الحكمة والمبادرة في وقت الجنون

بقلم: محمد عبيد المهيري
أصبحنا نستيقظ اليوم على حروب مشتعلة واغتيالات مستمرة لا تتوقف وملايين النازحين واللاجئين يبحثون عن ملجأ ومكان يأويهم من ويلات صراعات لا تتوقف أو تهدأ نيرانها فقد طالت الجميع وأتت على الأخضر واليابس في منطقتنا العربية.
وبين أم ثكلى ومصاب يبحث عن تخفيف الآلام والحصول على علاج لمرضه ومهجر ينتظر العودة لدياره بات واقعا أليما في بعض دولنا العربية يبحث عن حل وتدخل من الحكماء الذين سبق وحذروا مرارا من هذا المصير.
وأمام كل هذا الجنون الذي انفلت من عقاله في ظل صمت وتواطئ المجتمع الدولي، لم تكل قيادات دولنا العربية الحكيمة أو تمل عن مساعيها لوقف امتداد هذه النيران إلى باقي دول المنطقة فسبق وحذرت مرارا من مغبة هذه التصرفات والتدخلات الأجنبية في شؤوننا مستغلة حالة التردي وضعف مؤسسات الدولة التي كانت الحصن المنيع لشعوب هذه الدول المكلومة.
وتدرك قيادات دول المنطقة وشعوبها أن السلام العادل ورفض اللجوء إلى استخدام القوة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحفاظ على الدولة الوطنية ومقدراتها هو الحل الوحيد لعودة الاستقرار الشامل وضمان السلام العادل للجميع وإلا فالكل سيكتوي بنيران هذه الحروب.
رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وخلال أول زيارة له الأسبوع الماضي للولايات المتحدة بعد توليه مقاليد الرئاسة أكد مع نظيره الأمريكي جو بايدن الحرص على بذل مزيد من الجهود لاحتواء الأزمات التي تشهدها المنطقة والحد من تفاقم الأوضاع الإنسانية فيها ودعم أسس أمنها واستقرارها، فهو يدرك أنه لا سبيل للاستقرار سوى بمواجهة هذه الأزمات الطاحنة واحتوائها وتقديم كافة سبل الدعم للمدنيين المتضررين من هذه الصراعات.
وعلى ضوء ما يعيشه لبنان من تحدي مصيري ونزوح أكثر من مليون مواطن من جنوب البلاد بسبب التصعيد الجاري، تعهد الشيخ محمد بن زايد يوم الاثنين بتقديم حزمة مساعدات إغاثية للشعب اللبناني بقيمة 100 مليون دولار في إطار جهود الإمارات لدعم الأشقاء في لبنان ومساعدتهم على مواجهة التحديات الراهنة، فالإمارات تدرك أهمية تقديم الإنساني العاجل للأبرياء ضحايا هذه الظروف التي لا ذنب لهم فيها.
وتبقى الحكمة والسعي الحثيث بالتعاون بين دول المنطقة شعوبا وقادة هي الأمل في وقف جنون هذه الصراعات والنيران التي لا تبقي ولا تذر، فما زال الأمل معقودا على احتواء كل هذه الأزمات حتى يعم السلام والخير والاستقرار على الجميع.