الرئيسيةمقالات الرأي

د. عبد الفتاح نور أحمد يكتب : المتحف المصري والصومال! 

 

بقلم د. عبد الفتاح نور أحمد ( أشْكِر)- وزير الدولة للإعلام الصومالي- سابقاً.

 

من الأبيات الخالدة في الشعر العربي، هناك مطلع بيتٍ شعري يُعبّر عن عظمة مصر العربية ، وإن كان السياق يتحدث عن غربة الشاعر الكبير أحمد شوقي، عند مخاطبته – من منفاه بالأندلس- صديقه حافظ إبراهيم قائلاً : هلاّ بعثتم لنا من ماء نهركم: شيئاً نبل به أحشاء صادينا! 

 

اسمحوا لي أيها السادة أن أقوم بتصرف بسيط لهذا البيت: هلاّ بعثتم لنا من معين حضارتكم: شيئاً نبل به أحشاء صادينا! فالحضارة المصرية، كانت في قديم الزمان، مشتركاً إنسانياً عابراً للحدود، ولم تقتصر في الحدود المصرية فقط، والصومال ومصر كانت لهم علاقات منذ الملكة حتشبسوت وبلاد البونت ( البخور) ونقوش معبد الدير البحري بـ”الأقصر” خير شاهد على ما أقول!

 

لكل حدثٍ له دلالاته، والناس تختلف وجهات نظرها في تقيّيم حدثٍ ما، من وجهة نظري المتواضعة “المتحف المصري” له دلالات أعمق مما يتصوره البعض، فالعلاقات الثقافية هي القوة الناعمة، ومصر تريد أن ثبت لنا أنها قوية في اللحظة الراهنة بعتادها الثقافي والمعرفي، وكانت قوية في غابر الزمان، وستظل قوية؛ مادام يتوفر لها كل عناصر القوة، وتمد لنا جسور التواصل الثقافي، وأن ينبوع معينها الثقافي لم ينضب بعد في ظل القيادة الرشيدة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

انظروا معي شعار الحدث ( هدية مصر للعالم). الشعار ينُمُ عن عبقرية فريدة ومصر بعثت رسالها مفادها: نحن قوة ثقافية لنا موطئ قدم في التأثير الدولي، وللمعلومية المدير العام الحالي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( يونسكو) هو عالم المصريات الدكتور/ خالد العناني؛ الذي شغل سابقاً وزيراً للسياحة والثقافة المصري.

 

كيف للصومال أن تستفيد من هذا الزخم في ظل التجاذبات؟!

 

وفد الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود ضمَّ وزارة الثقافة والإعلام والسياحة، وهما ضروريان لمثل هذا الحدث التاريخي، واقترح أن تستفيد الصومال لتوقيع اتفاقية رسمية تطال الشؤون الثقافية ومجالات السياحة والارتقاء بالمستوى الأكاديمي إلى ما يخدم علم ” المصريات” وربطه بـ ” علم الصوماليات” وتوأمة الجامعات الصومالية بنظيراتها المصرية؛ للإنطلاق نحو آفاق أرحب من التعاون الثقافي الذي يضمن مواجهة كافة التحديات. 

 

الملاحظ أن وفد فخامة الرئيس الصومالي لم يضم وزارات: التجارة والاقتصاد والهيئات ذات الشأن التجاري كغرفة التجارة وغيرها، في عهد الأسرة الخامسة المصرية تم إنشاء منصب سياسي واقتصادي عُرف باسم ” حاكم الجنوب” مهمته تنظيم التبادلات التجارية وتسهيل حركة البعثات التجارية، فالمتحف المصري لا يحمل بُعداً تراثياً وثقافياً فقط؛ إنما يحمل أبعاداً متكاملة فيها تفاعلات إنسانية واقتصادية. ومن باب مبدأ ” المنفعة للجميع” أرجو أن نستفيد مما تزخر به مصر من كوادر بشرية وإمكانيات، وتستفيد مصر من أرضية الصومال الخصبة، وتدشن مصانع يأتي في صدارتها مصانع للبخور والصمغ الصومالي، على الأقل نحفظ للاسم رونقه.

 

اعتقد أنه آن الآوان للتقارب مع المحيط العربي والإسلامي، وأنه ينبغي لتوجهات السياسة الخارجية الصومالية أن ترتكز على البعد العربي، مرت على الصومال ومصر فترة تراخي للعلاقات، لا أستطيع تسميتها بـ٠ القطيعة” وقد يجمع الله الشتيتين بعدما: يظنان كل الظن أن لا تلاقيا. 

 

واختتم مقالي أيضاً بمطلع أبيات قصيدة أحمد شوقي التي تُعبّر عن حال الصومال في منفاها 

المجازي: 

 

يا ساكني مصر إنا لا نزال على: عهد الوفاء وإن غبنا مقيمينا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى