من هنا

مع تدشين هذا المشروع العملاق، تبدأ مصر فصلًا جديدًا في مسيرة التنمية الصناعية، عنوانه الاستدامة، السيادة الإنتاجية، والشراكات الذكية. لم يعد الطريق إلى المستقبل مفتوحًا للجميع، بل لمن يملك الرؤية والقرار، وقد أثبتت الدولة المصرية، مرة بعد مرة أنها تمتلك الاثنين معًا

هذا المصنع ليس فقط منشأة إنتاجية، بل هو رمز لتحول اقتصادي عميق يُعيد صياغة دور مصر في الاقتصاد العالمي، ويُبرز قدرتها على جذب الاستثمارات ذات البعد الاستراتيجي، في وقت تتنافس فيه دول كبرى على الفوز بثقة المستثمرين

إن بناء مصنع كيميائي صديق للبيئة بهذا الحجم، وفي هذا التوقيت، هو تأكيد أن مصر لا تبني الحاضر فحسب، بل تُمهّد بكل ثقة لاقتصاد جديد أكثر صلابة، وأكثر استقلالًا، وأكثر التزامًا بمستقبل نظيف ومستدام.

 

زر الذهاب إلى الأعلى