الرئيسيةمقالات الرأي

الصين تكسر صوت الهيمنة: لا لاستسلام بلا شروط.. نعم للحوار والعقلانية

 

بقلم: عبدالعزيز سلام الإعلامي بالتلفزيون الصيني                                                               

في وقت يتصاعد فيه التوتر في الشرق الأوسط وتعلو فيه أصوات التهديد والوعيد، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريح مثير للجدل، دعا فيه إيران إلى “الاستسلام الكامل دون قيد أو شرط”. وبينما رأى البعض في هذا التصريح محاولة لإعادة عقارب السياسة إلى منطق القوة، جاء الرد الصيني حاسمًا ومتزنًا: لا مكان لسياسة الإملاءات في عالم متعدد الأقطاب، والحل لا يكون بالاستسلام، بل بالحوار المتكافئ والاحترام المتبادل.

الصين، التي لطالما وقفت إلى جانب الحلول السلمية والتسوية عبر التفاوض، أكدت من جديد رفضها لخطاب التصعيد والهيمنة، ودعت إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي عبر قنوات دبلوماسية عقلانية بعيدًا عن منطق الإملاء أو الإقصاء.

 

أولًا: الصين ترفض سياسة الإملاءات وتدعو إلى احترام سيادة الدول

في معرض تعليقها على تصريحات ترامب، عبّرت الخارجية الصينية عن قلقها من التصعيد الكلامي الذي لا يخدم جهود التهدئة في المنطقة. وأكدت أن الشؤون الإيرانية يجب أن تُحل عبر الحوار لا عبر التهديد، وأن لكل دولة الحق في تقرير مصيرها بعيدًا عن الضغوط الخارجية.

هذه الرسالة ليست موجهة فقط إلى الولايات المتحدة، بل إلى كل من يراهن على منطق “من ليس معنا فهو ضدنا”، والذي ثبت فشله في أكثر من ساحة دولية.

 

ثانيًا: موقف الصين يعكس رؤيتها لنظام دولي عادل ومتعدد الأقطاب

الصين ترى أن العالم اليوم لم يعد يحتمل منطق القطب الواحد. فبينما تحاول بعض القوى فرض شروطها بالقوة أو العقوبات أو التهديدات، تعمل بكين على ترسيخ رؤية تقوم على الشراكة لا الهيمنة، والتنمية لا التدخل.

ورفضها لفكرة “استسلام إيران دون شروط” هو تأكيد جديد على التزامها بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحق الشعوب في تقرير مصيرها دون ضغوط خارجية.

ثالثًا: دعم الصين للحلول السياسية في الشرق الأوسط ثابت ومبدئي

على مدى السنوات الماضية، أثبتت الصين أنها لاعب دولي متزن يسعى إلى تهدئة النزاعات لا تأجيجها. فقد لعبت دور الوسيط في العديد من الملفات، أبرزها الاتفاق التاريخي بين إيران والسعودية، وأكدت دومًا أن الحلول العسكرية لا تجلب سوى الدمار.

من هذا المنطلق، جاء رد بكين على تصريح ترامب كامتداد لنهجها الثابت: التفاوض هو السبيل الوحيد لتجنب الانفجار، والحوار الشامل هو مفتاح الاستقرار الإقليمي.

صوت الصين في عالم متغير

بينما تزداد سخونة التصريحات والمواقف في ملفات الشرق الأوسط، يُشكّل صوت الصين نموذجًا نادرًا للعقلانية والاتزان. ردها على دعوة ترامب لإيران بـ”الاستسلام الكامل” لم يكن مجرد موقف سياسي، بل إعلان واضح أن زمن الإملاءات قد ولى، وأن العالم بحاجة إلى حلول عادلة، تحترم الكرامة والسيادة، وتعيد الاعتبار للدبلوماسية كأداة أولى لتسوية النزاعات.

وفي ظل ما يشهده الشرق الأوسط من تصعيد، تبرز الصين كلاعب مسؤول، يحمل مشروع استقرار لا مشروع نفوذ، ويؤمن بأن أمن المنطقة لا يتحقق بالضغط والتهديد، بل بالشراكة والحوار المتكافئ.

 

زر الذهاب إلى الأعلى