أمن وحوادث

رحيل صوت غزة.. الصحفي صالح الجعفراوي يودّع الحياة بعد أن بشّر بالسلام

 

كتبت:إيمان خالد خفاجي

12 أكتوبر/تشرين الأول 2025

لم تمر سوى أيام قليلة بين ابتسامة الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي وهو يعلن فرحته بوقف إطلاق النار في غزة، وبين لحظة سقوطه شهيداً في حي الصبرة، بعدما اخترقت الرصاصات جسده وهو يؤدي رسالته التي آمن بها حتى آخر نفس: أن يوصل صوت غزة للعالم.

“وأخيراً انتهت هذه الحرب”.. كانت تلك كلماته الأخيرة التي نشرها على حسابه عبر منصة “إكس”، قبل أن يتحول اسمه بعدها بساعات إلى وسمٍ يتصدر مواقع التواصل، ويُكتب أمامه: الصحفي صالح الجعفراوي في ذمة الله.

يُقتل من أجل الحقيقة

نقلت وكالة “بي بي سي” عن مراسلها عدنان البرش أن اشتباكات عنيفة اندلعت في حي الصبرة جنوب غرب مدينة غزة، بين عناصر من وحدة سهم الأمنية التابعة لحركة حماس وميليشيا مسلحة خارجة عن القانون، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً، من بينهم الصحفي صالح الجعفراوي وعدد من زملائه أثناء تغطيتهم للحدث.

 

كما قُتل نعيم باسم نعيم، نجل القيادي في حركة حماس وعضو مكتبها السياسي باسم نعيم، متأثراً بجروحه في الأحداث نفسها. وأكدت مصادر من مستشفى المعمداني في غزة وفاة الجعفراوي إثر إصابته برصاص مسلحين مجهولين أثناء عمله الميداني.

اتهامات متبادلة ودماء لا تجف

اتهمت حركة حماس الميليشيا المسلحة بأنها خارجـة عن القانون، وأنها مارست أعمال نهب وسلب خلال الحرب، بل وتعاونت مع الجيش الإسرائيلي في بعض العمليات.

وقالت وزارة الداخلية في غزة لقناة الأقصى إنها “مصممة على فرض النظام ومحاسبة المتورطين في القتل”، مؤكدة أن دماء الصحفيين “لن تذهب هدراً”.

“نحب الحياة ونستحقها”

كان الجعفراوي، البالغ من العمر 27 عاماً، قد نشر قبل مقتله رسالة مؤثرة كتب فيها:

 

> “بدكم مليون سنة حتى تكسروا إرادة الشعب الفلسطيني، ومش رح تكسروها.. إحنا شعب بنحب الحياة وبنستحقها.”

كلماته تلك أصبحت اليوم شعاراً يتداوله أصدقاؤه ومتابعوه الذين رأوا فيه نموذجاً للشاب الفلسطيني الذي عاش بين الحرب والأمل، بين الكاميرا والخطر، بين الموت والإصرار على الحياة.

من النجاة إلى الغياب

نجا صالح من حربٍ مدمّرة استمرت لعامين، لكنه لم ينجُ من رصاصةٍ غادرة بعد أيام فقط من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع بضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

قبل ساعات من إعلان مقتله، أعلن ناشطون عن اختفائه، إلى أن تأكدت وفاته على يد “عصابات خارجة عن القانون” – وفق ما نقله الصحفي الفلسطيني عبود بطاح.

الإنسان الذي أحب القطط والحياة

في مقاطع متداولة عبر حساباته على “إنستغرام”، يظهر الجعفراوي وهو يلاعب قطته الصغيرة، ويحدثها عن “انتهاء الحرب والخوف”. بعدها مباشرة، يظهر أمام عدسة هاتفه مشهد الدمار في غزة قائلاً: “لكن الحياة راح ترجع مهما صار.”

وفي آخر ما نشره على منصة “إكس”، كتب لصديقه الشهيد أنس الشريف الذي اغتالته إسرائيل:

> “بوعدك يا أنس نكمّل المشوار.”

لكن القدر لم يمهله.. ورحل هو الآخر، ليُكمل المشوار بصمته، تاركاً خلفه صورةً تروي قصة جيلٍ فلسطينيٍّ أحبّ الحياة رغم الموت، وأصرّ أن يبقى صوت غزة حياً لا يُغتال.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى