عرب وعالم

شينخوا تقرير خاص : حول أوجاع الشرق الأوسط في اليوم العالمي للعمل الإنساني

دعاء زكريا

ذكرت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) في تقرير خاص انه مع احتفال دول العالم باليوم العالمي للعمل الإنساني،  (الثلاثاء)، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غارقة في بعض من أخطر الأزمات على مستوى العالم، خاصة الإنسانية منها.

في غزة والسودان وسوريا ولبنان واليمن، تشتد الصراعات المسلحة في خضم الجوع والأمراض وانهيار شبكات المياه، حيث أصبحت المعاناة اليومية من أجل البقاء والبحث عن الطعام أو الدواء أو مياه الشرب، تحمل الآن خطر الموت.

النمط ثابت: حيثما تستمر الحرب، يتبعها الجوع والمرض. قد تُبطئ إمدادات الإغاثة الإنسانية الوتيرة، ولكن في غياب الإرادة السياسية لإنهاء القتال، فإن هذه المساعدات الأساسية تتقلص بشدة.

تُجسد غزة الأزمة في أشد صورها. في هذا الجيب الساحلي المحاصر، قد يكون البحث عن الطعام سببا في القتل المحقق.

فمع وجود قيود صارمة على دخول المساعدات الدولية، يواجه السكان خيارين محفوفين بالمخاطر: الاصطفاف في طوابير عند نقاط التوزيع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، أو الاندفاع نحو الإمدادات المُسقطة جوا. وكلاهما تسبب في حدوث وفيات.

(250716) — DAMASCUS, July 16, 2025 (Xinhua) — D

قال أبو محمد “كذبوا علينا. طلبوا منا الحضور للحصول على الطعام، لكن الجيش قتلنا”.

وأضاف لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن ابنه توفي في أثناء محاولته الحصول على الدقيق. “غادر في الصباح الباكر حتى لا يجوع أطفاله. قتلوه. هذا ظلم”.

تحت ضغط مواجهة الجوع، سمحت إسرائيل حديثا بإسقاط مساعدات جوية أجنبية على غزة. وتقول وكالات الإغاثة إن عمليات الإسقاط كانت غير فعّالة وخطيرة.

لا تزال المساعدات المقدمة عبر المنظمات الدولية محدودة للغاية. وتقول منظمات الإغاثة إن الرفض والتأخير أعاقا عملها.

إلى جانب غزة، تفاقمت الأزمات في أماكن أخرى من المنطقة، ولكن بعيدا عن الأضواء. تصف الأمم المتحدة الصراع المسلح في السودان بأنه واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في هذا القرن. فقد أدى أكثر من عامين من القتال إلى نزوح الملايين وتدمير الخدمات الأساسية.

في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أدى الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ مايو 2024 إلى قطع الإمدادات الغذائية والطبية عن مئات الآلاف من المحاصرين، بينما قضى التضخم المفرط على المدخرات وأجبر الناس على العيش على “الأمباز” – وهي بقايا الفول السوداني وبذور السمسم بعد استخراج الزيت، وتُستخدم عادة كعلف للحيوانات.

في اليمن، دخلت الحرب الأهلية الطاحنة عقدها الثاني، ويحتاج ثلثا سكان هذا البلد العربي الفقير – أكثر من 24 مليون نسمة – إلى المساعدة. لقد فاقم الانهيار الاقتصادي والصدمات المناخية وتقييد المساعدات من حدة هذه الحاجة الملحة.

تُقدم سوريا، ربما، الصورة الأوضح لصراع تحول إلى دائم. منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، اجتاحت موجاتٌ من العنف البلاد، ما أدى إلى نزوح جماعي امتدت عواقبه إلى ما وراء حدودها – من لبنان وتركيا إلى أوروبا.

أدت سنوات من القصف والعزلة الاقتصادية وتدمير البنية التحتية إلى تدمير الخدمات الأساسية. كما أن التخفيف البطيء للعقوبات الجزئية لا يزيد من فرص التعافي.

لطالما أكدت الأمم المتحدة أن هذه الكوارث ليست قدرا محتوما. وراء كل حالة طوارئ تكمن حقيقة أكثر تعقيدا: العوامل السياسية – أكثر من الفقر أو الكوارث الطبيعية – هي التي تُسبب الانهيار الإنساني في المنطقة.

يشير المحللون إلى الحروب المطولة، والعرقلة المتعمدة للمساعدات، والأهم من ذلك كله، تقويض الولايات المتحدة للنظام متعدد الأطراف وإجراءاتها أحادية الجانب، كعوامل رئيسية جردت المدنيين من أي شبكة أمان.

قال عصمت منصور، المحلل السياسي المقيم في رام الله، “لم تُسهم الولايات المتحدة في إيجاد هذه الأزمات فحسب، بل أسهمت بنشاط في خلقها وإدامتها”.

أنفقت الولايات المتحدة 17.9 مليار دولار أمريكي كمساعدات عسكرية لإسرائيل من أكتوبر 2023 حتى أكتوبر 2024، وفقا لمشروع تكاليف الحرب في جامعة براون.

بالإضافة إلى ذلك، استخدمت حق النقض (فيتو) ضد قرارات مجلس الأمن الدولي الداعية إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار على غزة.

وفي يوليو، فرضت واشنطن عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، مستشهدة بمدفوعات قالت إنها تدعم الإرهاب وجهود لإحالة الصراع إلى المحاكم الدولية.

وقد أثارت الخطوة الأمريكية انتقادات لاذعة من المجتمع الدولي.

وقال المنتقدون أيضا إن العقوبات الشاملة أحادية الجانب أدت إلى تعميق الانهيار الاقتصادي في كل من سوريا واليمن.

يُحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني في 19 أغسطس سنويا، تكريما لذكرى العاملين في المجال الإنساني الـ22 الذين قُتلوا في تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد عام 2003، من فيهم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق آنذاك سيرجيو فييرا دي ميلو. وبعد أكثر من عقدين من الزمن، لا يزال العراق يتعافى.

يقول الخبراء إن كسر هذه الحلقة المفرغة يتطلب أكثر من مجرد إغاثة طارئة، بل يتطلب سياسات مستقلة وشاملة ومكرسة لإنهاء الحروب لا لإدارتها.

زر الذهاب إلى الأعلى