عرب وعالم

سفيرة الإيسيسكو للسلام ميس رضا تكتب: [رؤى استراتيجية لتفعيل الدبلوماسية الثقافية وحوار الحضارات في ظل عالم مليء بالتحديات]

الإيسيسكو

رندة رفعت

تُعد الدبلوماسية الثقافية اليوم واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة التي تمتلكها الدول، ولم تعد ترفًا فكريًا أو نشاطًا ثانويًا فهي تحمل رسائل حضارية وإنسانية قادرة على كسر الحواجز، وتقريب الشعوب، وخلق مساحات للحوار بعيدًا عن التوترات والصراعات.

وإذا كان هذا هو دور الدبلوماسية الثقافية، فإنها تلتقي بشكل طبيعي مع مفهوم حوار الحضارات، فالحوار بين الثقافات لا يقوم على فرض نموذج بعينه، بل بترك مساحة للإنصات المتبادل، ووسيلة لتجاوز الصور النمطية التي كثيرًا ما كانت وقودًا للتوتر، في عالم يموج بالأزمات السياسية وتصاعد خطاب الكراهية، يصبح هذا المسار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

لكن ما يضفي على هذا الموضوع زخمًا حقيقيًا هو دور الشباب، فالشباب ليسوا مجرد متلقين للثقافة أو مستهلكين لها، بل هم اليوم ركيزة أساسية وصُنّاعها وحاملوها إلى العالم بفضل إبداعهم وطاقاتهم واستخدامهم للتقنيات الرقمية استطاعوا أن يجعلوا من الموسيقى والفنون واللغة والإعلام جسورًا للتقارب الإنساني، كونهم الأكثر قدرة على أن يقدّموا صورة حقيقية عن أوطانهم والأكثر استعدادًا للانفتاح على ثقافات الآخرين وتبادل الخبرات معهم.

إن تفعيل الدبلوماسية الثقافية وحوار الحضارات لا يحتاج إلى قرارات رسمية فحسب، بل إلى إرادة تمنح الثقافة مكانتها في السياسة الخارجية وإلى رؤية تستثمر في طاقات الشباب وتجعلهم شركاء حقيقيين في صياغة خطاب حضاري جديد فبصوتهم وحماسهم وخبراتهم العابرة للحدود يمكن بناء عالم أكثر عدلًا، وأقرب إلى التفاهم والسلام.

الدبلوماسية الثقافية وحوار الحضارات ليسا رفاهية، بل ضرورة استراتيجية في عالم يزداد اضطرابًا، وحين نضع الشباب في قلب هذا المسار، نكون قد ضمنا أن تظل جسور الحوار مفتوحة، وأن تبقى الثقافة لغة مشتركة تعاند الكراهية وتزرع مكانها الحوار والتفاهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى