دول الخليج الحليف القوي في مواجهة المتغيرات

بقلم/ محمد عبيد المهيري
في عودة درامية ومثيرة فاز دونالد ترامب بولاية رئاسية جديدة ليكون الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية متغلبا على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن، ليمثل مفاجأة بل وصدمة لأوساط كثيرة منها الداخل الأمريكي ذاته الذي لم يكن يتوقع هذه العودة.
تحديد من سيسكن البيت الأبيض ليس مهما فقط بالنسبة للمواطن الأمريكي ولكن للعالم أجمع، فالولايات المتحدة قوة عظمى ولا أحد ينكر ذلك وتؤدي دورا عالميا مؤثرا قد نتفق أو نختلف على بعض هذه الأدوار والسياسات لكن لا نختلف على أهمية العلاقات معها خاصة طبيعة العلاقة مع الرئيس الأمريكي الذي يكون له الدور الأبرز في ملفات السياسة الخارجية، الأمر الذي يهم دولنا وشعوبنا.
وفي هذا الإطار تحظى دول مجلس التعاون الخليجي كافة بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة تصب في صالح الطرفين ولم تتأثر بشكل كبير بغض النظر عن تعاقب الرؤساء الأمريكيين سواء كانوا من الحزب الديمقراطي مثل جو بايدن ونائبته هاريس، أو من الحزب الجمهوري مثل ترامب الذي قاد أمريكا خلال ولايته الأولي منذ عام 2016 إلى عام 2020 فقد ترك الرئاسة لبايدن ليعود إليها مجددا لمدة أربع سنوات.
ودون الخوض طويلا في النظام الأمريكي أو مدى قوة العلاقات الخليجية الأمريكية، نستطيع أن نؤكد أن دول مجلس التعاون الخليجي سواء ككتلة جماعية أو كل دول على حدة أصبحت رقما صعبا في النظام الدولي وليس الإقليمي فقد نجحت في فرض نفسها على موائد المفاوضات وحل الأزمات.
فحينما اندلعت الأزمة الأوكرانية الروسية في فبراير 2022 ورغم السياسة غير المنضبطة للرئيس بايدن تجاه دول الخليج وبرود العلاقات وموقفه من أزمات المنطقة العربية فور توليه السلطة، عاد مضطرا إلى دول الخليج يطلب دعمهم في حل أزمات الطاقة العالمية الناجمة عن حرب أوكرانيا بل والتوسط في ملف الأسرى بين موسكو وكييف وملفات أخرى.
جاء بايدن إلى المنطقة في قمة جدة للأمن والتنمية في يوليو 2022 ملتقيا بقادة دول الخليج على أمل البحث عن دعم لرؤيته، إلا أن الموقف الخليجي كان أقوى منطلقا من الحفاظ على مصالح وشعوب دول المنطقة فقط والتأكيد على الالتزام بالقانون الدولي والحل السلمي للصراعات.
وأمام هذه الصراعات والأزمات المتلاحقة سواء بحرب غزة أو تبعاتها كانت دول الخليج ركنا أساسيا في أي مقترحات للحل أو المفاوضات وطرح رؤى إنهاء هذه الأزمات وكانت محطة أولية وأساسية للمسؤولين الأمريكيين وغيرهم من قادة دول العالم.
ونقول هذا كله لنؤكد أنه سواء فازت هاريس أو ترامب، لن يكون ذلك ذا فارق بالنسبة لدول الخليج فهي صاحبة موقف ثابت وراسخ ينطلق من التعاون المشترك ودعم أمن واستقرار المنطقة والعمل لما فيه خير شعوبها، وهو ما جعلها رقما صعبا في أي معادلات إقليمية بل ودولية وعلى قادة الدول الكبرى المرور من دول الخليج أولا إن أرادوا تحقيق مصالح مشتركة أو البحث عن حل للأزمات المعقدة.
وكانت تهنئة قادة دول الخليج للرئيس ترامب، نابعة من هذا النهج فقد تقدم الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات بالتهنئة له ولنائبه جي دي فانس، مشيرا إلى أنه على مدى أكثر من خمسة عقود، يرتبط البلدان بعلاقات إستراتيجية وثيقة وشراكة تنموية متطورة محورها اقتصاد المستقبل، معربا عن تطلعه إلى مواصلة تعزيز هذه الشراكة خلال الفترة المقبلة لمصلحة البلدين والشعبين.