عرب وعالم

الناشط السياسي والإعلامي النيجيري د. مفتاح أديولي أولالي في حوار خاص لـ”صوت الأمم”: تهديدات ترامب العسكرية لنيجريا مناورة لصفقات اقتصادية

الناشط السياسي والإعلامي النيجيري د. مفتاح أديولي أولالي 

تهديدات ترامب العسكرية لنيجيريا مناورة لعقد صفقات اقتصادية
الإرهاب في نيجيريا يستهدف المسلمين قبل المسيحيين
رئيس نيجيريا مسلم وزوجته مسيحية… ولا يعقل أن نقتل بعضنا
ينبغي مساعدة نيجيريا في محاربة الإرهاب لا محاربتها بالهجمات الأمريكية
أمريكا تريد ثروات نيجيريا كما فعلت في العراق وأفغانستان

حوار: أيمن عامر

أثارت تهديدات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالتدخل العسكري في نيجيريا، تحت ذريعة حماية المسيحيين من “العنف الطائفي”، موجة من الجدل والتساؤلات حول حقيقة الأوضاع الأمنية والاجتماعية في الدولة الواقعة بغرب إفريقيا، وما إذا كانت تلك الادعاءات تستند إلى وقائع حقيقية أم أنها مجرد مبررات لمصالح خفية.

وفي هذا السياق، أجرى موقع “صوت الأمم” حوارًا خاصًا مع الدكتور مفتاح أديولي أولالي، الناشط السياسي والإعلامي النيجيري، للوقوف على حقيقة تلك التهديدات وموقف نيجيريا الرسمي والشعبي منها.

* بدايةً، ما حقيقة الادعاءات الأمريكية حول اضطهاد المسيحيين في نيجيريا؟

** هذه الادعاءات عارية تمامًا من الصحة، فالشعب النيجيري، مسلموه ومسيحيوه، يعيشون في وئام وتسامح ديني، ويتمتع الجميع بحرياتهم الدينية الكاملة. ما وقع من أعمال عنف في بعض المناطق لا علاقة له بالدين، بل هو إرهاب منظم يستهدف الجميع، والمسلمون كانوا أكثر المتضررين. لا يوجد في نيجيريا تعصب ديني، بل علاقة أخوة وتعايش تاريخي.

* من يقف خلف أعمال العنف تلك؟

** من يرتكب هذه الجرائم هي جماعات إرهابية متطرفة لا دين لها، مثل “بوكو حرام” و”داعش”، وهي تستهدف المسلمين قبل المسيحيين. الإرهاب ظاهرة عالمية، وقد ضرب أمريكا نفسها في مدارسها وأماكن عامة، فهل هذا يبرر أن يحارب العالم الولايات المتحدة؟!

* كيف تنظرون إلى تهديدات ترامب العسكرية لبلادكم؟

أديولي:
** نيجيريا دولة ذات سيادة وطنية محمية بالقانون الدولي، وليس من حق أي دولة، بما فيها الولايات المتحدة، تهديدها تحت أي ذريعة. إذا كان ترامب يريد المساعدة، فليمد يده لمحاربة الجماعات الإرهابية بالتعاون مع الحكومة النيجيرية، لا بإطلاق التهديدات. الحقيقة أن ترامب لا يريد حماية المسيحيين، بل يسعى لتحقيق أطماع سياسية واقتصادية. أمريكا تاريخيًا دولة استعمارية، تسعى دائمًا للهيمنة ونهب ثروات الشعوب.

* ما نسبة المسيحيين إلى المسلمين في نيجيريا؟

** عدد سكان نيجيريا يبلغ نحو 200 مليون نسمة، ونسبة المسيحيين تتراوح بين 25 إلى 30%. يعيش الجميع في سلام ومودة، تجمعهم دولة المواطنة لا الطائفة.

* كيف تصف واقع الحريات الدينية في نيجيريا؟

** الحريات الدينية في نيجيريا مكفولة للجميع وفق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات. هناك عائلات نيجيرية نصف أفرادها مسلمون والنصف الآخر مسيحيون، وحتى رئيس الدولة مسلم وزوجته مسيحية. الجماعات الإرهابية استهدفت المساجد قبل الكنائس، بل نفذت تفجيرات أثناء صلاة الجمعة وشهر رمضان، مما يثبت أن الإرهاب لا يميز بين مسلم ومسيحي.

* وماذا عن تمثيل فئات المجتمع داخل الحكومة النيجيرية؟

** الحكومة النيجيرية تضم مسلمين ومسيحيين في مناصب عليا. الرئيس مسلم وزوجته مسيحية، وأكثرية الوزراء مسيحيون. هذا يؤكد أن الطائفية غير موجودة في نظامنا السياسي، فكيف يعقل أن يحارب رئيس مسلم دين زوجته؟ كلنا نعيش وفق مبدأ “لكم دينكم ولي دين”.

*هل تستخدم واشنطن ملف الحريات الدينية كأداة للضغط السياسي؟

**بالتأكيد. ما يقوله ترامب حول الحريات الدينية في نيجيريا مجرد وسيلة للابتزاز السياسي. الجميع في نيجيريا أحرار في العبادة وبناء الكنائس والمساجد دون قيود. أمريكا تحاول توظيف هذا الملف لتبرير تدخلها العسكري، وهو أمر مرفوض تمامًا.

* كيف تعاملت نيجيريا رسميًا مع تلك التهديدات؟

** أصدرت الحكومة النيجيرية رسائل احتجاج رسمية إلى السفارة الأمريكية في أبوجا، رفضت فيها اتهامات واشنطن وتهديداتها. كما أعربت دول كبرى، مثل الصين، عن رفضها لتصريحات ترامب، مؤكدة على سيادة نيجيريا. من يريد مساعدة نيجيريا عليه دعمها في مواجهة الإرهاب، لا مهاجمتها كما حدث في العراق وأفغانستان وليبيا.

* هل تتعامل الولايات المتحدة مع المسيحيين النيجيريين وكأنهم رعايا أمريكيون؟

* هذا هو جوهر المشكلة. أمريكا تتصرف كوصي على العالم. المسيحيون في نيجيريا إخوتنا، ونحن من نحميهم، وليس أمريكا. لم تقدم واشنطن أي دعم لهم من قبل، فلماذا تتباكى عليهم الآن؟ التدخل في شؤوننا الداخلية انتهاك صارخ للسيادة. الإرهاب طال الكنائس والمساجد في الغرب نفسه، فهل يبرر ذلك تدخل دول أخرى في شؤون أمريكا أو أوروبا؟!

* هناك من يرى أن الهدف الحقيقي هو ثروات نيجيريا الضخمة؟

** نعم، هذا هو السبب الحقيقي. نيجيريا غنية بالنفط والذهب واليورانيوم والمعادن النفيسة، وأغلب ثرواتها لم تُستغل بعد. ترامب يسعى لوضع يده على هذه الثروات تحت غطاء “الحماية الإنسانية”، كما فعلت أمريكا في العراق وأفغانستان. لكننا لن نسمح بتكرار هذا السيناريو في بلادنا.

* كيف تواجه نيجيريا تمدد الجماعات الإرهابية في الشمال وعلى حدودها مع النيجر وتشاد؟

** هناك تعاون أمني وعسكري بين دول غرب إفريقيا لمواجهة التنظيمات الإرهابية، ونيجيريا جزء من هذا التعاون. لكننا نؤكد أن الحل هو الدعم والمساعدة، وليس التدخل العسكري الأجنبي. التدخل الخارجي لم يجلب سوى الدمار في الصومال وليبيا والسودان.

* الولايات المتحدة أعادت إدراج نيجيريا في قائمة “الدول المثيرة للقلق” بشأن الحريات الدينية، إلى جانب دول مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية… كيف تفسر ذلك؟

** هذا قرار سياسي بحت، تستخدمه أمريكا كأداة ضغط، رغم أن سجلها في الحريات ليس أفضل حالًا. لا توجد حرية دينية حقيقية في أمريكا نفسها، بينما نيجيريا بلد منفتح يحترم الأديان جميعًا.

* هل ترى أن التلويح الأمريكي بورقة الطائفية يهدف للضغط على نيجيريا بسبب علاقاتها مع الصين وروسيا؟

** بالتأكيد. العلاقات النيجيرية الأمريكية متوترة منذ عهد الرئيس الراحل بخاري، الذي رفض الانصياع للإملاءات الأمريكية. واشنطن غضبت لأن نيجيريا لجأت إلى الصين وروسيا في صفقات التسليح. وبدلًا من احترام قرارنا السيادي، اختارت أمريكا أسلوب التهديد والابتزاز. ترامب يسعى لإخضاع نيجيريا والسيطرة على ثرواتها.

* ما خطورة تحركات القيادة الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” بعد تصريحات ترامب الأخيرة؟

** هذا تطور خطير يهدد السلم والأمن الدوليين. تحريك القوات الأمريكية نحو إفريقيا بحجة “الحماية” خطوة تمهيدية لعدوان جديد. إذا كان ترامب حريصًا على حقوق الإنسان، فلماذا يغض الطرف عن جرائم الإبادة في فلسطين؟! ازدواجية المعايير تفضح نواياه الحقيقية.

* هل ترى في هذه التهديدات محاولة لابتزاز اقتصادي جديد؟

** تمامًا، فهذه التهديدات ليست سوى ورقة ضغط لإبرام صفقات اقتصادية لصالح الشركات الأمريكية، واستغلال موارد نيجيريا الطبيعية. إنها سياسة استعمارية مغلفة بشعارات إنسانية.

* كيف تصف وضع المسيحيين في نيجيريا؟

** المسيحيون يتمتعون بكافة الحقوق والامتيازات مثل المسلمين، وهناك حرية كاملة لبناء الكنائس، كما تُجرى الانتخابات بشفافية على أساس المواطنة لا الدين. بل إن غالبية الوزراء في الحكومة النيجيرية مسيحيون، وهذا أكبر دليل على زيف مزاعم ترامب.

 * أخيرا وهل يضمن الدستور النيجيري حرية المعتقد؟

** نعم، الدستور يضمن المساواة الكاملة بين جميع المواطنين، مسلمين كانوا أو مسيحيين أو لاجئين، ولا توجد أي تفرقة. الجميع سواء أمام القانون في الحقوق والواجبات.

 

🟢 خلاصة القول:
يرى الدكتور مفتاح أديولي أولالي أن تهديدات ترامب ليست سوى مناورة سياسية واقتصادية تستهدف ثروات نيجيريا، وأن الإرهاب في بلاده لا يفرق بين مسلم ومسيحي، داعيًا المجتمع الدولي إلى دعم نيجيريا في حربها ضد الإرهاب بدلًا من محاربتها بالتهديدات العسكرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى