الرئيسيةمقالات الرأي

الدكتور عادل عامر يكتب : مكافحة الألعاب النارية

بقلم الدكتور عادل عامر

دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي

تُعد الألعاب النارية من المظاهر التي ارتبطت في أذهان الكثيرين بالمناسبات والاحتفالات، إلا أنها في السنوات الأخيرة تحولت إلى ظاهرة مثيرة للقلق في مصر، لما تسببه من مخاطر جسيمة على الأرواح والممتلكات والأمن العام.

حيث تبذل الأجهزة الأمنية خلال تلك الفترة جهودًا كبيرة في سبيل مكافحة جرائم حيازة واستخدام الألعاب النارية، أو الإتجار بها، وذلك لما تسببه هذه الألعاب والصواريخ و”البومب” من مخاطر كبيرة، حيث تشن الأجهزة الأمنية حملات أمنية ضبطت خلالها كميات كبيرة من الألعاب النارية، حيث تنتشر في مثل هذه المناسبات والأعياد بشكل كبير في الأسواق الألعاب النارية، وتعود أسباب انتشار الألعاب النارية إلى التهريب والمخزون المكدس الذي فشل التجار في تسويقه بسبب ارتفاع أسعاره.

وتشكل الألعاب النارية و”البومب” خطرا وضررا كبيرا، وتسبب إصابات خطيرة للأطفال، كما أنها أحد أسباب اشتعال الحرائق، وأغلب هذه الألعاب تدخل مهربة، عبر منفذى بورسعيد والعين السخنة الجمركيين، تحت بند لعب أطفال، وتطفو على السطح في مثل هذه الأوقات مطالبات بتغليظ عقوبة تهريب واستخدام بعض الشماريخ والصواريخ عقب انتشارها بشكل كبير، وذلك من خلال مطالبة وزارتي الداخلية والعدل بتحديد وإضافة الألعاب النارية المطلوب تجريم تداولها واستخدامها وتغليظ العقوبة عليها، وإدراجها فى التشريع القانوني الخاص باستخدام وتداول الألعاب النارية.  ضرورة غلق وإحكام السيطرة على هذه التجارة

إنه في مثل هذا التوقيت لا بد من غلق وإحكام السيطرة على كل الطرق المؤدية لانتشار الألعاب النارية والشماريخ والصواريخ، والمسدسات “الخرز” بكل أشكالها في الشارع المصري، حيث إن المكسب المادي الذي يصل لـ 300% وراء انتشار هذه المواد بصورة مبالغ فيها وإتاحتها حتى أنها أصبحت في متناول الجميع صغارا وكبارا، لأن ربحها يعادل أرباح تجارة المخدرات، والقانون تحدث عن أن كل مادة تدخل في تركيب المفرقعات ويصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية وكذلك الأجهزة والآلات والأدوات التي تستخدم في صنعها أو لانفجارها، تدخل في حكم المفرقعات، وتعاقب بعقوبتها.

 إن قانون العقوبات فرض عقوبة قاسية لحيازة الألعاب النارية كالصواريخ و”البومب” وما شابه ذلك فالمادة 102 ـ أ ـ من قانون العقوبات عاقبت حائز أو مستخدم أو مستور أو حائز أو مصنع هذه المواد بالسجن المؤبد أو السجن المشدد، كما صدر قرار وزير الداخلية رقم 1872 لسنة 2004 الذى أدرج البارود الأسود داخل العقوبة، وحذر من الضبط بأي ألعاب نارية، فإنها في النهاية تؤدى إلى الفزع وبعض الجروح، فصوت الألعاب النارية حتى يتم تميزها، فلابد أن نبتعد عن هذه العادة فهي لا تقترن بالشهر الكريم ولا بأعيادنا، ومسألة تغليظ العقوبة على مستخدمي هذه الألعاب لا يكفى للسيطرة على الظاهرة وإنهائها. المشرع وضع عقوبة تصل للمؤبد في هذه الحالة ومن الضروري أن يصاحب هذا الإجراء إجراءات أخرى متمثلة في التفتيش الذاتي لجميع الرسائل – الكونتينر – القادمة من الصين وجنوب شرق آسيا عبر الموانئ البحرية والجوية، حيث تصل إلى مصر أطنان ضخمة من الألعاب النارية، نظرا للمكسب المبالغ فيه الذي يتحقق من استيرادها، كما يجب توقيع العقوبة أيضا على كل من يثبت استيراده لهذه المواد، حيث إن هذه المفرقعات التي يفترض أن يتم استخدامها في اللهو واللعب، قد تتسبب في إحداث عاهة مستديمة للشخص الذي تصيبه، وأحيانا ترديه قتيلا، حيث تغيرت صفتها التصنيعية عن تلك التي كانت تستخدم في وقت سابق

والمشرع المصري تشدد في تجريم إحراز المفرقعات وحيازتها وصناعتها أو استيرادها، لما تشكله من خطورة على المجتمع، وأن المادة 102 (أ) من قانون العقوبات أقرت عقوبة السجن المؤبد لكل من أحرز مفرقع أو حازها أو صنعها أو استوردها دون الحصول على ترخيص بذلك، حيث إنه قد صدر قرار من وزير الداخلية رقم 1872 لسنة 20044 وحدد المواد التي تعد من المفرقعات، والتى تضمنت البارود الأسود وبعض المواد الأخرى، التي تستخدم في صناعة “البومب” والصواريخ والشماريخ وجميع الألعاب النارية الأخرى – الكلام للخبير القانونى.

على الرغم من وجود عقوبات مغلظة للمتهمين فى قضايا حيازة مواد مفرقعة، فإنه يتم التخفف فى التعامل مع تلك القضايا، سواء من جانب مأمور الضبط القضائى، أو جهات التحقيق، وجهات الفصل القضائية، الذين يتعاملون بالرأفة فى الغالب مع المتهمين فى تلك القضايا، وأن المحكمة تستند أحياناً إلى المادة (17) عقوبات للنزول بالعقوبة درجة أو درجتين، حيث أن كل المفرقعات تعامل معاملة واحدة فى قانون العقوبات المصرى، فحيازة مواد متفجرة، يساوى حيازة الألعاب النارية، ولا فرق بينهم، سوى فى تعامل المحكمة مع القضية المنظورة أمامها، وحيثياتها ودافع حامل تلك المواد من حملها”.

هناك ما يعرف بـ”مسدس الصوت” المنتشر في الشارع المصري بشكل كبير وفي متناول أيدي الجميع رغم خطورته البالغة، حيث يستخدمه البلطجية لتوقيف المواطنين على الطرق السريعة وسرقتهم، إلى جانب الصوت المفزع الذي يصدر عن هذا المسدس، وعلى الرغم من ذلك فهو غير مُجرّم حتى الآن، كما يجب أن تغلظ عقوبة من يتاجر في المسدسات “الخرز” التي يتم استخدامها كلعبة للأطفال، فلابد من تغليظ العقوبة على كل من يطلق النار أو الألعاب النارية في الأفراح والمناسبات المبهجة ولو كان من خلال سلاح مرخص، لما يثيره من فزع في قلوب المواطنين.

لماذا تنتشر الألعاب النارية؟

في الحقيقة رغم الخطورة التى تمثلها هذه الألعاب النارية، ورغم حظرها من الناحية القانونية فإن معدل انتشارها يزداد يوما بعد يوم بشكل كبير جداً خاصة في المواسم والأعياد وتحديدا في شهر رمضان متحدياً القانون ورجال الأمن وراحة المجتمع ولتنضم تجارة المفرقعات والبمب إلى قائمة الأنشطة غير الشرعية التى تتحدى النظام مثل التوك توك، وبصرف النظر عن المبالغة فى حجم هذه التجارة وعن مصادرها المحلية والخارجية، ومخالفاتها للقانون، إلا أن هناك تأثيرا آخر أكثر خطورة يتعلق بأثر هذه الألعاب على نفسية الأطفال وينذر بنمو جيل من أصحاب النفوس العنيفة وما يتتبع ذلك من مخاطر مجتمعية.

 لابد من تدخل الأجهزة الأمنية في المناطق الشعبية مثل أوسيم وإمبابة والوراق والمنيرة الغربية وبولاق الدكرور وغيرها من المناطق وشن حمالات على بائعى الصواريخ والمفرقعات للأطفال، فقد زادت حالات فقد العين بسبب هذه المفرقعات وتجاوزت 67 حالة قابلة للزيادة في منطقة بشتيل ولم ينتهى الأسبوع الأول من شهر رمضان، محملا الأسرة المسئولية الأولى فى تحول الاطفال إلى استخدام هذه الألعاب التى تئصل العنف عنده، مثل طريقة العقاب التى يلجأ فيها الآباء إلى الضرب أو إهانة الأطفال، فيترسخ لدى الطفل استخدام اليد قبل العقل ويظهر فى سلوكه العنيف ضد أصدقائه فى الشارع أو المدرسة.

 أن وسائل الإعلام والفن هى المسئول الثانى عن تحول ألعاب الأطفال إلى مظاهر للعنف من خلال إصرارها على نقل الطبقات الشعبية السيئة بما يحدث فيها من عنف واستخدام دائم للأسلحة البيضاء، حيث أصبح الطفل يتعلم من خلال التليفزيون والفضائيات كيفية عمل المفرقعات اليدوية والألفاظ الخارجة عن الآداب من خلال شخصيات فنية محببة ومقربة منه، فيقوم بتقليدها لأنهم الأبطال، يمارسها مع أصدقائه دون تفكير أو انشغال بالحوادث التى تسببها والتى قد يضرون بها أنفسهم فيصابون بجروح بالغة تصل لقتل أحدهم أثناء اللعب.

أولاً: حجم الظاهرة وأسباب انتشارها

شهدت الأسواق المصرية في السنوات الماضية انتشارًا واسعًا لتجارة الألعاب النارية والمفرقعات، خاصة في فترات الأعياد والمناسبات الدينية والرياضية. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها:

ضعف الوعي المجتمعي بخطورة هذه المنتجات.

الإغراءات التجارية والربح السريع للتجار غير المرخصين.

سهولة التهريب عبر الحدود البرية والبحرية، خاصة مع صغر حجم هذه المواد.

التقليد الاجتماعي حيث يعتقد بعض الشباب أنها وسيلة للتعبير عن الفرح.

ثانياً: المخاطر الصحية والأمنية

إصابات جسدية خطيرة: مثل فقدان البصر، الحروق، أو بتر الأصابع نتيجة الانفجار المفاجئ. تهديد السلامة العامة: حيث قد تتسبب الشرر والانفجارات في إشعال الحرائق بالمنازل أو المحلات.

الإزعاج البيئي: الضوضاء العالية تؤثر على كبار السن والمرضى والأطفال، وحتى الحيوانات. استغلالها في أعمال شغب: حيث يمكن استخدام بعض المفرقعات كوسيلة للإخلال بالأمن العام.

ثالثاً: جهود الدولة في المكافحة

اتخذت السلطات المصرية عدة خطوات للحد من انتشار الألعاب النارية، ومنها:

1. حملات أمنية موسعة لمصادرة الألعاب النارية من الأسواق وضبط المتورطين في الإتجار بها.

2. تشديد العقوبات طبقًا لقانون الأسلحة والذخائر، حيث يعاقب بالحبس والغرامة كل من يستورد أو يبيع أو يحوز هذه المواد دون ترخيص.

3. التعاون مع الجمارك لمنع دخول الشحنات المهربة من الخارج.

4. التوعية الإعلامية عبر الحملات الإعلانية وبرامج التليفزيون للتحذير من مخاطرها.

رابعاً: الحلول المقترحة

تعزيز الوعي المجتمعي في المدارس والجامعات حول مخاطر الألعاب النارية.

توفير بدائل آمنة للاحتفالات مثل عروض الإضاءة أو الفعاليات الثقافية.

تحفيز الإبلاغ المجتمعي عن أماكن بيع هذه المواد بشكل سري وآمن.

زيادة التنسيق الإقليمي مع دول الجوار للحد من عمليات التهريب.

خاتمة

إن مكافحة الألعاب النارية في مصر ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع والأسر. فالوعي بخطورة هذه المواد والالتزام بالقانون هو الضمان الحقيقي لحماية الأرواح والحفاظ على الأمن العام، وجعل الاحتفالات أكثر أمانًا ومتعة للجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى