الولايات المتحدة تواجه أضرار اقتصادية طويلة الأمد إثر خفض تمويل البحوث العلمية

كتبت :إيمان خالد خفاجي
حذر باحثون أمريكيون من أن تقليص التمويل الفيدرالي للبحوث العلمية قد يتسبب في أضرار اقتصادية على المدى الطويل توازي أضرار الركود الكبير، وذلك في دراسة جديدة صادرة عن “الجامعة الأمريكية”.
وسعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأشهر الأخيرة إلى إلغاء أو تجميد مليارات الدولارات من المنح المقدمة للعلماء في جامعات مثل كولومبيا وهارفارد وغيرها، كما تحركت لتقليص حاد في التمويل للمراكز الطبية الأكاديمية والمؤسسات الأخرى، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
ومن المتوقع أن تكون هناك تخفيضات أعمق في المستقبل القريب، فمن المتوقع أن يقترح البيت الأبيض هذا الأسبوع تقليصات حادة في الإنفاق التقديري، بما في ذلك على البحث والتطوير، كجزء من عملية إعداد الميزانية السنوية.
وحذر خبراء الاقتصاد من أن هذه التخفيضات قد تضعف القدرة التنافسية للولايات المتحدة في مجالات مثل تطوير اللقاحات والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، وقد تبطئ النمو في الدخل والإنتاجية على المدى الطويل، مؤكدين أن القطاع الخاص لا يستطيع استبدال تمويل الحكومة بالكامل، لأن البحث الأساسي محفوف بالمخاطر ويتطلب وقتًا طويلًا لتحقيق العائدات لجذب الاستثمارات الخاصة الكافية.
وتعد الدراسة، التي أعدها فريق من الاقتصاديين في معهد التحليل الاقتصادي الكلي والسياسات في “الجامعة الأمريكية”، من بين أولى المحاولات لقياس المخاطر التي تطرحها تخفيضات ترامب، نظرًا لأن النطاق الكامل لخطط الإدارة لم يتضح بعد، فقد درس الباحثون مجموعة من السيناريوهات، حتى النهج الأقل حدة، وهو تخفيض بنسبة 25% في الدعم العام للبحث والتطوير.
وأشارت الدراسة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، سينخفض بنسبة 3.8% على المدى الطويل، وهو انخفاض يعادل تقريبًا ذلك الذي حدث خلال الركود الكبير الذي انتهى في عام 2009.
ولكن هذا الانخفاض في الناتج سيكون أكثر تدريجية مقارنة بتلك الأزمة، حيث سيحدث على مدار سنوات وليس أشهر، ومع ذلك سيكون له تأثيرات دائمة، فالتخفيضات في البحث العلمي ستؤدي إلى تراجع الابتكار، مما يؤدي إلى تباطؤ نمو الإنتاجية وبالتالي انخفاض الناتج الاقتصادي بشكل دائم.
وقال إجناسيو جونزاليس، أحد مؤلفي الدراسة: “سيكون هذا الانخفاض دائمًا”، وأضاف: “اقتصاد الولايات المتحدة سيصبح أصغر”، ما يعني أيضًا دخلًا أقل للحكومة من الضرائب.
ويرى الخبراء أنه بينما قد يوفر تقليص الاستثمار في البحث والتطوير على المدى القصير، إلا أنه قد يترك الميزانية الفيدرالية في وضع أسوأ على المدى الطويل، حيث يقدر الباحثون أن تخفيضًا بنسبة 25% في تمويل البحث العلمي سيقلل من إيرادات الحكومة بنسبة 4.3% على المدى الطويل.
أما التخفيضات الأكبر في التمويل ستؤدي إلى تأثيرات أكبر، ويرى الباحثون أن تخفيضًا بنسبة 50% في التمويل سيقلل الناتج المحلي الإجمالي بنحو 7.6%، في حين أن تخفيضًا بنسبة 75% سيخفضه بنسبة 11.3%، وهو انخفاض أكبر من أي ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير.
ونوهت “نيويورك تايمز” عن أن هذه التقديرات قد تبدو مبالغًا فيها، ولكنها تتماشى مع أبحاث أخرى، حيث وجدت دراسة حديثة نشرها بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس أن الاستثمارات الحكومية في البحث والتطوير شكلت ما لا يقل عن خُمس نمو الإنتاجية في الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، حاول العلماء وقادة التعليم العالي جمع الدعم من الجمهور ومن الكونجرس لتمويل البحث الفيدرالي المستمر، حيث أصدر “تحالف العلوم”، وهو مجموعة من الجامعات البحثية العامة والخاصة، تقريرًا عن دور التمويل الفيدرالي في تعزيز النمو الاقتصادي، أمس الثلاثاء، أبرز فيه أمثلة على شركات خاصة نشأت من أبحاث جامعية مدعومة من الحكومة.