الرئيسيةمقالات الرأي

السيد هاني يكتب : “النفخ فى القربة المقطوعة”

بقلم : السيد هانى
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية

الذين يتحدثون عن “اغتيال القضية الفلسطينية” .. يجب أن يدركوا أن :

١- استمرار حالة الإنقسام الفلسطينى هو الأشد خطرا على مستقبل القضية الفلسطينية من مخططات ترامب ونتنياهو ..
وفى ظل حالة “الانقسام الفلسطينى” القائمة.. تصبح أية جهود تبذل لإقامة الدولة الفلسطينية.. بمثابة “نفخ فى قربة مقطوعة” ..

٢- أن الحديث عن “تصفية” القضية الفلسطينية .. هو حديث خارج السياق .. لأنه أصبح من المستحيل شطب القضية الفلسطينية من التاريخ .. أو حذفها من الأجندة السياسية للعالم .. للأسباب التالية :

أولا : تعداد الفلسطينيين داخل إسرائيل .. يساوى تعداد اليهود تقريبا .. وتعداد الفلسطينيين على مستوى العالم .. بما فى ذلك طبعا دول المهجر .. يزيد قليلا ؛ أو يساوى تعداد اليهود فى العالم ..
ثانيا : دولة فلسطين .. أصبحت عضوا “مراقبا” فى منظمة الأمم المتحدة .. وفى طريقها للحصول على العضوية الكاملة .. مع ظهور أصوات تطالب ب”طرد” إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة ..

ثالثا : تحول الرأى العالمى لصالح القضية الفلسطينية .. خلق حالة من الزخم الدولى تدفع نحو إقامة الدولة الفلسطينية .. المظاهرات فى الجامعات .. وفى الشوارع والميادين فى كثير من دول العالم .. الأعلام الفلسطينية المرفوعة فى هذه المظاهرات.. هى اعتراف من شعوب العالم بوجود الدولة الفلسطينية ..

رابعا : عاشت أوربا طوال أكثر من سبعة عقود داعمة لإسرائيل .. سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا .. الآن أوربا .. تتحول.. وتبتعد عن إسرائيل .. والدول الكبرى فيها تعترف بوجود دولة فلسطين ..

خامسا : إذا كان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أعلن أنه سيعترف بالدولة الفلسطينية .. أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر القادم .. وكذلك بريطانيا على الطريق .. ومن قبلهم كانت أسبانيا وأيرلندا والنرويج وهولندا وسلوفينيا .. وكلها دول كبرى فى الإتحاد الأوربى .. فيجب على الفصائل الفلسطينية التى ترفع شعار المقاومة .. أن تقابل هذه المواقف الأوربية “التاريخية” .. بموقف “تاريخى” .. تعلن فيه حل نفسها .. وانضمامها إلى السلطة الوطنية الفلسطينية .. لتكوين “جبهة فلسطينية موحدة” تخاطب العالم .. لاسيما أن العالم كله .. بحكوماته ومنظماته الدولية .. والأمم المتحدة يعترفون بشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية .. ويتعاملون معها بصفتها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى ..

* * *

يجب أن نتحلى ب “الواقعية السياسية” .. ونعترف بأن “حماس” .. انتهت .. وأنها على مدى تاريخها .. خدمت مخططات إسرائيل أكثر مما خدمت القضية الفلسطينية .. وساعدت بنيامين نتنياهو شخصيا ؛ فى إفشال كل الجهود الدولية التى بذلت لتطبيق مبدأ “حل الدولتين” ..
الذين يدافعون عن “حماس” .. يجب أن يسألوا أنفسهم عن طبيعة العلاقة التى كانت تربط “حماس” وبنيامين نتنياهو .. لكى يقوم نتنياهو بنقل ٣٠ مليون دولار شهريا بالسيارات الإسرائيلية إلى قيادات “حماس” فى غزة .. ؟

– فضلا عن التقارير التى تحدثت عن تزويد نتنياهو ل “حماس” بالأسلحة لتقويتها فى مواجهة السلطة الوطنية الفلسطينية .. لتعزيز حالة الإنقسام الفلسطينى ..!!
* * *
لذلك .. ولأسباب أخرى كثيرة .. فإننى أثير شكوكا حول احتمال مشاركة بنيامين نتنياهو فى التخطيط لهجوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ .. لاسيما أنه أكثر المستفيدين من هذا الهجوم ..

– يجب أن نعترف بأن هجوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ أنقذ مستقبل نتنياهو السياسى .. بعد أن كان على وشك دخول السجن باتهامات رشاوى وفساد مخلة بالشرف ..!
* * *
بقى أن أسجل هذه النقاط

١- قول “حماس” .. أن ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ .. أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الإهتمام العالمى .. هو كذب .. وخداع .. بل و”خيانة” لدماء عشرات الآلاف من شهداء الأطفال والنساء فى غزة ..
الذى أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الإهتمام العالمى .. هى دماء الأطفال والشهداء الذين سقطوا فى حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل .. هى صور المجاذر الوحشية .. وقصف المستشفيات .. وحرق الخيام .. التى أيقظت ضمير البشرية .. فهبت تستنكر وترفض وتدين إسرائيل..
بالتالى يجب على قادة “حماس” أن يستحوا من أنفسهم ويتوقفوا عن هذا الكذب ..!

٢- أن مواقف “حماس” طوال فترة التفاوض التى بدأت منذ بدء الأزمة .. كانت كلها تصب فى مصلحة إسرائيل ، وتقدم لنتنياهو الذرائع للإستمرار فى حرب الإبادة التى يشنها ضد المدنيين الأبرياء فى غزة .. حتى كان يبدو الأمر أحيانا وكأن قادة “حماس” فى الدوحة .. ينسقون مع نتنياهو .. إذ ما معنى أن ترفض “حماس” كل المبادرات التى طرحت عليها من الوسطاء .. وتحتفظ بعشرة أوعشرين رهينة إسرائيلى أحياء وبعض الأموات .. بينما نستيقظ كل يوم على خبر باستشهاد أكثر من مائة شهيد فى غزة معظمهم من الأطفال .. إن الصور الدامية التى نراها كل يوم على شاشات الفضائيات .. وصرخات الأمهات والآباء .. واستغاثات العجائز .. كلها كان يجب أن تحرك ضمائر قادة “حماس” الذين فروا بعائلاتهم إلى الدوحة .. ويعيشون فى فنادق الخمسة نجوم .. دون أى إحساس بمعاناة الفلسطينيين فى غزة ..

– من فضلكم يا قادة “حماس” .. احترموا عقولنا .. !

– إن شلال الدم المتدفق فى غزة .. وعداد الضحايا كل يوم .. يجب أن يتوقف .. وأن تعلنوا قبولكم بما يعرض عليكم وخروجكم من المشهد تماما .. لكى تتوقف حرب الإبادة المستمرة فى غزة .. بذريعة أنكم ترفضون المبادرات التى تطرح عليكم .. لوقف الحرب..!

– بعض المحللين السياسيين .. يتحدث بعبارات مثل : “التنازلات التى قدمتها “حماس” .. و”هل المطلوب استسلام حماس ..؟” ..

– هؤلاء أقول لهم : بعد كل ما حدث من دمار فى قطاع غزة .. وسقوط قرابة ربع مليون فلسطينى بين شهيد ومفقود وجريح ومعوق .. بسبب “حماس” و٧ أكتوبر ٢٠٢٣ .. إذن متى تعلن “حماس” استسلامها ؟ .. من أجل إنقاذ ما تبقى من أطفال غزة؟ .. اليابان استسلمت .. فهل حماس أقوى من اليابان ..؟

– أقول للجالسين فى فنادق الدوحة .. يأكلون الشاورمة و”أم على” .. انقذوا أطفال غزة .. !

– لقد تألمت عندما سمعت أحد الآباء .. الذين يعيشون تحت القصف فى غزة ..يقول : “أنا أطالب الوفد الفلسطينى المفاوض أن يأتى إلينا ويعيش معنا فى غزة .. ليرى ما نعانيه من قصف وجوع” ..!

– لا ياسيدى .. لن يتركوا فنادق الدوحة .. ووجبات “الأوبن بوفيه” .. ويأتوا إليك .. مت أنت وأولادك .. وهم سيظلون فى الدوحة يفاوضون من أجل ضمان أمنهم الشخصى وأموالهم فى البنوك .. تحت شعارات جوفاء .. لم تعد تقنع أحد ..!

زر الذهاب إلى الأعلى