عبدالرحمن ابودوح
أثار الكشف عن اتجاهات داخل الخطة الأميركية الجديدة لإنهاء الحرب في غزة، والتي قد تقصر إعادة الإعمار على المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، موجة تحذيرات واسعة من دبلوماسيين وخبراء مصريين، مؤكدين أن مثل هذا المسار قد يؤدي إلى تقسيم فعلي للقطاع يستمر لسنوات.
جاء ذلك بعدما نقلت وكالة رويترز عن ستة مسؤولين أوروبيين مطلعين قولهم إن المرحلة المقبلة من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط قد تُبقي إعادة الإعمار محصورة في مناطق محددة، الأمر الذي يهدد بتكريس واقع جغرافي وسياسي جديد في غزة.
العرابي: مصر قادرة على إحباط محاولات التقسيم
من جانبه، حذر وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي في تصريحات لموقعي العربية.نت والحدث.نت من أن هناك “نوايا إسرائيلية واضحة لتقسيم غزة” تحت غطاء إعادة الإعمار، مؤكداً أن “مصر قادرة على إبطال هذه المحاولات كما فعلت سابقاً عندما أحبطت مخطط التهجير”.
وشدد العرابي على أن “فصل ما يُعرف بالخط الأصفر عن غزة مرفوض تماماً”، موضحاً أن إسرائيل تسعى من خلال حصر الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها إلى تقسيم القطاع بشكل غير مباشر وغير معلن. وأضاف: “عملية إعادة الإعمار يجب أن تشمل كامل القطاع وليس مناطق بعينها، وإلا فإنها ستُكرّس واقعاً مؤقتاً قد يتحول إلى دائم”.
وأشار الوزير الأسبق إلى أن الخط الأصفر الذي يفصل المناطق داخل القطاع يُفترض أن يكون حدوداً مؤقتة، لكن اقتصار العمل في نطاقه على مناطق السيطرة الإسرائيلية يثير مخاوف من تكريسه كحد دائم بين شمال وجنوب غزة.
الشحات: التقسيم “مخطط قديم” يجري تنفيذه تدريجياً
بدوره، اعتبر اللواء أركان حرب أحمد الشحات، الخبير في الأمن الإقليمي والدولي، أن تقسيم غزة ليس فكرة جديدة بل “مخطط ممنهج كان حبيس الأدراج منذ زمن طويل”، مؤكداً أن أحداث 7 أكتوبر شكّلت “ذريعة لإعادة تحريكه وتنفيذه عملياً”.
وأوضح الشحات أن إسرائيل تسعى إلى فرض ترتيبات أمنية جديدة في القطاع عبر تقسيمه إلى مناطق شمالية ووسطى وجنوبية، مشبهاً الوضع المحتمل بما حدث في اتفاقات أوسلو التي قسّمت الضفة الغربية إلى مناطق A وB وC.
وقال إن “الحكومة اليمينية الإسرائيلية الحالية تحاول فرض طوق عازل وفصل الشمال عن الوسط والجنوب، وتهيئة بيئة طاردة للسكان ضمن مخطط تهجير قسري يخدم التقسيم”.
وأكد أن جميع الأطراف الفلسطينية، سواء السلطة أو حماس، ترفض هذا السيناريو بشكل قاطع وتعمل على فضحه دولياً.
مستقبل غامض للخطة الأميركية
في المقابل، رأى المسؤولون الأوروبيون الذين تحدثوا لرويترز أن الخطة الأميركية قد لا تتقدم إلى ما بعد وقف إطلاق النار، ما لم تضغط واشنطن على تل أبيب لقبول دور فعلي للسلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، وفتح مسار سياسي نحو الدولة الفلسطينية.
وأضافوا أن غياب التحرك الأميركي الجاد سيجعل من الخط الأصفر حدوداً فعلية طويلة الأمد، تُقسّم غزة فعلياً بين مناطق تابعة لإسرائيل وأخرى خاضعة للفلسطينيين، في ما وصفه المراقبون بأنه أخطر تحول سياسي وجغرافي في مسار الصراع منذ 2023.




