
دعاء زكريا
قال أحمـد أبـو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية فى كلمته في افتتاح المنتدى العربي الأول للذكاء الاصطناعى بالعلمين
يعد هذا المنتدى استكمالاً للجهد والعمل المتواصل لمنظومة العمل العربي المشترك في التعامل مع التحديات والمستجدات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، باعتباره مجالاً بالغ الأهمية والحيوية، ومتداخلاً في جميع مناحي الحياة العصرية… وجهد منظومة العمل العربي على هذا الصعيد واضح، ونتائجه ملموسة… بداية باعتماد مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات للاستراتيجية العربية للذكاء الاصطناعي في يناير 2024.. ومروراً بعقد دائرة الحوار العربية للذكاء الاصطناعي في العالم العربي بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية في شهر فبراير الماضي بمشاركة خبراء عرب وأجانب متخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي… وليس انتهاء بما خلصت إليه لجنة التنسيق العليا في دورتها المنعقدة في أبريل الماضي بتونس، بالطلب من الدول العربية التعامل مع موضوع الذكاء الاصطناعي باعتباره أولوية استراتيجية في خطط التنمية الوطنية للدول العربية… وأخيراً، نشير أيضاً إلى القرار المهم الصادر عن القمة العربية التنموية الأخيرة المنعقدة في شهر مايو ببغداد حول مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية بشأن الذكاء الاصطناعي، ودعوة الدول الأعضاء لتبني المبادرة ومكوناتها الرئيسية،
وعقد منتدى عربي سنوي للذكاء الاصطناعي لمتابعة تنفيذها، وتبادل أفضل الممارسات وعرض التجارب العربية والدولية في هذا المجال.
ويقول ايو الغيط إن أهمية ورمزية عقد المنتدى العربي للذكاء الاصطناعي… تكمن في التوقيت… حيث أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم بمثابة قوة دافعة ومنصة شاملة تنطلق منها الأفكار الجديدة والتكنولوجيات الفائقة في كل المجالات… من الاقتصاد والتعليم، إلى الصحة والأمن… ومن الزراعة والنقل إلى الإعلام والثقافة.
وفي هذا المقام، أعاود التأكيد على ما سبق وأشرت إليه خلال افتتاح دائرة الحوار لعربية للذكاء الاصطناعي في شهر فبراير الماضي… بأن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تكنولوجية، بل ثورة في طريقة التفكير والعمل، وإن تطوراته ومستجداته متسارعة بشكل غير مسبوق أو متصور، خاصة على صعيد ما يعرف بــ”النماذج اللغوية الكبيرة”، والذكاء التوليدي… وبما جعل المشهد أقرب إلى “سباق تسلح” بين القوى الكبرى في ابتداع منظومات وتطبيقات جديدة لهذه التكنولوجيا التي لا تكاد تشبه أي تكنولوجيا أخرى عرفها الإنسان من حيث القدرة على توليد الأفكار والتطوير الذاتي المستمر.
ومما لا شك فيه، أن الوعي المتزايد بأهمية التعاون والعمل المشترك المخلص والجاد في هذا المجال تحديداً، قادر على وضع المنطقة العربية في المكانة التي تستحقها… ومنتدى اليوم يُعد فرصة مهمة لبحث جاد ونقاش موسع على التوازن المنشود والآلية المطلوبة للتعامل مع المخاطر المحتملة الناتجة عن تأثير التنافس المفتوح في هذا المجال على القيم الإنسانية والاعتبارات الأخلاقية، مع العمل في نفس الوقت – وبكل قوة – على تحصيل المكاسب المنتظرة الناتجة عما يتيحه الذكاء الاصطناعي من إمكانيات غير مسبوقة للنمو والازدهار البشري.
وفي هذا السياق، لا يفوتني الإعراب عن التقدير لجهود مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات… وسعيهم الدؤوب لمواكبة ما يستجد من حولنا من تطورات… فبعد اعتماد المجلس للاستراتيجية العربية للذكاء الاصطناعي في يناير 2024… اعتمد المكتب التنفيذي للمجلس في شهر يوليو الماضي “الميثاق العربي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي”، كوثيقة استرشادية ترمي إلى وضع إطار عام يستند إلى مجموعة من المبادئ تساعد على توجيه الجهود نحو الاستخدام المسئول والمنصف للذكاء الاصطناعي، وبما يضمن احترام الخصوصيات الثقافية والقيم المجتمعية في المنطقة العربية.
كما لا يفوتني الإعراب عن التقدير لدور الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري البارز في السنوات الأخيرة في كيفية التعامل مع هذا الملف الحيوي ومواكبة تطوراته… ومن هذا المنطلق، أتطلع إلى مضاعفة الجهود العربية المبذولة في البحث والتطوير والابتكار في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات… فللأسف، وبرغم وجود بعض المبادرات المتميزة… إلا أن المشهد العام في المنطقة يعكس ضعفاً في حجم الإنفاق على البحث والتطوير في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
والأكيد، أن ضخ مزيد من الإنفاق على البحث والتطوير، سوف يعزز من فرص المنطقة العربية في استقطاب الاستثمارات الخارجية والداخلية، وسيسهم في رفع قدرة الدول العربية على الانتقال من كونها مجرد مستهلك لهذه التكنولوجيا إلى منتج ومطور لها… بل وسيساعد أيضاً على رأب الفجوة الرقمية بين الدول العربية وبعضها البعض.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى الأكاديمية على التنظيم المتميز لأعمال هذا المنتدى الهام… والشكر موصول إلى هذه النخبة من المسئولين، وصناع القرار، والأكاديميين، والخبراء، ورواد الأعمال من الدول الأعضاء ومنظمات ومؤسسات العمل العربي المشترك، ومن مختلف الجهات الذين حرصوا على المشاركة والحضور وإثراء محاور جلسات المنتدى… متمنياً لكم جميعاً التوفيق والنجاح… وإنني على يقين بأن مداولاتكم وتوصياتكم ستسهم بشكل كبير في رسم ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي، وفي توظيف هذه التكنولوجيا الواعدة لخدمة أهدافنا التنموية والحضارية.