الصين توضّح أسباب امتناعها عن التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن بشأن ترتيبات ما بعد الحرب في غزة

أيمن عامر
قدّم السفير فو كونغ، مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، توضيحًا مفصّلًا لموقف بلاده عقب التصويت في مجلس الأمن على مشروع القرار المتعلق بترتيبات ما بعد الحرب في غزة، معلنًا أن الصين امتنعت عن التصويت بسبب “ثغرات جوهرية” و”غياب عناصر أساسية” في نص المشروع، رغم اعترافها بالحاجة الملحّة لدعم غزة والحفاظ على وقف إطلاق النار.
غزة… دمار واسع ومعاناة إنسانية
وقال السفير فو كونغ في مستهل بيانه إن غزة، بعد حرب استمرت عامين، أصبحت “أرضًا خرابًا” يعيش فيها أكثر من مليوني إنسان في ظروف قاسية، مؤكدًا دعم بلاده لمجلس الأمن في اتخاذ أي خطوات تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف الكارثة الإنسانية، وبدء إعادة الإعمار.
إلا أنه شدد على أن مشروع القرار الذي عُرض للتصويت “يفتقر إلى الكثير، ويثير قلقًا شديدًا”.
غموض كبير في بنية القوة الدولية المقترحة
وفي النقطة الأولى، انتقد السفير فو كونغ غياب التفاصيل الأساسية حول الهيئات التي يُفترض أن تدير غزة بعد الحرب، ومن بينها مجلس السلام والقوة الدولية المقترحة لتحقيق الاستقرار.
وأوضح أن المشروع لم يقدّم تصورًا واضحًا حول الهيكل، والتكوين، والصلاحيات، والمعايير، رغم طلبات متكررة من أعضاء المجلس للحصول على توضيحات—لكن دون رد من الجهة التي صاغت المشروع.
تغييب المبدأ الأساسي: الفلسطينيون يحكمون فلسطين
وأكد فو كونغ أن مشروع القرار “لا يجسّد المبدأ الأساسي لحكم الفلسطينيين لفلسطين”، مشددًا على أن غزة ملك للشعب الفلسطيني وحده، وأن أي ترتيبات مستقبلية يجب أن تحترم إرادة الفلسطينيين وتُعطي السلطة الوطنية دورها الحيوي.
وأضاف أن فلسطين “تكاد تكون غائبة عن المشروع”، وأنه لا يعكس السيادة الفلسطينية ولا يكرّر الالتزام الدولي الواضح بـحل الدولتين.
تهميش دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن
وأشار السفير إلى أن مشروع القرار يحمّل مكتب المفتش العام مسؤوليات واسعة في إدارة الشؤون المدنية والأمنية في غزة، من دون آلية رقابة فعالة سوى تقارير سنوية مكتوبة.
وأضاف أن الأمم المتحدة تمتلك خبرة كبيرة في إدارة مرحلة ما بعد الصراع، لكن المشروع “لا يوفّر لها دورًا مناسبًا في عملية إعادة إعمار غزة أو إدارتها”.
مشروع قرار بلا مشاورات كافية
وتابع فو كونغ أن المشروع لم يخضع لمشاورات شاملة، إذ جرى الدفع به للتصويت خلال أقل من أسبوعين من تقديمه، بينما لم تُؤخذ في الاعتبار معظم الأسئلة والاقتراحات التي قدّمها أعضاء المجلس.
واعتبر أن هذا النهج “يمسّ بتضامن المجلس” ويُظهر “عدم احترام” لجهود الدول الأعضاء.
الصين: الامتناع رغم التحفّظات حفاظًا على وقف إطلاق النار
ورغم هذه الملاحظات، أوضح فو كونغ أن الصين اختارت الامتناع عن التصويت نظرًا لخطورة الوضع في غزة وضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار، إضافة إلى أخذ مواقف دول المنطقة وفلسطين بعين الاعتبار.
وأشار إلى أن المخاوف الصينية “لا تزال قائمة”، داعيًا مجلس الأمن إلى إبقاء القضية الفلسطينية في صدارة اهتماماته.
تأكيد صيني ثابت على حل الدولتين
وختم فو كونغ بالتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي “قضية عدالة وإنصاف دوليين”، وأن الصين ستواصل دعم حل سياسي عادل ودائم يقوم على:
إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967
عاصمتها القدس الشرقية
ضمان حق الشعب الفلسطيني في الدولة والبقاء والعودة
وأضاف أن الصين مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي لتحقيق حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية.




