القاهرة وأنقرة تمضيان نحو شراكة استراتيجية أعمق: اجتماع لجنة التخطيط المشتركة يحدد ملامح المرحلة المقبلة


أيمن عامر
في خطوة جديدة تعكس الزخم المتصاعد في العلاقات المصرية–التركية، تستضيف العاصمة أنقرة اجتماعات لجنة التخطيط المشتركة بين البلدين، بمشاركة وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، وذلك في إطار التحضير لانعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى الذي يجمع الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان خلال النصف الأول من عام 2026.
وأكد السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن أن هذا الاجتماع يمثل محطة محورية في مسار التعاون الثنائي، حيث سيتم خلاله تنسيق التحضيرات الخاصة بالمجلس، وبحث أولويات العمل المشترك للمرحلة المقبلة في مختلف المجالات من خلال آلية التشاور والتنسيق المؤسسي التي باتت تميز العلاقات بين الجانبين.
وأوضح السفير شن في تصريحاته أن العلاقات السياسية بين مصر وتركيا شهدت نقلة نوعية منذ عام 2022، حيث عادت إلى مسارها الطبيعي مع تبادل السفراء منتصف عام 2023، وتأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى في فبراير 2024 كمنصة رئيسية لتنظيم أوجه التعاون بين البلدين.
وأشار إلى أن الاجتماع الأول للمجلس الذي عُقد في أنقرة خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2024 أسفر عن توقيع 17 اتفاقية تعاون رسمت الإطار العام للشراكة الاستراتيجية الجديدة، فيما من المنتظر أن يُعقد الاجتماع الثاني للمجلس في القاهرة عام 2026 برئاسة الزعيمين.
وأضاف أن الرئيس أردوغان زار مصر ثلاث مرات خلال العام والنصف الماضيين، شملت العاصمة الإدارية الجديدة لحضور قمة مجموعة الدول الثماني النامية، ومدينة شرم الشيخ للمشاركة في قمة السلام 2025، مشيرًا إلى أن هذه الزيارات المتبادلة تعكس متانة الروابط السياسية والإرادة المشتركة لبناء تعاون استراتيجي شامل.
وفي الشأن الاقتصادي، أوضح السفير شن أن التبادل التجاري بين البلدين تجاوز 8 مليارات دولار عام 2024، وهو رقم قياسي يؤكد عمق العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأنقرة.
وأشار إلى أن اتفاقية التجارة الحرة تمثل الإطار الرئيسي المنظم للتجارة الثنائية، وأن مصر نجحت في تطبيقها بكفاءة عالية، مما يعكس قوة الاقتصاد المصري وقدرته التنافسية، مؤكدًا أن البلدين يسعيان لتعزيز التعاون في قطاعات الصناعة والطاقة والنقل والبنية التحتية.
كما أشار إلى توسع الاستثمارات التركية في مصر خلال السنوات الأخيرة، لاسيما في مجالات النسيج والصناعات الكيماوية والأجهزة المنزلية، مستشهدًا بمشروعات بارزة مثل مصنع “بيكو” في العاشر من رمضان، ومصانع “هيات كيميا” في العين السخنة، والتوسع في منطقة القنطرة غرب ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأوضح أن مصر أصبحت وجهة جاذبة للمستثمرين الأتراك بفضل بيئة الأعمال المستقرة وموقعها الجغرافي المتميز واتفاقياتها التجارية المتعددة.
وأضاف السفير أن حركة النقل البحري بين البلدين تشهد نموًا متسارعًا، مع خطط لإطلاق خدمات جديدة مثل خط RORO، إلى جانب الطفرة الملحوظة في السياحة التركية إلى مصر بعد تطبيق نظام التأشيرة عند الوصول، حيث تضاعف عدد الزوار الأتراك ثلاث مرات خلال العام الماضي.
وفي المجال الثقافي والفني، أشار السفير شن إلى أن عام 2025 يمثل الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، وستشهد الفترة المقبلة تنظيم عدد من الفعاليات المشتركة، أبرزها معرض للخط العربي بالتعاون مع الجمعية الجغرافية المصرية، ومعرض للأزياء التركية التقليدية، وحفل موسيقي تركي–مصري يوم 19 نوفمبر الجاري، إضافة إلى مشاركة فنانين ومخرجين أتراك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي السادس والأربعين.
وأوضح أن هذه الأنشطة الثقافية والفنية تعزز جسور التواصل بين الشعبين وتُعيد إحياء الروابط التاريخية بين الحضارتين المصرية والتركية.
واختتم السفير تصريحاته بالتأكيد على أن العلاقات بين البلدين تشهد مرحلة غير مسبوقة من التنسيق والتكامل، معربًا عن ثقته بأن مجلس التعاون الاستراتيجي الرفيع المستوى سيواصل قيادة مسيرة التعاون نحو شراكة استراتيجية متكاملة تحقق مصالح الشعبين وتدعم الاستقرار والتنمية في المنطقة.




