عرب وعالم

الغارة الإسرائيلية على الدوحة

التنسيق التركي-القطري يربك المخطط الإسرائيلي

في 9 سبتمبر 2025، شهدت العاصمة القطرية الدوحة غارة جوية إسرائيلية جريئة استهدفت قادة حركة حماس، في محاولة لتصفية قيادتها السياسية أثناء اجتماعهم لمناقشة مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار في غزة. استخدمت إسرائيل 10 طائرات حربية لإطلاق 12 صاروخاً، مما أسفر عن مقتل 6 أشخاص، لكن حماس أكدت نجاة قادتها الرئيسيين مثل خليل الحية وخالد مشعل. هذا الهجوم لم يكن مجرد تصعيد عسكري، بل انتهاك للسيادة القطرية، يعكس غطرسة إسرائيل ويثير أسئلة حول مستقبل التحالفات في المنطقة، خاصة مع دور تركيا وقطر في إفشال المخطط ومصير القواعد العسكرية الأمريكية.

فشل المخطط الإسرائيلي: دور تركيا وقطر في الإحباط

وفقاً لتقارير وكالات أنباء دولية مثل رويترز وبي بي سي، أفشلت تركيا وقطر مخطط إسرائيل لاغتيال قادة حماس في الدوحة، حيث أكدت مصادر أن التنسيق الأمني بين الدولتين ساهم في نجاة القيادة. تركيا، التي أدانت الهجوم بشدة ووصفته بـ”الإرهاب كسياسة دولة”، قدمت دعماً استخباراتياً مسبقاً لقطر، مستفيدة من علاقاتها الوثيقة مع حماس. هذا الإفشال ليس مصادفة؛ إنه نتيجة لشبكة تحالفات تركية-قطرية قوية، تشمل قواعد عسكرية مشتركة في قطر منذ 2015، والتي تعززت بعد أزمة الحصار على قطر عام 2017. هل كان هذا الدعم التركي هو السبب في فشل الضربة “الدقيقة” الإسرائيلية؟ الجدل يتصاعد، إذ يرى محللون في معهد أمريكان إنتربرايز (AEI) أن تركيا قد تكون التالية في قائمة إسرائيل، مما يهدد بتصعيد إقليمي أوسع. هذا الفشل يعري ضعف الاستخبارات الإسرائيلية أمام التحالفات العربية-التركية، ويثير تساؤلات: إذا أفشلت قطر وتركيا هذا المخطط، فما هي الخطط الإسرائيلية التالية، وكيف سترد الدولتان؟

ترامب وإسرائيل: تناقضات الدعم الأمريكي

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر عن “استيائه” من الهجوم، قائلاً إنه “غير سعيد” وأن الضربة لا تخدم مصالح إسرائيل أو أمريكا. ومع ذلك، أقر بأن إدارته تلقت إشعاراً مسبقاً، وأمر مبعوثه بإبلاغ قطر، رغم نفي قطر ذلك. تقارير من واشنطن بوست تشير إلى أن ترامب أعطى “الضوء الأخضر” سراً، مما يجعله شريكاً في الانتهاك. هذا التناقض يعمق الجدل حول دور أمريكا: هل ترامب يدعم إسرائيل بشكل مطلق، أم أنه يحاول الحفاظ على توازن مع حلفائه الخليجيين؟ في سياق حرب غزة المستمرة منذ عامين، يبدو دعم ترامب لإسرائيل تخاذلاً أمام جرائمها، مما يدفع الدول العربية إلى البحث عن بدائل.

التخاذل العربي: لماذا لا يوجد رد موحد؟

الدول العربية أدانت الهجوم، لكن الإدانات تبقى كلاماً فارغاً. السعودية ومصر وتركيا أعربت عن غضبها، لكن أين الفعل؟ الحرب في غزة أودت بحياة عشرات الآلاف، والهجوم على قطر يثبت أن إسرائيل لا تحترم الحدود. لماذا لا تتحد الدول العربية في جبهة عسكرية أو اقتصادية؟ التخاذل هذا يعكس انقسامات داخلية، مع اتفاقيات تطبيع تمنع الرد القوي. الجدل هنا: هل الجامعة العربية قادرة على شيء أكثر من البيانات، أم أن الفرقة ستسمح لإسرائيل بالمزيد من التصعيد؟

مستقبل القواعد العسكرية في قطر: بين الولاء الأمريكي والتحالف التركي

مع الهجوم الإسرائيلي، يثار جدل حول استمرار القواعد الأمريكية في قطر، خاصة قاعدة العديد الجوية، أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط. تقارير من الجزيرة ورويترز تشير إلى أن “ضمانات الأمن الأمريكية لم تعد قيمة”، بعد أن فشلت أمريكا في منع الهجوم رغم علمها المسبق. قطر، التي تستضيف هذه القاعدة منذ عقود، قد تعيد النظر في التحالف، خاصة مع غضبها من ترامب. هل ستستمر هذه القواعد، أم أن قطر ستتجه نحو تعزيز الوجود التركي؟ تركيا لديها بالفعل قاعدة عسكرية في قطر، وتقارير من AEI وميدل إيست آي تشير إلى إمكانية توسيعها كرد على الهجوم، ربما بإنشاء قواعد جديدة مشتركة. هذا التحول يثير جدلاً كبيراً: هل سيؤدي إلى انحسار النفوذ الأمريكي في الخليج، وصعود تركيا كقوة بديلة؟ في سياق هجمات إيرانية سابقة على العديد في 2025، يبدو أن قطر قد تفضل تحالفات إقليمية أكثر موثوقية، مما يهدد بتغيير خريطة القوى في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى