الدكتور عادل عامر يكتب : قمة بغداد وملف العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة في فلسطين

بقلم : الدكتور عادل عامر
تنطلق غداً السبت، أعمال القمة العربية في العاصمة العراقية بغداد، بنسختها الرابعة والثلاثين، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة تتخذها السلطات لتأمين وصول القادة والمسؤولين العرب إلى المنطقة الخضراء، حيث تقرر تخصيص أحد القصور الرئاسية مكاناً لانعقاد القمة التي ستتفاوت نسبة تمثيل الدول العربية فيها. وليلة أمس وصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى بغداد، وسط ترقب لوصول الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي والأمين العام للاتحاد الأفريقي محمد علي يوسف وممثل عن الاتحاد الأوروبي.
كما وجّه العراق دعوة خاصة إلى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، “تقديراً لمواقفه الداعمة لفلسطين والرافضة لحرب الإبادة” على غزة. وحتى الآن لم يتضح مستوى تمثيل الدول العربية في القمة، لكن متحدثين ومستشارين في الحكومة العراقية، قالوا إنّ عدداً من قادة دول الخليج العربي ومصر، والأردن سيكونون على رأس المشاركين. واتفق وزراء الخارجية العرب، أمس الخميس، خلال اجتماع دام ثلاث ساعات، على مشاريع القرارات التي سيتم تقديمها للقادة العرب في الجلسة الختامية التي ستعقد عصر السبت.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، عقب الاجتماع، إنّ “اجتماعنا يأتي في مرحلة حساسة من تأريخ الأمة العربية تتطلب توحيد جهودنا”، فيما ذكر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أنّ الاجتماع “يأتي في وقت يشهد فيه الإقليم والعالم اضطراباً كبيراً”، لافتاً إلى أنّ “قمة بغداد تنعقد عليها آمال كبيرة”. وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية العراقية، إنّ “هناك توافقاً عربياً حيال ملفات العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة في فلسطين، وعلى استمرار جرائم إسرائيل في لبنان وسورية”، كما تحدث عن “مشروع قرار عربي بالإجماع على دعم الدولة السورية، ورفض التدخل بشؤونها الداخلية، والترحيب بالخطوات الداعمة للإدارة الجديدة”، مؤكداً أن الملفات؛ اليمني، والسوداني والليبي، من بين أعمال القمة العربية.
وحول نسب التمثيل العربي في القمة، غداً السبت، قال إنّ “أغلب القادة العرب سيصلون بغداد صباحا ويغادرون مساءً ولاعتبارات مختلفة، سيتم الإعلان عن وصول الوفود تباعا” في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، إنّ بلاده أعدّت 5 مبادرات عربية ستطرح في القمة السبت، مبيّناً أنّ أهم هذه المبادرات العراقية، ملف التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب والمخدرات، وإنشاء صندوق عربي لإعمار غزة ولبنان. وأشار إلى أنّ “هناك إعلاناً سيصدر عن قمة بغداد، يشرف وزراء الخارجية العرب على مزجه مع البيان النهائي للقمة العربية، وسيصدر البيان تحت عنوان إعلان بغداد”.
بدوره، قال وكيل وزارة الخارجية العراقية، هشام العلوي، إنّ أكثر من نصف زعماء وقادة الدول العربية سيحضرون قمّة بغداد، مشيراً إلى أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيمثل بلده في القمة. وأوضح العلوي، في تصريحات للصحافيين ببغداد، اليوم الجمعة، إنّ ملفات عدم استقرار في عدد من الدول العربية، في سورية، اليمن، ليبيا، السودان، ولبنان، واعتداءات إسرائيل على الفلسطينيين في غزة في صدارة أعمال القمة، مضيفاً “نريد أن ندفع باتجاه موقف عربي موحد يدعم أشقاءنا، ويساهم في إعادة إعمار غزة ويدفع باتجاه وقف العدوان. كما نريد أن نقدّم مبادرات لتحقيق تكامل اقتصادي عربي”.
وفيما يتعلّق باستجابة القادة وزعماء العرب لدعوة العراق، قال: “بشكل عام مستوى الحضور جيد ونحن راضون عنه. إن قارنا الحضور الآن بمستوى الحضور العام الماضي في قمة المنامة، سنجد أن مستوى الحضور في بغداد لا يقل عمّا كان عليه الوضع في المنامة أو أفضل منه، وهذا سيساعد بالخروج بقرارات مهمة يوم السبت في اجتماع القادة العرب”.
وأكد العلوي أن “المعلومات الأخيرة تشير إلى عدم حضور الرئيس السوري أحمد الشرع إلى بغداد، وتمثيل وزير الخارجية أسعد الشيباني لبلده في القمة العربية ببغداد”، مؤكداً أن “أكثر من نصف زعماء العرب سيكونون موجودين، أبرزهم الرئيس المصري، ملك الأردن، ملك البحرين، الرئيس الفلسطيني، الرئيس الموريتاني، والرئيس اليمني، إضافة إلى رؤساء حكومات مثل لبنان وممثلين من دول أخرى بمستوى مناسب”، وفقاً لقوله. مُختلف فصائل المقاومة الفلسطينية تصدر بياناتٍ مدينة العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، مثمّنةً تضحيات الشعب اللبناني، ومؤكدةً أن الجرائم لن تحقّق للاحتلال أهدافه، ومُشدّدةً على ثقتها التامة بالمقاومة الإسلامية في لبنان.
الدور المصري في الحرب الجارية على قطاع غزة: تحظى الدولة المصرية بميراث تاريخي ممتد، وخبرات متراكمة، ودور محوري على مدار تعاملها مع الملف الفلسطيني، لكن محورية وخصوصية الدور المصري تجاه الملف الفلسطيني، زادت من حيث الأهمية في إطار الحرب الجارية في قطاع غزة، والممتدة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم، خصوصاً مع اختلاف الحرب الجارية من حيث الديناميكيات والأهداف عن أي حروب سابقة بين الجانبين، إذ أن إسرائيل ذهبت إلى ما هو أبعد من تدمير القدرات الفلسطينية للفصائل الفلسطينية، أو اغتيال بعض القادة على غرار ما كان يحدث في جولات المواجهة السابقة، وانتلقت إلى بنك أهداف يشمل السعي لتصفية القضية الفلسطينية، سواءً من خلال مخططات وتحركات تهجير الشعب الفلسطيني،
أو من خلال ما يعرف بسيناريوهات اليوم التالي، جنباً إلى جنب مع الأنماط الوحشية من العمليات الأمر الذي خلف أزمة إنسانية في القطاع غير مسبوقة. وفي هذا السياق كانت الدولة المصرية حاضرة عبر سياسات وتحركات ديناميكية لم تتوقف حتى اللحظة، مستهدفةً بشكل رئيسي تحقيق مجموعة من الأولويات وعلى رأسها وقف إطلاق النار، ومنع أي مخططات ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، جنباً إلى جنب مع تكثيف المباحثات مع قادة المجتمع الدولي من أجل وضع المنظومة العالمية أمام مسؤولياتها على مستوى ضرورة معالجة جذور الأزمة وتبني مسارات جادة لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، هذا بالإضافة إلى استمرار الجهود الخاصة بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزز هذه الاعتبارات والحيثيات الخاصة بالتعاطي المصري مع الحرب، من أهمية ونوعية المشاركة المصرية في قمة البحرين، خصوصاً وأن مصر هي الطرف الأكثر تفاعلاً مع التطورات المصاحبة لحرب غزة، والأكثر تأثراً بها.
و طرح الرؤية المصرية الخاصة بالحرب: مثلت القمة العربية الـ 33 فرصة لطرح الرؤية المصرية الخاصة بالحرب الجارية على قطاع غزة، سواءً من خلال المباحثات الثنائية التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الزعماء العرب، أو من خلال كلمة “السيسي” أمام القمة، وقد أكدت مصر عبر هذه المباحثات على مجموعة من الاعتبارات المهمة بعضها يدور في فلك السردية، وبعضها يدور في فلك الرؤية المصرية الشاملة للحل، وفي هذا الإطار تم التأكيد على مجموعة من الاعتبارات المهمة التي تعبر إجمالاً عن الموقف المصري،
وأولها التأكيد على جرائم الحرب التي ترتكب من قبل إسرائيل في قطاع غزة، وأن إسرائيل تمارس حرباً وحشية هوجاء تقوم على سياسات الإمعان في القتل والانتقام، جنباً إلى جنب مع توظيف التجويع والملف الإنساني كسلاح في ثنايا هذه الحرب، وثانياً التأكيد على خصوصية الحرب الجارية من حيث اشتمال أهدافها مساعي لتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير، وثالثاً التأكيد على موقف مصر الثابت المقاربة المصرية لتعزيز العمل العربي المشترك: انطلقت الدولة المصرية في العشر سنوات الأخيرة في إطار مقاربتها التعاونية مع الدول العربية، من افتراض رئيسي يقوم على “حتمية تعزيز العمل العربي المشترك”، خصوصاً وأن تجربة العمل العربي المشترك، والتطورات التي تشهدها المنطقة، تثبت أن مستقبل النظام العربي ككل يرتبط ببعض المحددات الرئيسية وعلى رأسها مدى القدرة على تعزيز الأطر التعاونية بين المجموعة العربية، ومدى القدرة على بناء علاقات تعاونية ومقاربات مشتركة تجاه التحديات التي تواجه المنظومة العربية، وأنماط التعامل مع القوى الإقليمية والدولية بما يحفظ المصالح الوطنية للدول العربية ومنظومة الأمن العربي بمفهومها الشامل، وفي هذا الإطار تبنت الدولة المصرية في العشر سنوات الأخيرة مقاربة تقوم على مجموعة من السياسات والتحركات الرئيسية وعلى رأسها: تبني سياسات تعزز من أوجه التعاون مع كافة الشركاء والأشقاء العرب، وتبني أنماط التنسيق عالية المستوى مع الدول العربية، من خلال ما يمكن تسميته بـ “دبلوماسية القمم”
مع الدول العربية، هذا إلى جانب الدعم المفتوح لأي مقاربات وجهود رامية إلى رأب الصدع العربي، جنباً إلى جنب مع دعم مشاريع التكامل الإقليمي العربي على كافة المستويات، بالإضافة إلى تبني ثوابت واضحة وراسخة تجاه دول الأزمات في المنطقة، ورابعاً غياب أي فاعلية دولية واضحة على مستوى التعامل مع هذه الحرب وتداعياتها، وخامساً التأكيد على ما حذرت مصر منه منذ بداية الحرب، من حيث أن هذه الحرب تجر المنطقة إلى دوامة الفوضى والعنف، وسادساً التأكيد على ضرورة التكاتف من أجل ضمان الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني وفي القلب منها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
و المقاربة المصرية لتعزيز العمل العربي المشترك: انطلقت الدولة المصرية في العشر سنوات الأخيرة في إطار مقاربتها التعاونية مع الدول العربية، من افتراض رئيسي يقوم على “حتمية تعزيز العمل العربي المشترك”، خصوصاً وأن تجربة العمل العربي المشترك، والتطورات التي تشهدها المنطقة، تثبت أن مستقبل النظام العربي ككل يرتبط ببعض المحددات الرئيسية وعلى رأسها مدى القدرة على تعزيز الأطر التعاونية بين المجموعة العربية، ومدى القدرة على بناء علاقات تعاونية ومقاربات مشتركة تجاه التحديات التي تواجه المنظومة العربية، وأنماط التعامل مع القوى الإقليمية والدولية بما يحفظ المصالح الوطنية للدول العربية
ومنظومة الأمن العربي بمفهومها الشامل، وفي هذا الإطار تبنت الدولة المصرية في العشر سنوات الأخيرة مقاربة تقوم على مجموعة من السياسات والتحركات الرئيسية وعلى رأسها: تبني سياسات تعزز من أوجه التعاون مع كافة الشركاء والأشقاء العرب، وتبني أنماط التنسيق عالية المستوى مع الدول العربية، من خلال ما يمكن تسميته بـ “دبلوماسية القمم” مع الدول العربية، هذا إلى جانب الدعم المفتوح لأي مقاربات وجهود رامية إلى رأب الصدع العربي، جنباً إلى جنب مع دعم مشاريع التكامل الإقليمي العربي على كافة المستويات، بالإضافة إلى تبني ثوابت واضحة وراسخة تجاه دول الأزمات في المنطقة.
الدكتور عادل عامر
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا