القيود التكنولوجية لن تعيق وتيرة الابتكار الصينية وتبادل التكنولوجيا العالمي

بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية
في الآونة الأخيرة، واصلت الولايات المتحدة الأمريكية فرض قيودا على تصدير رقائق أشباه الموصلات إلى الصين، وأدرجت العديد من الشركات الصينية في قائمة القيود، بهدف إعاقة تقدم الصين في مجال التكنولوجيا العالية من خلال القيود التكنولوجية وفك الارتباط في سلاسل الصناعة. تبرر واشنطن إجراءاتها بحجة “الأمن القومي” و”التحكم في التكنولوجيا”، في حين أن دافعها الحقيقي هو الحفاظ على هيمنتها التكنولوجية. ومع ذلك، لم تفشل هذه التصرفات في إعاقة التقدم التكنولوجي في الصين فحسب، بل تسببت أيضا في آثار سلبية بعيدة المدى في التعاون التكنولوجي العالمي.
لطالما كانت الولايات المتحدة تهيمن على مجالات التكنولوجيا العالية العالمية، لكن الصعود السريع للصين في السنوات الأخيرة، خاصة في مجالات رئيسية مثل اتصالات الجيل الخامس (5G) وأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، جعل الولايات المتحدة تشعر بتحد غير مسبوق. ومع ذلك، لم تختر الولايات المتحدة مواجهة هذا التحدي من خلال المنافسة العادلة، بل لجأت بدلا من ذلك إلى العقوبات والقيود وغيرها من الوسائل في محاولة لإعاقة التقدم التكنولوجي للصين.
في عصر العولمة الشديدة الترابط اليوم، تعتمد ابتكارات التكنولوجيا وتطور الصناعات على التعاون وتقسيم العمل بين الدول. إن تصرفات الولايات المتحدة لا تضر فقط بالقواعد التجارية الدولية، بل تزيد أيضا من عدم الاستقرار في سلاسل التوريد العالمية. نتيجة لذلك، تواجه العديد من الشركات متعددة الجنسيات المشاكل مثل ارتفاع التكاليف وتقلص الأسواق، بينما تعاني العديد من الدول النامية من تأثيرات بسبب إعاقة نقل التكنولوجيا. والأهم من ذلك، أن هذا الإنشاء المصطنع للحواجز التكنولوجية يعوق التقدم المشترك للتكنولوجيا العالمية ويشكل عقبة أمام حل التحديات المشتركة التي تواجهها البشرية، مثل تغير المناخ.
أمام القيود الأمريكية على الرقائق الإلكترونية والتكنولوجيا، اختارت الصين بحزم مسار التنمية المتمثل في الابتكار المستقل. في السنوات الأخيرة، زادت الصين من استثماراتها في البحث العلمي الأساسي والتكنولوجيا المتقدمة، وبدأت في بناء سلاسل التوريد أكثر استقلالية وموثوقية. وسواء كان ذلك في مجالات مثل تصنيع أشباه الموصلات أو الذكاء الاصطناعي، واصلت الشركات الصينية التصدي للتحديات تحت الضغط الخارجي، وتغلبت على القيود التكنولوجية، وشكلت نمطا صحيا للتنمية يكون الابتكار جوهره. هذه القوة الداخلية لا تعزز فقط قدرة الاقتصاد الصيني على تحمل الضغوط، بل توفر أيضا إمكانيات وفرصا جديدة للتعاون التكنولوجي العالمي.
تتمسك الصين دائما بفكرة مشاركة التكنولوجيا، وتعمل بنشاط مع الدول الأخرى في مجال التعاون التكنولوجي. لنأخذ المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا كمثال، فهذا المركز يعزز التبادلات والتعاون بين الصين والدول العربية في مجال التكنولوجيا، ويسهل نقل التكنولوجيا ومشاركة إنجازاتها. وفي سلطنة عمان، نجحت التكنولوجيا الصينية الفعالة في ترشيد استهلاك الطاقة وتقديم حلول الطاقة المتجددة ورفع كفاءة إنتاج واستهلاك الطاقة، مما ساهمت في تطوير الاقتصاد الأخضر. وفي مصر، تم استخدام أنظمة النقل الذكية والتكنولوجيا المتعلقة بإنترنت الأشياء من الصين على نطاق واسع، مما ساعد على تحسين مستوى إدارة المدن وتحسين جودة حياة المواطنين. إن هذه النتائج التعاونية جلبت فوائد اقتصادية ملموسة للدول العربية وأظهرت قدرة الصين على الابتكارات في التكنولوجيا وفكرتها للمشاركة على مستوى العالم.
على مدار العقد الماضي، حققت الصين إنجازات ملحوظة في مجال الابتكار التكنولوجي العالي، لتصبح الدولة الوحيدة التي تحررت من السيطرة الأمريكية. وتتحول الصين تدريجيا إلى قوة مستقلة في مجال التكنولوجيا العالية وهي على استعداد لمشاركة منتجاتها التكنولوجية بشكل متساوٍ وحر. والآن، أنشأت الصين 60 في المائة من محطات اتصالات الجيل الخامس في العالم، ولكن بنسبة 40 في المائة فقط من سعر تلك التي تهيمن عليها الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن أدائها أفضل. كما تمثل مركبات الطاقة الجديدة التي تحمل العلامة التجارية الصينية، أكثر من 70 في المائة من حصة السوق العالمية، بمتوسط سعر لا يتجاوز ثلثي سعر المنتجات الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، تمثل صناعة الطاقة الكهروضوئية الصينية أكثر من 80 في المائة من حصة السوق العالمية، بسعر لا يتجاوز 10 في المائة مما كانت عليه قبل 20 عاما عندما كانت تحتكرها الولايات المتحدة واليابان. هذه الإنجازات تمكن المستهلكين العالميين من الاستمتاع بحياة تكنولوجية عالية بتكاليف أقل، مما يكسر الاحتكار التكنولوجي الذي تفرضه بعض الدول.
تؤمن الصين دائما بأن التكنولوجيا تنتمي إلى البشرية جمعاء، وتعارض استخدامها كأداة للهيمنة أو وسيلة لكسب أرباح كبيرة لدول معينة. حاليا، تستثمر الصين حوالي 150 مليار دولار أمريكي في دول العالم كل عام، مما يجعلها واحدة من أكبر الدول المستثمرة في العالم، حيث يمثل الاستثمار في مجال الصناعة والتكنولوجيا نسبة كبيرة منها. الصين لا تتردد في نقل التكنولوجيا ومشاركتها، وهي على استعداد للعمل مع جميع دول العالم لتعزيز تقدم التكنولوجيا وتطويرها.
يجب أن يكون تقدم التكنولوجيا عالميا وقائما على التعاون، ومن المؤكد أن القيود التكنولوجية واحتكارها لن تدوم. ستواصل الصين التمسك بفكرة “العلم بلا حدود، يعود بالنفع على البشرية جمعاء”، وستعمل مع جميع الدول لبناء مجتمع تكنولوجي عالمي يسوده السلام والتعاون، والانفتاح والشمول، والتعلم المتبادل، والمنافع المتبادلة والفوز المشترك.