أمن وحوادث

نهاية قضية شيماء جمال: إعدام الزوج وشريكه يُنهي فصول الجريمة

 

كتبت :إيمان خالد خفاجي 

في فجر يوم الثلاثاء، أُسدل الستار بشكل نهائي على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في السنوات الأخيرة بمصر، وهي قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال. تم تنفيذ حكم الإعدام شنقًا بحق زوجها، المستشار أيمن حجاج، وشريكه حسين الغرابلي، داخل سجن الاستئناف، وذلك بعد استنفاد كل درجات التقاضي وتصديق المفتي ورئاسة الجمهورية على الحكم. هذا التنفيذ جاء ليؤكد أن العدالة تسير في طريقها الصحيح، بغض النظر عن منصب أو مكانة المتهم.

رحلة العدالة: من البلاغ الكاذب إلى الإعدام

بدأت فصول هذه المأساة في يونيو 2022، عندما تقدم أيمن حجاج ببلاغ عن اختفاء زوجته الإعلامية، مدعيًا أنها خرجت لتصفيف شعرها ولم تعد. ولكن سرعان ما بدأت الشكوك تحوم حول روايته، خاصة بعد أن كشف شريكه في الجريمة، حسين الغرابلي، عن التفاصيل الصادمة.

أرشد الغرابلي عن مكان دفن الجثة داخل مزرعة نائية في منطقة البدرشين، حيث تم العثور عليها في 28 يونيو 2022. مع اكتشاف الجثمان، انطلقت النيابة العامة في تحقيقات مكثفة كشفت عن تفاصيل مروعة للجريمة التي لم تكن عفوية بل كانت مخططًا لها مسبقًا.

تفاصيل الجريمة: خطة محكمة وتوقيت دموي

كشفت التحقيقات أن أيمن حجاج خطط لقتل زوجته بسبب خلافات حادة بينهما وتهديدها له بفضح أسرار قد تضر بمسيرته المهنية. استدرجها إلى المزرعة بحجة المصالحة، وهناك، قام بالاعتداء عليها.

أظهرت الأدلة أن حجاج ضربها بمقبض سلاح ناري حتى فقدت وعيها، ثم قام بخنقها بمساعدة شريكه حسين الغرابلي حتى فارقت الحياة. بعد ذلك، قام الاثنان بدفن الجثة في حفرة أعداها مسبقًا، واستخدما أدوات حفر ومواد حارقة لمحاولة تشويه الجثة وإخفاء ملامحها.

خلال المحاكمات، كشفت النيابة العامة أن “كلمة السر” التي أعطى بها حجاج إشارة البدء في تنفيذ الجريمة كانت جملة “اعمل لنا شاي يا حسين”، لتكون بمثابة إشارة الانقضاض على الضحية.ادلة دامغة وشهادات حاسمةعتمدت النيابة العامة في قضيتها على مجموعة من الأدلة القوية التي لم تترك مجالًا للشك في ارتكاب المتهمين للجريمة:

اعترافات المتهم الثاني: كان اعتراف حسين الغرابلي وتحديده لمكان الجثة بمثابة مفتاح القضية.

شهادة الشهود: قدم 10 شهود، من بينهم صاحب المتجر الذي اشترى منه المتهمان أدوات الحفر والمادة الحارقة، شهادات أيدت وقوع الجريمة.

تقارير الطب الشرعي: أكد تقرير الطب الشرعي أن وفاة شيماء جمال كانت نتيجة “كتم النفس والضغط الشديد على العنق”.

الأدلة الجنائية: تطابقت البصمات الوراثية للمتهمين مع الآثار التي وجدت على قطعة قماش استُخدمت في الجريمة.

بيانات الاتصالات: أثبتت سجلات الاتصالات وجود المتهمين في موقع المزرعة وقت حدوث الجريمة.

شهادة الابنة: أدلت الطفلة جنى، ابنة شيماء جمال البالغة من العمر 11 عامًا، بشهادة حاسمة. ذكرت أنها سمعت مشادة كلامية بين والدتها وزوجها، هددت فيها والدتها بإعلان زواجهما رسميًا عبر “فيسبوك”.

مسار القضية في المحاكم

مرت القضية بمراحل قضائية متتالية:

27 يونيو 2022: صدر بيان رسمي من النيابة العامة ببدء التحقيقات.

30 يونيو 2022: أُلقي القبض على أيمن حجاج في السويس بعد محاولته الهرب.

7 يوليو 2022: أحالت النيابة المتهمين إلى المحاكمة بتهمة “القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد”.

20 يوليو 2022: خلال أولى جلسات المحاكمة، اعترف المتهم أيمن حجاج بالجريمة.

16 أغسطس 2022: قررت المحكمة إحالة أوراق المتهمين إلى المفتي لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهما.

11 سبتمبر 2022: أصدرت المحكمة حكمًا نهائيًا بالإعدام شنقًا.

8 يوليو 2024: رفضت محكمة النقض الطعن المقدم من الدفاع وأيدت حكم الإعدام، ليصبح الحكم واجب النفاذ.

قصاص عادل وراحة نفسية

كانت والدة الإعلامية الراحلة تعبر عن مشاعرها المتناقضة بين الحزن والارتياح. ففي مشهد إنساني مؤثر، أعلنت عن إقامة عزاء لابنتها، واصفة حكم الإعدام بأنه “قصاص عادل” يريح قلبها بعد سنوات من الانتظار.

وبتنفيذ حكم الإعدام، طويت صفحة واحدة من أبشع الجرائم التي هزّت الرأي العام المصري، لتبقى قضية شيماء جمال شاهدًا على أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تسقط أبدًا.

زر الذهاب إلى الأعلى