عرب وعالم

غزة تواجه “إبادة باردة”

أيمن عامر

تعيش غزة هذه الأيام واحدة من أقسى موجات البرد والأمطار منذ بدء الحرب، ما دفع منظمات إنسانية وحقوقية إلى التحذير من “إبادة باردة” تهدد مئات آلاف المدنيين الذين فقدوا مصادر التدفئة والمأوى، ويقيمون في خيام لا تقي من العواصف أو السيول.

فقد أدت الأمطار الغزيرة إلى غرق مخيمات النزوح في مختلف مناطق القطاع، خصوصًا في رفح ودير البلح والمناطق الوسطى، حيث تُحوِّل السيول الخيام إلى مستنقعات طينية، وتُغرق الأغطية والفرش، ما يفاقم معاناة النازحين، خاصة الأطفال وكبار السن والمرضى. وتشير شهادات ميدانية إلى أن العائلات تضطر لقضاء الليل واقفة أو جالسة داخل خيام مشبعة بالمياه، في ظل انعدام وسائل التدفئة وانقطاع شبه كامل للكهرباء.

وتحذّر مصادر طبية من ارتفاع معدلات أمراض الجهاز التنفسي، والتهابات الصدر، ونزلات البرد الشديدة، وسط نقص حاد في الأدوية والمضادات الحيوية، وعدم قدرة المستشفيات المتضررة أساسًا على استيعاب المزيد من الحالات. كما تتخوف الجهات الإنسانية من موجة انتشار جديدة للأوبئة بسبب اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي نتيجة تدمير البنية التحتية.

وتؤكد منظمات إغاثية أن الوضع الإنساني بلغ مرحلة كارثية، إذ لا تتوفر خيام عازلة، ولا ملابس شتوية كافية، ولا مواد غذائية ملائمة للظروف المناخية، في حين يظل دخول المساعدات محدودًا ولا يلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان.

ويطالب مسؤولون فلسطينيون ومنظمات دولية بضرورة تدخل عاجل لتوفير ممرات إنسانية آمنة، وتمكين قوافل الإغاثة من إدخال مواد التدفئة، والخيام المقاومة للمطر، والبطانيات الثقيلة، إضافة إلى دعم القطاع الصحي بمستلزمات الطوارئ. ويؤكدون أن استمرار القصف مع سوء الأحوال الجوية يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين، ويجعل الشتاء “سلاحًا إضافيًا” يفاقم المأساة الإنسانية غير المسبوقة في غزة.


وسط هذا المشهد، يبقى سكان القطاع بين نار الحرب وقسوة الطبيعة، في ظل غياب حل سياسي أو إنساني يوقف الانهيار المستمر في الأوضاع المعيشية، ويضع حدًا لمعاناة تُوصف بأنها الإبادة الأبطأ والأبرد التي يشهدها الفلسطينيون منذ عقود


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى