انطلاق مؤتمر “التراث الفلسطيني في ضوء العدوان والإبادة الجماعية” بالقاهرة

أيمن عامر
افتُتِحت اليوم السبت أعمال المؤتمر العلمي المحكّم “التراث الفلسطيني في ضوء العدوان والإبادة الجماعية – واقع ومستقبل”، الذي تستضيفه سفارة دولة فلسطين في القاهرة بالتعاون مع الهيئة الفلسطينية للثقافة والفنون والتراث، وبرعاية اللجنة الوطنية الفلسطينية للتراث المادي وغير المادي.

ويأتي انعقاد المؤتمر متزامنًا مع فعاليات إحياء يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، بهدف إبراز حجم الدمار الذي ألحقه الاحتلال بالمواقع الأثرية والتاريخية في فلسطين، ولا سيما في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان شامل طال الإنسان والحجر والتراث.
وترأس المؤتمر شرفيًا الكاتب المصري الكبير محمد سلماوي، بمشاركة سفير دولة فلسطين لدى مصر دياب اللوح، وأمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم جهاد رمضان، ورئيس الهيئة الفلسطينية للثقافة والفنون والتراث في غزة جمال سالم، ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر سهيل دياب.
السفير دياب اللوح: التراث يتعرض لعدوان يستهدف الرواية والهوية
وأكد السفير اللوح في كلمته الافتتاحية أن الشعب الفلسطيني ما زال يواجه حربًا مدمّرة تستهدف البشر والمقدسات والموروث الحضاري، مشيرًا إلى أن الاحتلال وعصابات المستوطنين عملوا بصورة ممنهجة على تدمير المعالم التراثية في مختلف أنحاء فلسطين.
وقال إن المؤتمر يسلّط الضوء على آليات حماية التراث المادي وغير المادي باعتباره ركيزة أساسية في الهوية الوطنية والتاريخ الفلسطيني، لافتًا إلى استمرار الاحتلال في طمس المعالم التاريخية وملاحقة الرواية الفلسطينية عبر تغيير أسماء المدن والقرى وتشويه السردية منذ الحضارة الكنعانية وحتى اليوم.
ودعا اللوح إلى تدويل جرائم الاحتلال بحق التراث، وتعزيز التوعية العلمية بشأن الإرث الحضاري الفلسطيني، وتأسيس أرشيف رقمي عالمي يحفظ الذاكرة الوطنية من السرقة والطمس، إلى جانب رقمنة الحكايات الشعبية والوثائق التي تستهدفها آلة الاحتلال ضمن حربها المفتوحة على الثقافة الفلسطينية.
محمد سلماوي: استهداف التراث جريمة حرب ومحاولة لاقتلاع شعب
من جانبه، شدد الكاتب محمد سلماوي على أن الإبادة الجماعية لم تقتصر على قتل الإنسان، بل امتدت لتدمير التاريخ والتراث الفلسطيني، وهما الأساس المكوّن للهوية الوطنية.
وأوضح أن الاحتلال دمّر وسرق آثارًا نادرة في قطاع غزة تعكس حضارات إنسانية متعددة على مر العصور، وهي جريمة تمسّ التراث العربي والعالمي.
وأضاف أن عملية محو الثقافة وتزييف التاريخ تشكّل اعتداءً واضحًا على الذاكرة الفلسطينية وانتهاكًا للقانون الدولي واتفاقيات حماية الممتلكات الثقافية خلال النزاعات المسلحة، معتبرًا ذلك جريمة حرب مكتملة الأركان.
وثمّن سلماوي جهود سفارة فلسطين في القاهرة وإتاحتها تنظيم هذا المؤتمر الذي يعيد تسليط الضوء على الإرث الحضاري الفلسطيني وسبل الحفاظ عليه.
جهاد رمضان: الإرادة الثقافية أقوى من الحرب
بدوره، أكد جهاد رمضان أهمية تكاتف المؤسسات العلمية والثقافية لحماية التراث الفلسطيني في ظل ما يواجهه من تهديدات خطيرة، لافتًا إلى أن عنوان المؤتمر يعكس حجم المأساة والإصرار على صون الذاكرة الوطنية في مواجهة محاولات الاحتلال لطمس الهوية.
وأشار إلى ضرورة حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته، وآخرها الاستيلاء على أراضي قرية سبسطية بذريعة الحفاظ على تراث مزعوم.
كلمة غزة: دعوة لتحمّل المسؤولية الدولية
وفي كلمة مسجلة من غزة، أكد جمال سالم أن مخرجات المؤتمر تشكّل نداءً موجّهًا للمؤسسات الرسمية والأهلية وللمجتمعين العربي والدولي لتحمّل مسؤولياتهم في حماية التراث الفلسطيني الذي يعد جزءًا من التراث الإنساني العالمي.

اللجنة العلمية: مواجهة محاولات طمس الهوية
كما شدد سهيل دياب على أن المرحلة الراهنة تستدعي دورًا مضاعفًا من الأكاديميين والخبراء للتصدي لمحاولات محو الهوية وسرقة الموروث الحضاري الفلسطيني، معتبرًا المؤتمر محطة إضافية في مسيرة النضال من أجل تثبيت الهوية الوطنية وكشف حجم الدمار الثقافي الذي خلّفه الاحتلال.
فعاليات المؤتمر
وتستمر أعمال المؤتمر على مدار ثلاث جلسات في يوم واحد بمقر سفارة فلسطين في القاهرة، متضمنة:
معرض صور يوثّق الدمار الذي لحق بالمواقع الأثرية والسياحية والتراثية في غزة.
فيلم وثائقي عن مدينة غزة ومعالمها التاريخية.
معرض للمطرزات والمشغولات التراثية لنساء ناجيات من الحرب.
مداخلات بحثية يقدمها باحثون من غزة والضفة الغربية والقدس عبر تقنية الفيديو كونفرنس.



