
أيمن عامر
شهدت جامعة الدراسات الدولية في بكين تجربة تعليمية لافتة يجسدها أستاذ مصري استطاع تحويل قاعة الدرس إلى مساحةٍ للتواصل الحضاري وتبادل الثقافات. فخلال أربعة عشر عامًا قضاها في الصين، نجح الدكتور خالد الصاوى —أستاذ اللغة العربية بجامعة الدراسات الدولية ببكين —في بناء نموذج مختلف لتدريس اللغة يقوم على الفهم العميق للثقافة، لا على القواعد والمفردات فقط.
ووفقًا لما يؤكده الدكتور خالد، فإن الطلاب الصينيين الذين التقاهم طوال سنوات عمله لا يكتفون بتعلّم العربية لأغراض أكاديمية، بل يتطلعون إلى إدراك المعاني الأوسع الكامنة خلف اللغة، وتاريخها، وصوتها الثقافي. ويشير إلى أن ما يميّز طلابه هو الاحترام الواسع للمعلم، والحماسة الكبيرة للتعلم، والقدرة على طرح الأسئلة بجرأةٍ ورغبةٍ صادقة في الفهم.
ولا يقتصر نشاط الدكتور خالد على القاعة الدراسية، إذ يخصّص جزءًا من وقته سنويًا لمساعدة الطلاب المصريين الجدد القادمين إلى الصين، فيرافقهم داخل الحرم الجامعي، ويعرّفهم بأماكن السكن والطعام، ويقدّم لهم الدعم اللازم للتأقلم، بل ويستضيف بعضهم في منزله عند الحاجة.
واليوم، يشغل عدد من طلابه السابقين مواقع مؤثرة في وزارات ومؤسسات وشركات وجامعات صينية، ويواصلون بدورهم تعزيز التواصل بين الصين والعالم العربي من خلال عملهم، بما يمثل امتدادًا للدور الذي بدأه أستاذهم داخل قاعة الدرس.
وتعكس هذه التجربة، كما يوضح الدكتور خالد، صورة جيل من الشباب وجد في اللغة جسرًا لفهم أعمق وحوار حضاري متبادل بين ثقافتين كبيرتين، مؤكدًا أن اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل قوة قادرة على بناء مسارات جديدة بين الشعوب وتجاوز الحدود الجغرافية.
facebook.com/reel/1491331688794345/




