عرب وعالم

السفير الصيني بالقاهرة فصل جديد للتنمية الصينية وفرص جديدة واعدة مع مصر

العلاقات المصرية الصينية تشهد عقدها الذهبي

دعاء زكريا

قال السفير لياو ليتشيانج سفير الصين بالقاهرة، في مؤتمر صحفي بمناسبة الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني في كلمة جاء نصها :

عقدت اللجنة المركزية العشرون للحزب الشيوعي الصيني جلستها الكاملة الرابعة في بكين، حيث تبنت “توصية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن إعداد الخطة الخمسية الخامسة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، التي تُعد التصميم الأعلى والإرشاد الاستراتيجي للتنمية الصينية في السنوات الخمس المقبلة، وتطلق تعبئة عامة وتخطيطا شاملا لمواصلة مسيرة التحديث الصيني النمط، وترسل رسالة واضحة للعالم حول عزيمة الصين على توسيع الانفتاح عالي المستوى، وفتح مشهد جديد للتعاون متبادل المنفعة. وتُعد هذه الجلسة حدثا تاريخيا آخر في مسيرة التنمية الصينية، فلقيت اهتماما بالغا من قبل الشخصيات العالمية، حيث رأوا أن الخطط الخمسية الصينية تُجسّد الرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد للحكومة الصينية واستقرار سياساتها، الأمر الذي لا يساهم فقط في تحقيق التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد، بل يشكل خبرة قيمة للدول الأخرى في استكشاف طرق التنمية الخاصة بها. بالتالي، أودّ أن أقدّم لكم أهم ما ورد في هذه الجلسة، وسوف أركز على أمريْن مؤكديْن.

الأمر المؤكد الأول: إن التحديث الصيني النمط مقبل على آفاق واعد
أولا، لفهم التحديث الصيني النمط، لا بد من فهم أهمية الخطط الخمسية، باعتبارها “شفرة النجاح” للتنمية الصينية. في هذا السياق، قال الرئيس شي جين بينغ إن توجيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال خطط متوسطة وطويلة الأمد يُعد سبيلا مهما للحزب الشيوعي الصيني في الحكم والإدارة. منذ تنفيذ الخطة الخمسية الأولى في عام 1953، قامت الصين بإعداد وتنفيذ 14 خطة خمسية متتالية، حيث استفادت من ميزة القيادة المركزية والموحّدة للحزب، وجمعت بين السوق الفعالة والحكومة القوية، وحشدت القوى لإنجاز المشاريع الكبرى. بفضل هذه الخطط الخمسية، حققنا سلسلة من الإنجازات البارزة في مجالات كثيرة، مثل بناء المشاريع الكبرى، والاختراقات العلمية المهمة، ومكافحة الفقر بشكل دقيق، وتعزيز التنمية الخضراء، والوقاية من المخاطر الكبرى وتبديدها، مما حوّل الصين من دولة زراعية فقيرة وضعيفة إلى أكبر دولة صناعية وثاني أكبر اقتصاد في العالم، وجعلها تتقدم نحو هدف بناء دولة اشتراكية حديثة وقوية على نحو شامل. حتى في مواجهة محاولات بعض الدول لـ”فك الارتباط” و”بناء الأسوار العالية” وغيرها من الممارسات المهيمنة، تمكّن أبناء الشعب الصيني من توحيد الجهود لتسريع وتيرة الاكتفاء الذاتي في مجال العلوم والتكنولوجيا. وتتمتع فترة “الخطة الخمسية الخامسة عشرة” بأهمية خاصة بوصفها حلقة وصل بين الماضي والمستقبل في مسيرة التحديث الاشتراكي للصين. كان المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني يحدد هدف تحقيق التحديث الاشتراكي بشكل أساسي بحلول عام 2035، وتمثل فترة “الخطة الخمسية الرابعة عشرة” السنوات الخمس الأولى، التي شكلت بداية جيدة، أما فترة “الخطة الخمسية الخامسة عشرة”، فهي مرحلة محورية لترسيخ الأساس وبذل قصارى الجهد، الأمر الذي سترسي أساسا أمتن لتحقيق التحديث الاشتراكي بحلول عام 2035.
بهذه المناسبة، أود أن أقول لكم، إن إعداد هذه الخطط الخمسية يُعد عملية الإصغاء إلى آراء الشعب وبلورة التوافق الاجتماعي. على سبيل المثال، خلال إعداد “الخطة الخمسية الخامسة عشرة”، تولّى الرئيس شي جين بينغ بنفسه رئاسة فريق الصياغة للوثيقة الختامية للجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين، وقام هذا الفريق بجمع آراء المجتمع على نطاق واسع، عبر تنظيم الندوات والمناقشات والزيارات الميدانية واستطلاع الآراء عبر الإنترنت، حيث جمع ثلاثة ملايين و113 ألف مقترح من مستخدمي الإنترنت. من وسائل الرخاء التي اكتُشفت في الحقول إلى الابتكارات التقنية التي اُخترعت في ورشات العمل، من “الابتكارات الدقيقة” في إدارة المجتمعات المحلية إلى “النماذج الجديدة” للتحول الرقمي، استوعبت الخطة الخمسية تطلعات المجتمع وحكمة الشعب وآراء الخبراء والتجارب القاعدية، وتُعد تجسيدا حيا للديمقراطية داخل الحزب الشيوعي الصيني، والديمقراطية الشعبية كاملة العملية في الصين. ولم تضع هذه الجلسة خطة طموحة للدولة فحسب، بل ترسم حياة سعيدة لأبناء الشعب في المستقبل.
ثانيا، حقق التحديث الصيني النمط إنجازات مثمرة، وهو موضوع ثابت لا يتغير
إذا قرأنا جميع الخطط الخمسية للصين، من “الخطة الخمسية الأولى” إلى “الخطة الخمسية الرابعة عشرة”، سنجد أن هناك موضوع ثابت لم يتغير على الإطلاق، وهو جعل الصين دولة اشتراكية حديثة. يعد تحقيق التحديث الاشتراكي عملية تاريخية تتقدم بشكل متدرج ومستمر نحو التطور والتقدم. وبهذا الصبر الاستراتيجي والهدف الثابت، تمكّن الحزب الشيوعي الصيني من قيادة أبناء الشعب الصيني في تحقيق التحديث الصيني النمط بخطوات مستمرة. وأنجزنا خلال عقود من زمن عملية التصنيع التي استغرقت من الدول الغربية المتقدمة مئات السنين، وخلقنا معجزتي التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ التحديث للبشرية. وتشهد الصين اليوم تقدما كبيرا من حيث القوة الاقتصادية والقوة التكنولوجية والقوة الوطنية الشاملة، وإن التحديث الصيني النمط مقبل على آفاق أوسع.
قوة الدفع القوية للتنمية. خلال فترة “الخطة الخمسية الرابعة عشرة”، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين عتبات 110 و120 و130 تريليون يوان، ومن المتوقع أن يبلغ 140 تريليون يوان بحلول نهاية عام 2025، وبلغ متوسط معدل النمو 5.5% خلال السنوات الأربع الماضية، وحافظت الصين على مساهمتها في نمو الاقتصاد العالمي البالغ 30%. ويتمتع الاقتصاد الصيني بأساس متين ومزايا متعددة وصلابة قوية وإمكانية كبيرة، ولم تتغير العوامل الداعمة والاتجاه الأساسي لنمو الاقتصاد الصيني على مدى الطويل. في هذا السياق، يرى عدد متزايد من الشخصيات العالمية أن الصين تواجه عوامل عدم اليقين الخارجية بالتنمية عالية الجودة، وقد أصبحت “مرساة الاستقرار” لاقتصاد العالم.
الحيوية الكبيرة للابتكار. حققت الصين إنجازات مثمرة في الابتكار العلمي وتقدما مستمرا للقوة الإنتاجية الجديدة، وأطلقت المعدات المهمة واحدة تلوى أخرى لاستكشاف الفضاء والبحار، وحققت إنجازات مثمرة في المجالات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والاتصالات الكمومية والرقائق المتطورة، ونالت “التنانين الستة” في هانغتشو وغيرها من شركات التكنولوجيا الصينية شهرة كبيرة، وتجاوز الإنتاج السنوي لسيارات الطاقة الجديدة في الصين 10 ملايين… طالما تتمسك الصين بالابتكار كالعنصر الأهم لدفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فارتفع ترتيبها في مؤشر الابتكار العالمي من المرتبة الـ34 في عام 2012 إلى المرتبة الـ10 في عام 2025.
الأساس المتين للتنمية الخضراء. خلال السنوات الخمس الماضية، كانت الصين أكبر دولة في العالم من حيث زيادة المساحة الخضراء، إذ ساهمت برُبع الزيادة العالمية للغطاء الأخضر، الأمر الذي تزيد الصين جمالا وروعة. كما أنشأت الصين أكبر منظومة الطاقة المتجددة وأسرعها تطورا في العالم، حيث أصبح واحد من كل ثلاثة كيلوواط ساعة مستهلَك مصدره الطاقة الخضراء. في هذا السياق، علّق المراقبون الدوليون أن الصين “حققت تحولا تاريخيا، من المشارك في الحوكمة البيئية العالمية إلى رائدها”، وأصبحت نموذجا يُحتذى به في مجال التنمية المستدامة.
التحسن الملحوظ لمعيشة الشعب. خلال السنوات الخمس الماضية، تشهد المدن الصينية 12 مليون فرصة عمل إضافية كل سنة، وارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 79 عاما، ونجحت الصين في انتشال مائة مليون نسمة في الأرياف من براثن الفقر، وحل مشكلة الفقر المدقع بشكل تاريخي. كما أنشأت الصين أكبر منظومة التعليم ومنظومة الضمان الاجتماعي ومنظومة الرعاية الصحية في العالم، وحققت تقدما كبيرا في التنمية المتناسقة بين المدن والأرياف وبين المناطق المختلفة. لم تنعكس إنجازات الخطة الخمسية الرابعة عشرة في الأرقام فحسب، بل لامست قلوب أبناء الشعب.
ثالثا، “الخطة الخمسية الخامسة عشرة” تركز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتحديث الصيني مقبل على آفاق واعد
أكدت الجلسة الكاملة الرابعة أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين خلال فترة “الخطة الخمسية الخامسة عشرة” لا بد أن تلتزم بالمبادئ مثل القيادة الشاملة للحزب الشيوعي الصيني وأولوية الشعب والتنمية عالية الجودة وتعميق الإصلاح على نحو شامل والجمع بين السوق الفعالة والحكومة القوية والتنسيق بين التنمية والأمن، كما وضعت هذه الجلسة مجموعة من الأهداف للسنوات الخمس المقبلة.
مواصلة توسيع التنمية. واتخذنا دفع التنمية عالية الجودة كالموضوع الرئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال فترة “الخطة الخمسية الخامسة عشرة”، ووضعنا “بناء منظومة صناعية حديثة وتعزيز الاقتصاد الحقيقي” كالمهمة الاستراتيجية الأولى لـ”الخطة الخمسية الخامسة عشرة”. وستسرّع الصين خطواتها لبناء دولة قوية في مجالات التصنيع والجودة والفضاء والمواصلات والإنترنت، وبناء منظومة صناعية حديثة قائمة على أساس التصنيع المتقدم.
تطوير قوة الابتكار بسرعة أكبر. سنعمل على إبراز الدور الرائد للابتكار العلمي، وتنسيق الجهود بين بناء دولة قوية في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا والموارد البشرية، وتعزيز القدرة على الابتكار المستقل، وتحفيز القوة الإنتاجية الجديدة، مما يقدم مزيدا من المساهمة في تعزيز التواصل والتعاون والتقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا، بتزامن مع تسريع الوتيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال العلوم والتكنولوجيا المتقدمة.
ترسيخ الأساس المعيشي. ستواصل الصين الجهود لتحقيق الرخاء المشترك لجميع أبناء الشعب، باعتباره الهدف العام للتنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال فترة “الخطة الخمسية الخامسة عشرة”. وسنركز على حل القضايا الملحة التي تهم أبناء الشعب، مثل التعليم والرعاية الصحية ورعاية المسنين ورعاية الأطفال والتوظيف، والعمل على استكمال منظومة الضمان الاجتماعي، وتعزيز التنمية عالية الجودة للسكان. ويُكمن الهدف النهائي في تمكين أبناء الشعب من عيش حياة أفضل.
السير في طريق التنمية الخضراء بخطوات ثابتة. ستسرّع الصين التحوّل الأخضر الشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعمل على تكريس وتطبيق مفهوم الجبال الأخضر والمياه النقية بمثابة جبال الذهب والفضة، وتتقدم بخطوات متناسقة في مجالات خفض انبعاثات الكربون وتقليل التلوث وزيادة الغطاء الأخضر وتحقيق النمو، وتبني حاجزا متينا للأمن الإيكولوجي، وتمضي قدما بخطوات سليمة ومتزنة لبلوغ ذروة انبعاثات الكربون، وتسرّع الخطوات لإيجاد الأنماط الخضراء للإنتاج والمعيشة، بما يضخ مزيدا من الطاقة الإيجابية في التعاون الدولي في مجال الحوكمة المناخية.
بعد خمس سنوات من الآن، ستشهد الصين إنجازات ملحوظة في التنمية عالية الجودة، وارتفاعا كبيرا في الاكتفاء التكنولوجي الذاتي، واختراقات جديدة في تعميق الإصلاح على نحو شامل، وتحسنا ملموسا لمستوى الحضارة الاجتماعية، وارتفاعا مستمرا لجودة حياة الشعب، وتقدما كبيرا في بناء الصين الجميلة، ومتانة أكبر للأمن القومي. وعلى هذا الأساس، وبعد خمس سنوات أخرى من الجهود المضنية، ستجعل الصين حياة شعبها أسعد وأجمل، وتحقق التحديث الاشتراكي بشكل أساسي بحلول عام 2035.

dav

الأمر المؤكد الثاني: ستطل تنمية الصين فرصة للعالم
يُعدّ الانفتاح السمة البارزة للتحديث الصيني النمط. في الوقت الحالي، تواجه العولمة الاقتصادية “التيار المعاكس”، وتتنامى نزعة الأحادية والحمائية، غير أن الصين لا تزال تتمسك بالعولمة الاقتصادية، وتعمل على دفع التنمية الاقتصادية العالمية عن طريق تطوير نفسها، استفادة من مزاياها المتمثلة في نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية والسوق الضخمة والمنظومة الصناعية المتكاملة والموارد البشرية المتوفرة.
توفير القوة للنمو العالمي. تبقى الصين كثاني أكبر سوق استهلاك السلع وأكبر سوق التجارة الإلكترونية لأكثر من عشر سنوات متتالية، ويتحول “الطلب الصيني” إلى “فرص العالم” بشكل مستمر. وأصبحت السيناريوهات التطبيقية المتوفرة في الصين “محفزا” و”حقل التجارب” للابتكار العالمي. وتوفر المعارض التي تقيمها الصين، مثل معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي للاستهلاك ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات ومعرض الصين الدولي لسلاسل التوريد، منصات مهمة لشركات العالم للوصول إلى الأسواق العالمية.
بناء الجسر عبر التعاون الدولي. تعمل الصين مع أكثر من 150 دولة و30 منظمة دولية على بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، وتوفّق بين بناء المشاريع النموذجية الكبيرة والمشاريع المعيشة “الصغيرة والجميلة”، وقد أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيسي لأكثر من 150 دولة ومنطقة، ووقعت 23 اتفاقية التجارة الحرة مع 30 دولة ومنطقة. في هذا السياق، نعمل مع الدول الإفريقية على تطبيق “برامج الشراكة العشرة” لتحقيق التحديث، كما نعمل مع الدول العربية على بناء “المعادلات الخمس للتعاون”، ونتقدم يدا بيد نحو التحديث.
المساهمة في الحوكمة الاقتصادية العالمية. تواصل الصين الجهود لدفع الانفتاح عالي المستوى، حيث ألغت جميع القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في قطاع التصنيع، وخفضت معدل الرسوم الجمركية إلى 7.3%، ومنحت معاملة الرسوم الجمركية الصفرية لجميع الدول الأقل نموا التي أقامت العلاقة الدبلوماسية معها. كما أعلنت الصين مؤخرا، أنها لا تسعى إلى امتياز ومعاملة خاصة جديدة في المفاوضات الجارية والمستقبلية في منظمة التجارة العالمية، مع الالتزام بوضعها كدولة نامية، الأمر الذي يُعدّ تصويت الثقة الذي تدلي بها الصين لنظام التجارة متعددة الأطراف.
أكد الرئيس شي جين بينغ أنه لن يتغير عزم الصين على توسيع الانفتاح عالي المستوى، ولن يتغير عزمها على مشاركة فرص التنمية مع العالم، ولن يتغير عزمها على دفع العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا ونفعا للجميع. في هذا السياق، أكدت الجلسة الكاملة الرابعة بكل وضوح أن الصين ستعمل على توسيع الانفتاح المؤسسي بخطوات ثابتة، وصون نظام التجارة متعددة الأطراف، وتوسيع الدورة الدولية؛ كما ستعمل بنشاط على توسيع الانفتاح الذاتي، وتعزيز الابتكار في التجارة، وتوسيع التعاون في الاستثمار المتبادل، والتعاون في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية. وتعكس كل هذه الترتيبات بجلاء عزم الصين وثقتها لتوسيع الانفتاح عالي المستوى، ولا شك أن تنمية الصين المستقبلية ستضخ مزيدا من الطاقة الإيجابية في العالم.
الأصدقاء الأعزاء، بفضل القيادة الاستراتيجية للرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، حققت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر طفرة كبيرة، حيث تتعزز الثقة السياسية المتبادلة، ويتعمق التعاون العملي، ويتوسع التنسيق في المحافل الدولية. في نهاية أغسطس الماضي، قام رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بزيارة الصين للمشاركة في قمة تيانجين لمنظمة شنغهاي للتعاون، حيث التقى مع الرئيس شي جين بينغ، وتشرفت بحضور الفعاليات المعنية كالسفير الصيني لدى مصر وجامعة الدول العربية. وأكد الرئيس شي جين بينغ على ضرورة تعزيز المواءمة بين مبادرة “الحزام والطريق” و”رؤية مصر 2030″، واتخاذ التعاون في منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري في السويس وغيرها من المناطق الاقتصادية كالقاطرة، لتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والتصنيع المشترك والطاقة الجديدة. من جانبه، أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن حرصه على تعميق التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة الجديدة والسيارة الكهربائية والمالية وتحلية مياه البحر، آملا من الشركات الصينية الذهاب إلى مصر للاستثمار ومزاولة الأعمال. في هذا السياق، أعتقد أن التعاون الاقتصادي والتجاري المثمر بين الصين ومصر لا يعكس فقط مدى التكامل بين البلدين من حيث الموارد والمرحلة التنموية والمزايا الجغرافية، بل يُجسد التطابق التام في الرؤى التنموية، الأمر الذي لا يخدم النمو الاقتصادي الراهن في البلدين فحسب، بل يشكّل نموذجا لتطبيق مبادرة “الحزام والطريق” في إفريقيا والعالم العربي. وأنا على اليقين بأن التعاون العملي بين البلدين في كافة المجالات مقبل على مزيد من الفرص بعد انطلاق “الخطة الخمسية الخامسة عشرة” في الصين.
الأصدقاء الأعزاء، يصادف العام الجاري الذكرى الثمانين لانتصار الشعب الصيني في الحرب ضد العدوان الياباني وانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية وتأسيس الأمم المتحدة. في هذه اللحظة التاريخية المهمة، طرح الرئيس شي جين بينغ خلال اجتماع “منظمة شنغهاي للتعاون +” مبادرة الحوكمة العالمية، انطلاقا من اهتمامه بمستقبل البشرية، وتماشيا مع تيار العصر، وتضمّ هذه المبادرة خمسة مفاهيم أساسية، ألا وهي الالتزام بالمساواة في السيادة، والالتزام بسيادة القانون الدولي، والالتزام بالتعددية، والالتزام بوضع الشعب في المقام الأول، والالتزام بتحقيق نتائج ملموسة. وتتجذر هذه المبادرة في مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتُجسد التقاليد الجيدة للدبلوماسية الصينية، وتلتزم بمفهوم المستقبل المشترك للبشرية، وتوضّح المبادئ والسبل لإصلاح واستكمال نظام الحوكمة العالمية، فإنه يمثل ابتكارا في فهم قوانين الحوكمة العالمية، وارتقاء لنظريات العلاقات الدولية التقليدية، وهو منتج عام دولي آخر تقدمه الصين للعالم. وتتوافق هذه المبادرة مع احتياجات العالم وتطلعات شعوبها، وتضخ عوامل الاستقرار واليقين في العالم المضطرب مع المبادرات الصينية الثلاث الأخرى، أي مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، فحظيت بدعم واضح من 140 دولة ومنظمة دولية.

كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي بوضوح أن مصر تدعم جميع المبادرات العالمية المطروحة من قبل الرئيس شي جين بينغ. وستعزز الصين التواصل والتنسيق مع الأمم المتحدة ومصر وغيرها من الأطراف المعنية، لحسن تنفيذ مبادرة الحوكمة العالمية، والدفع ببناء نظام الحوكمة العالمية الأكثر عدلا وإنصافا، وبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن السائد والرخاء المشترك والانفتاح والشمول والنظافة والجمال، بما يقدم مساهمة الصين في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى