
كتب: خالد جادالله
في الوقت الذي تسلط فيه الأضواء على الأهداف، البطولات والصفقات الكبرى هناك تقدم صامت يجري في الخفاء لا تبث على الشاشات ولا تلتقطها عدسات المصورين لكنها تغير وجه الرياضة العالمية بأكملها وهذا التقدم لا يحدث في الملاعب بل في أدمغة اللاعبين أنفسهم ولكن كيف تتحول الرياضة من مجرد أداء بدني إلى معركة عقلية، وكيف أصبح الذكاء الذهني السلاح السري الجديد للنجوم العالميين
الذكاء العقلي السلاح الخفي في الملاعب
لم تعد اللياقة البدنية أو المهارات الفنية وحدها هي المعيار الأساسي لنجاح الرياضيين بل أصبح الذكاء العقلي والتحكم العصبي عاملآ حاسماً في تحديد مصير المباريات وقد أظهرت دراسات حديثة غير منشورة بعد من قِبل باحثين أوروبيين مطلعين أن نسبة 45% من حسم النتائج الحاسمة في كرة القدم خلال آخر 5 سنوات تعود إلى قرارات ذهنية لحظية ناتجة عن تدريب دماغي متخصص و العديد من الأندية الكبرى مثل فرق من الدوري الإنجليزي و الإسباني بدأت تعتمد على مدربين عقليين خاصين، يشرفون على تدريب اللاعبين على التحكم في نبضات القلق تحت الضغط ومحاكاة سيناريوهات اللعب داخل الدماغ قبل حدوثها بالإضافة إلى اتخاذ القرار خلال أقل من 0.6 ثانية في مواقف حرجة وتقوية مناطق معينة من الدماغ عبر جلسات نيور وفيدباك وهي تقنية تحفيز دماغي دقيقة جداً.
الناشئين الجيل القادم من الرياضيين العقليين
في خطوة غير معلنة بدأت بعض أكاديميات الكرة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وتحديداً في المغرب وتونس في اعتماد مناهج لتدريب اللاعبين الصغار ليس فقط على التكتيك والمهارات بل على التحكم العقلي الكامل في سن لا تتجاوز 11 عاماً كما وتظهر وثائق حصلنا عليها من مصدر داخلي في إحدى هذه الأكاديميات أن اللاعبين يتم إخضاعهم لتجارب عقلية مثل
تمارين في الظلام الكامل لتعزيز الإحساس المكاني وألعاب تفاعلية رقمية لتنمية سرعة رد الفعل دون الاعتماد على الرؤية بالإضافة تمارين تأمل وتركيز تشبه ما يستخدمه طيارو المقاتلات الجوية.
هل يقترب عصر اللاعب الآلي
مع هذا التحول المتسارع في عالم العقل الرياضي هناك تساؤلات مشروعة بدأت تطرح وهي هل سنصل إلى مرحلة يكون فيها اللاعب ماكينة عقلية قبل أن يكون إنساناً بدنيآ وهل يمكن تدريب العقل على توقع إصابات الخصم أو نقاط ضعفه و إلى أي حد يمكن أن يظل الأداء الإنساني طبيعياً في ظل هذا التقدم الذهني والتقني إن العالم الرياضي يقف اليوم على أعتاب تقدم من نوع جديد
عصر اللاعب الذكي جدآ قد يكون أقرب مما نتخيل ولن تكفي السرعة ولا المهارة ولا حتى القوة البدنية فالمستقبل سيكون لأولئك القادرين على التفكير بشكل أسرع من الخصم نعم إنها ليست لعبة عضلات بعد الآن بل لعبة عقول.