تكلييف رئيس محكمة العدل الدولية القاضى نواف سلام رئيساً لحكومة لبنان

كلّف رئيس الجمهورية اللبنانية المنتخب جوزاف عون، رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بعد إتمام الاستشارات النيابية، وحصول القاضي نواف سلام على 85 صوتاً متقدماً على منافسه رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي نجيب ميقاتي الذي حصد 9 أصوات فقط، فيما امتنع 34 نائباً عن اختيار مرشح للحكومة.
وبرز اسم القاضي نواف سلام، الذي يشغل منصب رئيس محكمة العدل الدولية، كمرشح لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعد أن تمّ انتخاب مجلس النواب اللبناني لجوزاف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية بعد أكثر عامين من الفراغ في سدّة الرئاسة.
وكما في منصب رئاسة الجمهورية، دخلت الحكومة الحالية في مرحلة تصريف الأعمال منذ 31 أكتوبر الأول 2022، مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ما يعني مرور أكثر من عامين أيضاً دون وجود حكومة جديدة.
وليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها اسم نواف سلام لتشكيل الحكومة في لبنان وقد طرح أول مرة عام 2019 .
يذكر أن رئاسة الجمهورية اللبنانية، أعلنت مساء اليوم الاثنين تسمية رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام، لتشكيل الحكومة بعدما أيده 85 نائباً من إجمالي 128، في الاستشارات النيابية.
وقال المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير ، في بيان، إن الرئيس جوزيف عون “استدعى القاضي نواف سلام لتكليفه تشكيل الحكومة، علماً أنه موجود حالياً خارج البلاد ومن المقرر أن يعود” غداً الثلاثاء.
وحصل سلام على تأييد 85 نائباً مقابل تأييد 9 آخرين لنجيب ميقاتي، بينما امتنع 34 عن تسمية أي من المرشحين، بينهم كتلة حزب الله والبالغ عددها 15 نائباً.
يذكر أنه بعد إعلان مرشحين عدة استعدادهم لتولي المنصب الذي يعود إلى الطائفة السنية في لبنان، انحصرت المنافسة بشكل رئيسي بين مرشحين، هما نجيب ميقاتي ونواف سلام .
مهمة تشكيل الحكومة
وبحسب الدستور، يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة، استناداً إلى نتائج الاستشارات النيابية، ويُكلف المرشح الذي ينال العدد الأكبر من الأصوات.
غير أن تكليف رئيس جديد تشكيل حكومة لا يعني أن ولادتها باتت قريبة. فغالباً ما استغرقت هذه المهمة أسابيع أو حتى أشهراً، بسبب الانقسامات السياسية والشروط والشروط المضادة في بلد يقوم نظامه على مبدأ المحاصصة .
تحديات كبرى
كما تنتظر الحكومة المقبلة تحديات كبرى، أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل التي دمّرت أجزاء في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر عام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
ومن التحديات أيضاً تنفيذ إصلاحات ملحة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من 5 سنوات من انهيار غير مسبوق .
من هو نواف سلام
يجمع نواف سلام بين خبرات سياسية وحقوقية ودبلوماسية تخطت نطاق البلد المتوسطي الصغير، ما يجعله من خارج الطبقة التقليدية الحاكمة في لبنان المتهمة بالفساد وبتغليب منطق المحاصصة على بناء الدولة.
انتخب في فبراير الماضي رئيسا لمحكمة العدل الدولية، وفي قرار وصفه الفلسطينيون بالـ”تاريخي” واعتبرته اسرائيل “كاذبا”، اعتبرت المحكمة بقيادة سلام في 19 يوليو أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية “غير قانوني” ويجب أن ينتهي “في أسرع وقت ممكن”.
بات نواف سلام، والذي انتخب العام الماضي رئيسا لمحكمة العدل الدولية، مكلفا بتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس اللبناني المنتخب حديثا جوزاف عون.
وسلام البالغ 71 عاما هو دبلوماسي مخضرم. يجمع بين خبرات سياسية وحقوقية ودبلوماسية تخطت نطاق البلد المتوسطي الصغير، ما يجعله من خارج الطبقة التقليدية الحاكمة في لبنان المتهمة بالفساد وبتغليب منطق المحاصصة على بناء الدولة
يتحدر سلام من عائلة بيروتية عريقة تعاطت الشأن السياسي منذ بداية القرن الماضي. وهو ابن شقيق صائب سلام، الذي ترأس حكومات عدة بين الأعوام 1952 و1973. وترأس ابن عمه تمام سلام الحكومة بين العامين 2014 و2016.
شغل سلام عضوية محكمة العدل الدولية منذ شباط/ فبراير 2018. وشكل العام الماضي تحولا في مسيرته، بعد انتخابه في شباط/فبراير رئيسا للمحكمة، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، لولاية مدتها ثلاث سنوات.
وفي قرار وصفه الفلسطينيون بالـ”تاريخي” واعتبرته إسرائيل “كاذبا”، اعتبرت المحكمة بقيادة سلام في 19 تموز/يوليو أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية “غير قانوني” ويجب أن ينتهي “في أسرع وقت ممكن”.
مسيرة أكاديمية ومهنية طويلة
لنواف سلام مسيرة أكاديمية ومهنية طويلة. لعل أبرزها توليه من تموز/يوليو 2007 حتى نهاية 2017 منصب المندوب الدائم للبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك. كما شغل عضوية بعثات ميدانية تابعة لمجلس الأمن الدولي إلى دول عدة بينها السودان وأفغانستان وأوغندا.
ألف سلام العديد من الكتب والدراسات في مجالات القانون الدولي والدستوري والانتخابي والإسلامي، إضافة إلى دراسات حول المنظمات الدولية والشؤون الدولية. وهو يتحدث الانكليزية والفرنسية بطلاقة، وهو والد لشابين. متزوج من سحر بعاصيري، التي كانت صحافية وشغلت سابقا منصب سفيرة لبنان لدى منظمة اليونسكو.
نال إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية في بيروت في العام 1984، تابع بعدها تحصيله الجامعي في باريس والولايات المتحدة. ويحمل شهادتي دكتوراه في العلوم السياسية وفي التاريخ. وحاضر خلال سنوات في الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعات أخرى في الخارج بينها السوربون بين العامين 1979 و1981.
مرحلة مصيرية
لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرح فيها اسم سلام المقل جدا في الظهور الإعلامي لرئاسة الحكومة في لبنان. لكنها المرة الأولى التي توحدت خلفه كتل سياسية وازنة من توجهات مختلفة في مرحلة مصيرية من تاريخ البلاد.
وقد تبنت ترشيح سلام بشكل رئيسي قوى سياسية معارضة لحزب الله الذي أضعفته المواجهة الأخيرة مع اسرائيل في الداخل. وقد حظي بتأييد 85 نائبا من إجمالي 128 يشكلون اعضاء البرلمان.
ومن المتوقع أن يبدأ سلام مهامه من دون أن يحظى بدعم الكتل الشيعية في بلد يستند نظامه السياسي على المحاصصة بين الطوائف. وذلك بعد أن امتنع نواب حزب الله وحليفته حركة أمل عن التصويت لأي مرشح.
من جهة ثانية، يأمل داعمو سلام، وخصوصا القوى السياسية المناوئة لحزب الله، أن يشكل وصوله إلى رئاسة الحكومة فرصة لإحداث تغيير في أداء المؤسسات الرسمية وطي صفحة تحكم فيها حزب الله بالحياة السياسية، عدا عن تنفيذ العناوين العريضة التي أعلنها الرئيس المنتخب جوزاف عون في خطاب القسم.
وكان عون تعهد الخميس “بدء مرحلة جديدة”، يكون للدولة فيها حق “احتكار حمل السلاح”، ويكون اللبنانيون جميعهم “تحت سقف القضاء والقانون”، بعيدا عن منطق المحسوبيات والمحاصصة.