الجامعة العربية تتحرك دوليا لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة

أيمن عامر
اجتمعت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولي لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة، برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية وعضوية كلٍ من: جمهورية العراق بصفتها رئيس القمة العربية الحالية، دولة فلسطين، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن، جمهورية الصومال الفيدرالية بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن، المملكة العربية السعودية، دولة قطر، جمهورية مصر العربية، المملكة المغربية، الجمهورية التونسية والأمين العام لجامعة الدول العربية، في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتاريخ الرابع من شهر سبتمبر/ أيلول 2025 على هامش أعمال الدورة العادية 164 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري.
يأتي الاجتماع العاشر للجنة استناداً إلى قرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري د.غ.ع رقم 8660 بتاريخ 11/5/2021 بشأن العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس المحتلة وأهلها بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف وحي الشيخ جراح، والذي قرر تشكيل لجنة وزارية عربية للتحرك والتواصل مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرها من الدول لا سيما المؤثرة دولياً.
عرض نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية أيمن الصفدي مستجدات التجاوزات والانتهاكات الإسرائيلية في القدس وجهود عمل اللجنة منذ اجتماعها التاسع الذي عقد في نيسان من العام الجاري، والتحركات والاتصالات التي قامت بها، الى جانب الدول الأعضاء، مع الدول المؤثرة والمنظمات الدولية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية التي تستهدف مدينة القدس المحتلة وأهلها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وسبل مواجهة ووقف هذه الاعتداءات المدانة والانتهاكات المرفوضة والمتزامنة مع استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، والتصعيد الإسرائيلي الخطير في الضفة الغربية.
كما استمعت اللجنة إلى إحاطة من معالي وزيرة الخارجية والمغتربين في دولة فلسطين، فارسين شاهين، حول ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم العدوان والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، بما فيها الاستهداف الممنهج لمدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وأهلها، من حملات استيطان وتهويد وقتل واعتقال وإبعاد وهدم منازل ومصادرة أراض وأملاك، ومحاولات طمس الهوية العربية للقدس، وما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك، من اقتحامات يومية للجماعات اليهودية المتطرفة بأعداد غير مسبوقة، بحماية ورعاية سلطات الاحتلال، يتخللها رموز وطقوس يهودية، في محاولة لترسيخ التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، إضافة لتكثيف الحفريات غير المشروعة أسفله. وأشارت الوزيرة إلى مخاطر تنفيذ حكومة الاحتلال للمخطط الاستيطاني الاستعماري (E1)، الذي يسعي إلى عزل مدينة القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني، وتكريس تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة عن بعضها، مما يقوض تجسيد دولة فلسطين وتواصلها الجغرافي، ويفاقم الصراع في المنطقة، وطالبت بتحرك عربي ودولي أكثر فعالية لوقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية.
أدان أعضاء اللجنة الإجراءات الهادفة إلى عزل مدينة القدس والتضييق على ساكنيها وآخرها المصادقة على خطة الاستيطان في منطقة E1، تمهيداً لمحاصرة البلدة القديمة وعزلها عن محيطها الفلسطيني، وفي محاولة لتقويض إقامة الدولة الفلسطينية، وفي اعتداء سافر على حق الشعب الفلسطيني في تجسيد دولته المستقلة.
كما أدان أعضاء اللجنة جميع الإجراءات الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي والطابع التاريخي والديني لمدينة القدس، ووضع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وأكدوا على أن هذه الممارسات والانتهاكات مخالفة للقوانين الدولية والقرارات الشرعية الدولية، إضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكد ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وبطلان ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأدان أعضاء اللجنة التصاعد غير المسبوق في الانتهاكات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وهويته الإسلامية بما في ذلك اقتحامات الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وتصريحاتهم العنصرية التحريضية، والإجراءات التصعيدية الإسرائيلية الرامية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، ومحاولتها المدانة لفرض وقائع وممارسات تهدف الى التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك الحرم القدسي الشريف.
وأدان أعضاء اللجنة وبأشد العبارات اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي وعشرات المستوطنين للحرم القدسي الشريف وتعهده بالسماح للمستوطنين بإقامة طقوس دينية والغناء والرقص ورفع الأعلام الإسرائيلية داخل الحرم الشريف، وكذلك تصعيد الجماعات المتطرفة دعواتها لتقديم القرابين داخل الحرم ومحاولات بعضهم القيام بذلك، ودان أعضاء اللجنة كافة الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية ضد الأراضي والممتلكات الوقفية.
استنكر أعضاء اللجنة القيود والعقبات التعسفية التي تفرضها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والتي تحد من وصول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف بحرية كالإغلاقات المتكررة والحواجز العشوائية والاعتداءات الجسدية والقيود العمرية، لا سيما خلال شهر رمضان المبارك وأيام الجمع والمناسبات الدينية.
أكد أعضاء اللجنة رفضهم وإدانتهم للإجراءات الإسرائيلية التي تهدد الوجود المسيحي في القدس والتي كان آخرها قرار تجميد الحسابات البنكية العائدة لبطريركية الروم الأرثوذكسية في القدس. والاعتداءات المتواصلة والمرفوضة على مسيحيّي المدينة من قبل المستوطنين المتطرفين والتضييق عليهم، وتزايد عمليات التخريب ضد الأديرة والكنائس والمقابر المسيحية ككنيسة الخضر والمقبرة المسيحية التاريخية في بلدة الطيبة، وكذلك الاعتداءات الهمجية التي تستهدف رجال الدين والراهبات والمصلين.
أعاد الوزراء التأكيد على أنه لا سيادة لإسرائيل على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وأن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين، ورفضِ أي محاولة للانتقاص من الحق بالسيادة الفلسطينية عليها، وأي اعتداءات أو إجراءات أحادية تمس المكانة القانونية للقدس، وضرورة الالتزام بمبدأ السلام العادل والشامل المشروط بزوال الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، والمتصلة جغرافياً والقابلة للحياة، وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران 1967، على أساس حل الدولتين، ووفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية ذات الصلة.
أكد الوزراء على تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية الصادرة عن الأمم المتحدة وخصوصا قـــرارات مجلس الأمــــن ذات الصـــلة بما فيهــا 252 (1968)، 267 (1969)، 476 و 478 (1980)، و2334 (2016) وقرارات المجلس التنفيذي لليونيسكو ولجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو التي أكدت أن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وجزء لا يتجزأ من أحد مواقع التراث العالمي الثقافي المهدد بالخطر بفعل الممارسات الإسرائيلية.
أكد المجتمعون أهمية دور الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات العربية الإسلامية والمسيحية في القدس ومقدساتها في حماية هذه المقدسات والحفاظ على هويتها العربية والإسلامية والمسيحية، والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، وعلى أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الأردنية هي صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف كافة وتنظيم الدخول إليه.
كما عبر الوزراء عن أهمية دور لجنة القدس، ووكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذي للجنة ودعم كل ما تقوم به اللجنة من جهود.
واتفقت اللجنة على ما يلي:
– تعزيز التعاون والتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي واللجان المنبثقة عنها بما يعزز الموقف ويضاعف الجهود العربية والإسلامية المشتركة لحماية القدس المحتلة وصون مقدساتها.
– تعزيز التحرك لدى المنظمات الإقليمية والدولية للاستمرار في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والأماكن المقدسة وخروقات إسرائيل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة.
– حشد موقف دولي فاعل ضد محاولات إسرائيل تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف.
– تعزيز الجهود العربية والاتصالات الدبلوماسية مع الأطراف الدولية المؤثرة للدفع نحو فرض اجراءات تقييدية ورادعة لوقف الاعتداءات على المقدسات، ووقف ارهاب المستوطنين، وضمان مساءلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبتها على انتهاكاتها وجرائمها في مدينة القدس المحتلة.
– تكليف بعثات الجامعة وسفراء الدول الأعضاء في اللجنة للبناء على مواقف الأطراف الدولية المؤثرة التي صدرت مؤخراً ضد الممارسات والتصريحات الإسرائيلية المتطرفة، والعمل على إصدار موقف دولي حازم تجاه تلك الممارسات مع التحذير من خطورة تبعاتها على السلم والأمن في المنطقة والعالم بأسره.
– تؤيد جمهورية العراق ما جاء في البيان مع تسجيل تحفظها على عبارة (حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967) وعبارة (القدس الشرقية) وعبارة (حل الدولتين) وأي عبارة تدل صراحة أو ضمناً إلى الكيان الإسرائيلي كـ (دولة) وذلك في إطار الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في العودة وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، لكونها لا تتماشى مع القوانين العراقية النافذة.