حين ينبض الرماد بالحياة …..قصة غير متوقعة من قلب حرائق كاليفورنيا
إحياء الأنقاض يمنح الأمل لمن فقد كل شيء

كتب : خالد جادالله
من رماد الدمار تولد الحياة
كيف تحوّل كاليفورنيا أنقاض الحرائق إلى بذور لإعادة البناء وفي قلب ألتادينا على أطراف لوس أنجلوس المكلومة لا تزال رائحة الرماد عالقة في الهواء وقبل شهور كانت هذه الأرض موطنًا لذكريات
ومتحف غريب وفريد من نوعه يحتفل بالأرانب لحدائق منزلية ومقتنيات نادرة ولكن اليوم كل ذلك بات تحت الأنقاض ولكن وسط السواد ينبثق بصيص نور لا يُرى إلا لمن يبحث عن حياة وسط الموت
نهاية تبدأ من جديد
في مشهد أشبه بسيناريوهات أفلام ما بعد الكارثة، تجولت كانديس فريزي بين ركام ما تبقى من متحفها، عيناها تبحثان لا عن الذكريات بل عن المواد القابلة للحياة و قطع معدنيةو بقايا خرسانية وجذوع شجر محترق وعناصر كانت تُعدّ من مخلفات الدمار لكنها اليوم مفاتيح لمستقبل جديد
إعادة التدوير ليست مجرد وسيلة للتخلص من الأنقاض و تقول فريزي بنبرة فيها مزيج من الأمل واليأس إنها رسالة بأن الحياة لا تتوقف عند حدود اللهب
الهندسة ضد الحريق
عندما اجتاحت حرائق هائلة مناطق واسعة من كاليفورنيا و منها باليساديس وإيتون لم تكن الخسائر محصورة في الهياكل المحترقة والبيوت التي تهدمت ولكن كانت أحلامًا لأناس واستثمارات لسنين ولكن وفي استجابة نادرة بالتكامل بين الإغاثة والهندسة انطلقت عمليات لإعادة تدوير كل ما يمكن إنقاذه بقيادة ضباط مختصين من المهندسين الأمريكي التى جُمعت كتل الخرسانة المدمّرة وكُبست المعادن المتفحمة ونُقلت بالشاحنات إلى مصانع إعادة التدوير هناك وبدلًا من أن تذهب إلى مقالب النفايات بدأت هذه المواد رحلة عكسية إلى دورة البناء
الصلب لا يموت
في ملعب غولف تحوّل مؤقتًا إلى نقطة تجميع الشاحنات التي تصطف لتُفريغ أطنانا من الفولاذ الملتوي و يُكبس المعدن هناك ويُرسل لمصاهر متخصصة حيث يُصهر ويُحوّل إلى أبواب سيارات أو دعامات لبنايات جديدة أو حتى ألواح أسقف وفق بيانات صناعية فإن كل طن من الفولاذ يُعاد تدويره يساهم في تقليل آلاف الأطنان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
لكن الأهم من الأرقام هو أن الفولاذ لا يفقد قيمته وهو المادة التي لا تموت وكل جزء منها قابل لحياة ثانية وثالثة وعاشرة
منزل قديم و بيت جديد
الخشب و كل عنصر يمر عبر تقييم دقيق وهو ما يمكن إعادة استخدامه و يُرسل لمصانع المعالجةوما لا يصلح يفصل بعناية ويُتخلص منه بطريقة صديقة للبيئة والأمر لا يتعلق فقط بإعادة التدوير كعملية بيئيةبل كخطوة إنسانية تمنح العائلات التي فقدت منازلها شعورًا بأن شيئًا ما من ماضيهم سيظل حيًا وربما يعود يوما ما ليكون جزءًا من جدار جديد أو نافذة تطل على بداية جديدة
بين المخاوف والتقدم
ورغم هذه المبادرات الجريئةلم تخلُ العمليات من القلق عبّر بعض السكان عن مخاوف بشأن انتشار جزيئات في الهواء جراء عمليات التكسير والفرزإلا أن فرق العمل تؤكد اتخاذ إجراءات احترازية صارمة منها الرش المستمر للمواقع ومراقبة جودة الهواء لضمان سلامة البيئة والسكان
الرماد لا يعني النهاية
من على أنقاض الحريق وبين أصوات الشاحنات والنيران التي لم تعد تُرى ولكن لا تزال تُشَمّ تولد قصة مختلفة ليست عن الدمار بل عن النهوض وهذه ليست مجرد عملية إعادة تدوير إنها فلسفة حياة تقول من كل شيء يُفقد يمكن أن يُصنع شيء جديد.