بقلم : خالد جادالله
لا أحد يجهل الرابع من يوليو، ذاك اليوم الذي تزين فيه سماء الولايات المتحدة بالألعاب النارية وتلتمع فيه أعين الأطفال في الحدائق، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذا التاريخ ليس مجرد ذكرى وطنية، بل لحظة مفصلية ولدت فيها فكرة أن الإنسان يملك الحق في تقرير مصيره ، 4 يوليو 1776 لم يكن يومًا لأمريكا فقط، بل كان فجرًا جديدًا لحرية الأفكار في عالم كان يرزح تحت عباءة الممالك والإمبراطوريات.
الاستقلال حلم أم مشروع بشري خطير
حين اجتمع 56 رجلاً في قاعة خشبية بفيلادلفيا ووقعوا على وثيقة تحدّت أقوى إمبراطورية عرفها القرن الـ18، لم يكونوا يدرون أنهم أطلقوا كرة ثلج ستجرف معها عروشًا وأنظمة فكرية واجتماعية لعقود لاحقة. لم يكن إعلان الاستقلال مجرد وثيقة؛ بل كان سلاحًا أيديولوجيًا ، كل الناس خُلقوا متساوين جملة كتبت بالحبر لكنها غيّرت العالم، ليس لأنها أعلنت استقلال 13 مستعمرة، بل لأنها قالت لأول مرة بصوتٍ واضح الإنسان هو السيد، لا الملك.
الألعاب النارية احتفال أم قنبلة ذاكرة
تخيل أن كل شعلة نارية تنفجر في السماء ليلة الرابع من يوليو هي استعارة عن مدفع أُطلق في حرب الثورة أو قلب خافق لمزارع فقير حلم بمستقبل حر لأطفاله كثيرون لا يعرفون أن أول احتفال بالألعاب النارية في هذا اليوم كان سنة 1777 أي بعد عام فقط من إعلان الاستقلال وفي زمن كانت فيه أمريكا لا تزال تحارب على جبهات عديدة ولم يكن النصر مضمونًا
أكلات الرابع من يوليو ماذا يقول الطعام عن الحرية
لا يخلو هذا اليوم من حفلات الشواء والهوت دوغ والذرة المشوية ولكن المفارقة أن هذه الأطعمة البسيطة هي نفسها التي كانت تقدم للجنود في معسكرات الحرب الثورية الفارق الوحيد أن طعمها اليوم مغطى بالنصر لا الغبار
ماذا لو لم تستقل أمريكا في 1776
سؤال لا يُطرح كثيرًا ماذا لو لم تُعلن أمريكا استقلالها هل كان سيظهر الإنترنت أصلًا هل كنا سنعرف هوليوود وهل كان مارتن لوثر كينغ سيحلم أم سيُطلب منه أن يصمت هل كان سيتحول الفضاء إلى حلم أمريكي أم مجرد ساحة صراع بريطانية وفرنسية العالم كما نعرفه اليوم ربما لم يكن ليولد أبداً لو لم يُكتب إعلان من 1337 كلمة على ورقة عمرها قرون
عيد الاستقلال ليس مجرد علم يُرفرف بل فكرة تخترق الزمان أن الأوطان لا تولد من جغرافيا فقط بل من إيمان وكل شعلة في سماء أمريكا في 4 يوليو تهمس للعالم أن تكون حرًا ليس امتيازًا إنه مسؤولية.
