عرب وعالم

اختفاء 120 مدافعاً عن الموارد الطبيعية في أمريكا اللاتينية

كولومبيا تتصدر قائمة القتلى رغم اتفاقية إسكاثو

من جديد، تضع منظمة غلوبال ويتنس أميركا اللاتينية في صدارة المناطق الأكثر خطورة على المدافعين عن البيئة والأراضي. ففي تقريرها الصادر حديثاً، وثّقت المنظمة مقتل أو اختفاء 146 شخصاً حول العالم عام 2024، كان نصيب المنطقة وحدها 120 حالة، أي أكثر من 80% من الإجمالي.

كولومبيا في الصدارة

تصدرت كولومبيا المشهد القاتم بـ48 حالة قتل، أي ما يقارب ثلث الضحايا عالمياً، لتبقى الدولة الأخطر على حياة النشطاء. أما غواتيمالا فقد شهدت قفزة مقلقة في حصيلة الضحايا من 4 حالات في 2023 إلى 20 في 2024، لتسجل أعلى معدل عالمي لجرائم القتل ضد المدافعين مقارنة بعدد السكان. بينما جاءت المكسيك في المرتبة الثالثة بـ18 حالة، ثم البرازيل بـ12 حالة.

لكن ماذا تعني هذه الأرقام؟ وهل تكشف فقط عن ضعف الحماية القانونية أم عن تواطؤ بين المصالح الاقتصادية والجريمة المنظمة؟

موارد غنية… وعنف متصاعد

الباحثة في المنظمة لورا فورونيس أوضحت أن الدول الغنية بالموارد الطبيعية تعاني صراعات متزايدة على الأراضي ومشروعات الاستخراج مثل التعدين والزراعة التجارية. هذه الصراعات، بحسبها، تتحول غالباً إلى مواجهات دموية تستهدف كل من يحاول الدفاع عن حقوقه أو حقوق مجتمعه.

ومنذ عام 2012، وثّقت المنظمة أكثر من 2,250 حالة قتل أو اختفاء للمدافعين في العالم، ثلاثة أرباعها تقريباً وقعت في أميركا اللاتينية، رغم توقيع اتفاقية إسكاثو عام 2018 لحماية المدافعين وضمان مشاركة المجتمعات في القرارات البيئية. لكن لماذا لم تُترجم هذه الاتفاقية إلى واقع ملموس؟ ولماذا تتباطأ الحكومات في تطبيقها؟

السكان الأصليون في قلب المواجهة

التقرير أشار أيضاً إلى أن الشعوب الأصلية تتحمّل النصيب الأكبر من العنف، إذ شكّلوا ثلث الضحايا رغم أنهم لا يمثلون سوى 6% من سكان العالم. 94% من هذه الهجمات وقعت في أميركا اللاتينية وحدها.

في إقليم كاوكا الكولومبي، يعمل شباب السكان الأصليين على إنشاء “مشاتل” مجتمعية لتدريب الأطفال والمراهقين على حماية البيئة وصون التقاليد والدفاع عن أراضيهم. لكن إلى أي مدى يمكن لهذه المبادرات الشعبية أن تصمد أمام تهديد الجماعات المسلحة وشركات الاستخراج؟

المزارعون أيضاً تحت النار

لم يكن السكان الأصليون وحدهم الضحايا؛ فالمزارعون الصغار شكّلوا نحو 35% من المستهدفين. كثير من الجرائم ارتبطت بنزاعات على الأراضي مع شركات التعدين والزراعة الكبرى. وتشير تقارير إلى تورط جماعات الجريمة المنظمة في 42 حالة، إلى جانب قوات أمن خاصة و”قتلة مأجورين”.

الأمازون… ساحة مفتوحة

إقليم بوتومايو في كولومبيا يعكس حجم التعقيد: موارد طبيعية غنية، موقع استراتيجي، لكن أيضاً طرق تهريب نشطة للمخدرات والمعادن. هنا يصبح الدفاع عن الأرض مرادفاً للعيش تحت تهديد دائم. أحد النشطاء هناك لخص الأمر بقوله: “مجرد أن ترفع صوتك يعني أنك تصبح هدفاً عسكرياً”.

تقرير “غلوبال ويتنس” ليس مجرد أرقام، بل جرس إنذار متجدد بأن حماية البيئة في أميركا اللاتينية لا تزال مرتبطة بالموت. وبينما تواصل الشعوب الأصلية والمزارعون الصغار نضالهم، يبقى السؤال: هل يتحول الحق في الدفاع عن الأرض من خطر شخصي إلى أولوية إقليمية وعالمية؟

زر الذهاب إلى الأعلى