إدانة دولية لعرقلة المساعدات وتصاعد العنف في غزة مع توغل الدبابات الإسرائيلية بدير البلح

عبدالرحمن ابودوح
في تصعيد للضغط الدولي على إسرائيل، نددت كل من بريطانيا و24 دولة أخرى، اليوم الاثنين، ببطء توزيع المساعدات والقتل “غير الإنساني” للمدنيين في غزة، مطالبين بإنهاء فوري للحرب. يأتي هذا البيان المشترك في ظل توغل الدبابات الإسرائيلية لأول مرة في الأحياء الجنوبية والشرقية من مدينة دير البلح بقطاع غزة، مما أثار مخاوف جديدة بشأن مصير المدنيين والرهائن المحتجزين.
دعوات لوقف فوري لإطلاق النار وانتقادات لنموذج المساعدات الإسرائيلية
في بيان مشترك، أكد وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وأستراليا وكندا والدنمارك ودول أخرى أن “الحرب في غزة يجب أن تنتهي الآن”. وشدد البيان على أن نموذج تقديم المساعدات الذي تتبعه الحكومة الإسرائيلية “خطير ويغذي عدم الاستقرار ويحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية”. وأشار الوزراء إلى مقتل أكثر من 800 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، منددين بما وصفوه بـ “التوزيع غير المنظم للمساعدات والقتل الوحشي للمدنيين”.
جدل حول “مؤسسة غزة الإنسانية” ودورها في توزيع المساعدات
معظم القتلى سقطوا بالقرب من مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي كيان تدعمه إسرائيل والولايات المتحدة لتوزيع المساعدات في غزة، متجاوزة شبكة تقودها الأمم المتحدة. تعتمد المؤسسة على شركات أمنية ولوجستية أمريكية خاصة لإيصال الإمدادات، وتزعم إسرائيل أن نظام الأمم المتحدة سمح لحركة حماس بنهب شحنات المساعدات، وهو ما تنفيه حماس. من جانبها، وصفت الأمم المتحدة نموذج مؤسسة غزة الإنسانية بأنه غير آمن ويشكل انتهاكًا لمعايير الحياد الإنساني، وهو ما تنفيه المؤسسة.
توغل إسرائيلي في دير البلح وتصاعد أعداد الضحايا
توغلت الدبابات الإسرائيلية في أحياء دير البلح الجنوبية والشرقية اليوم، ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن بعض الرهائن المتبقين محتجزون هناك. وتكتظ المنطقة بالنازحين الفلسطينيين، الذين فر مئات منهم غربًا أو جنوبًا بعد أوامر الإخلاء الإسرائيلية. أفاد مسعفون في غزة بمقتل ثلاثة فلسطينيين على الأقل وإصابة آخرين في قصف بالدبابات استهدف منازل ومساجد في دير البلح. كما قُتل خمسة أشخاص على الأقل، بينهم عائلة من رجل وزوجته وطفليهما، داخل خيمة في غارة جوية إسرائيلية على خان يونس في وقت سابق اليوم.
أرقام صادمة وتفاقم الأزمة الإنسانية
أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 130 فلسطينيًا على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من ألف بنيران إسرائيلية وغارات في أنحاء القطاع خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو أحد أعلى المعدلات في الأسابيع الأخيرة. ولم تعلق إسرائيل بعد على واقعتي دير البلح وخان يونس.
على صعيد آخر، أفاد مسؤولون صحيون بنقص الوقود والمساعدات الغذائية والأدوية في المستشفيات، مما يهدد بتوقف العمليات الأساسية. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، خليل الدقران، إن الطواقم الطبية تعتمد على وجبة واحدة يوميًا، وأن مئات الأشخاص يتدفقون على المستشفيات وهم يعانون من التعب والإرهاق بسبب الجوع.
اعتقال مدير مستشفيات غزة الميدانية وتداعياتها على محادثات وقف إطلاق النار
في جنوب غزة، ذكرت وزارة الصحة أن وحدة إسرائيلية سرية اعتقلت مروان الهمص، مدير مستشفيات غزة الميدانية، اليوم، في عملية أسفرت أيضًا عن مقتل صحفي محلي وإصابة آخر خارج منشأة طبية ميدانية تديرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق.
يبدو أن التوغل في دير البلح وزيادة أعداد القتلى يعقدان محادثات وقف إطلاق النار الجارية بين حماس وإسرائيل بوساطة قطرية ومصرية وبدعم من الولايات المتحدة. وقد عبر مسؤول في حماس عن غضب الحركة من تزايد أعداد القتلى وأزمة الجوع في القطاع، مما قد يؤثر سلبًا على المحادثات بشأن هدنة لمدة 60 يومًا واتفاق لإطلاق سراح الرهائن.
تحذيرات من المجاعة ونداءات لرفع الحصار
حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من المجاعة في غزة، مشيرة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية 40 ضعفًا، وتلقيها رسائل يائسة من السكان. ودعت الأونروا إلى رفع الحصار والسماح بدخول المساعدات “بأمان وعلى نطاق واسع”.
اتهامات متبادلة حول استهداف طالبي المساعدات
تأتي هذه التطورات بعد مقتل 67 فلسطينيًا على الأقل، بحسب وزارة الصحة في غزة، أثناء انتظارهم دخول شاحنات مساعدات تابعة للأمم المتحدة، بعد يوم واحد من مقتل 36 آخرين في ظروف مماثلة. من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت أعيرة تحذيرية نحو آلاف الأشخاص في شمال غزة للتخلص من “تهديد فوري”، مشيرًا إلى أن أعداد القتلى المبلغ عنها مبالغ فيها، وأنه “بالتأكيد لا يستهدف شاحنات المساعدات الإنسانية عمدا”. وأكد الجيش التزامه بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.
جاءت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة في أعقاب هجوم شنته حماس في السابع من أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واقتياد 251 أسيرًا إلى غزة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية. وقد أدت الحملة الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 59 ألف فلسطيني وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، مع نزوح معظم سكانه البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.