محمد أبو طالب يكتب : ذوي الإعاقة .. وعود كبيرة ومعاناة بلا توقف

بقلم : محمد أبو طالب
الواقع أصبح مأساة كوميدية سوداوية ملف الأشخاص ذوي الإعاقة يدار اليوم بطريقة تجعل كل اجتماع مسرحية هزلية والكلمات والابتسامات تتوزع على الطاولات كعصا سحرية لحل كل المشاكل بينما الواقع يغرق تحت أقدام المسؤولين في صمت معاناة ملايين البشر الواقع يقول شيئًا واحدًا المشكلة ليست في الموارد ولا في الإمكانيات ولا في الخبراء المشكلة في إدارة ضائعة رؤى مفقودة وخطط للعرض فقط ويبدأ المشهد عند تصريح المسؤول الشهير “احنا شغالين على تغيير الوعي” والضحك هنا ليس من القلب إنه ضحك السخرية الوعي اتغير عند المسؤولين أما الواقع فهو يصرخ بلا صوت يمشي في نفس الطريق المليء بالوعود الكاذبة والفجوات المتراكمة
الأدهى من ذلك أن المسؤول لا يعرف المصطلحات الخاصة التي وضعتها الأسرة الدولية بعد جهود سنين طويلة من جميع خبراء العالم في ملف الأشخاص ذوي الإعاقة ولكنه يبدو أكبر وأعمق وأكثر فهمًا من كل هؤلاء الخبراء فيعتقد أن حكمه الشخصي وأسلوبه في الكلام يلغيان عقود الخبراء وجهود الدول ويجعلونه أقدر من كل الاتفاقيات الدولية والسخرية هنا مريرة لأنه بينما العالم كله عمل على توحيد المفاهيم وضمان حقوق ملايين البشر هناك من يظن أن الكلمة الكبيرة على الورق تغني عن الواقع وتكفي لإدارة حياة الناس
المسؤولون يكررون أيضًا عبارة “الموارد قليلة” لكن الذكي يعرف أن المشكلة ليست في الموارد بل في طريقة إدارتها كل الإمكانيات مهما كانت بسيطة يمكن أن تُضاعف قيمتها لو وُضعت في الاتجاه الصحيح لكن الإدارة الحالية تتعامل مع الموارد كأنها كنوز مخفية لعبة ورق توزع على طاولة الاجتماعات لا أكثر ولا أقل والنتيجة أن كل الخطط التي يتم تنفيذها هي خطط الورق الاجتماعات التصريحات الفيديوهات الإعلامية كل شيء على الورق كل شيء للعرض وكل شيء يترك الناس في صمت معاناة يومية لا تنتهي
الخطط الوطنية والاستراتيجية والرؤية الشاملة موجودة على الورق فقط كل خطة تتكرر كما لو كانت حلقة مسلسل لا نهاية لها بينما الواقع يتجاهلها والناس يظلّون في دوامة الانتظار كل تصريح على الورق يضيف إلى الصورة فقط لكنه لا يحدث أي تغيير حقيقي على الأرض السخرية هنا مضاعفة لأن كل ورقة جديدة تضيف وهم الإنجاز بينما الحقيقة على الأرض لم تتغير
المسؤولون يستخدمون مصطلحات عشوائية مثل “تغيير الوعي” بدل المصطلحات المعتمدة دوليًا وكأنها لعبة يمكن تبديلها الوعي ليس لعبة ليس اختيارًا ليس مصطلحًا للتجميل الإعلامي وعندما يتغير المصطلح بدون فهم يتحول كل الكلام إلى موسيقى خلفية بلا لحن وحياة الناس تصبح مجرد حروف فارغة على ورق بلا معنى والضحك هنا ليس للمتعة إنه ضحك القهر لأنه يظهر التناقض بين كلام المسؤولين الجميل وحقيقة الواقع الذي يعيش فيه ملايين البشر بلا حماية أو دعم حقيقي
الحياة اليومية للمستفيدين من الخدمات تُدار بدون خطة حقيقية بدون أولويات بدون متابعة كل يوم يمر هو معاناة جديدة وكل وعد غير مطبق يزيد من حجم الألم والخذلان والضحك هنا سخرية موجعة لأنه يكشف فجوة ضخمة بين الكلام على الورق وبين المعاناة الحقيقية وبين الحاجة الفعلية والحل الممكن والذي يمكن تحقيقه بسهولة لو وُضعت الإمكانيات في مكانها الصحيح
الحل موجود الإمكانيات موجودة الخبراء موجودون ولكن الإدارة غائبة أو غير فعالة جلسة واحدة حقيقية بين خبراء الإعاقة وخبراء الاقتصاد يمكن أن تنتج خطة عملية أهداف واضحة جدول زمني محدد توزيع موارد مناسب أدوات قابلة للقياس والتنفيذ لكن الإدارة الحالية تفضل الاجتماعات الشكلية والخطط للعرض تاركة الواقع يمضي بلا تغيير تاركة معاناة صامتة تكبر يومًا بعد يوم حتى أبسط الإجراءات إذا أُديرت بوعي يمكن أن تحدث فرقًا أكبر من كل الاجتماعات والفيديوهات الإعلامية
ملف الأشخاص ذوي الإعاقة ليس ناقصًا فلوسًا ولا خبراء ناقص إدارة حقيقية الإدارة الصحيحة تفهم الاحتياجات تدير الإمكانيات تحدد الأولويات وتنفذ خطة على الأرض الآن الإدارة موجودة على الورق فقط والواقع يصرخ بلا أذن تسمعه كل يوم يمر كل تصريح يُتلى على الورق كل خطة تُوضع في الدرج يزيد حجم المعاناة ويثبت أن الحل موجود ولكن العقل المسؤول غائب والمعاناة مستمرة بلا توقف
كل يوم يمر كل وعد يتأخر كل ورقة تُوضع في الدرج يزيد فجوة الألم والخذلان ويجعل المسؤول أكثر ثقة بأن ما يفعله على الورق يكفي بينما الواقع يصرخ ويغرق المعاناة تتضاعف والضحك هنا سخرية قاتلة لأنه يظهر حجم التناقض بين الكلام المريح للضمير والكوارث اليومية التي يعيشها ملايين البشر والذين يعتمدون على إدارة رشيدة تتفهم حقوقهم وتضع خططًا قابلة للتطبيق
الأشخاص ذوو الإعاقة لا يحتاجون شفقة ولا كلمات جميلة ولا خطط منفوخة يحتاجون إدارة ذكية عقل صافي رؤية واضحة وتنفيذ فعلي لو تم ذلك حياتهم ستتغير أملهم سيعود والبلد كله سيشهد تحسنًا حقيقيًا ولو لم يحدث يبقى نكمل نضحك ضحك السخرية ضحك القهر ضحك المصري الذي يقول لنفسه “اضحك عشان لو وقفت عن الضحك هتعور على طول” الضحك هنا ليس رفاهية إنه وسيلة للبقاء على قيد الحياة والمأساة حقيقية والإدارة سيئة والحل موجود والعقل المسؤول لا يزال ضائعًا تاركًا الناس في مواجهة يومية مع واقع يصرخ بالمعاناة




