
خالد جادالله
عيد قوارب لونغ التنين بالصينية 端午节 دوان وو جيه هو أحد الأعياد التقليدية الصينية وفى كل عام ومع بداية شهر يونيو تتحوّل الأنهار في الصين إلى مسرح ضخم يحتفي بأسطورة خالدة تصدح الطبول وترتجف المياه تحت إيقاع المجاديف وتتمايل قوارب ملونة على هيئة تنانين عملاقة بينما تهتف الجماهير بحماسة إنه عيد قوارب لونغ التنين أحد أكثر الأعياد الصينية إثارة وجذبًا للسياح حول العالم ويعتبر عيد قوارب التنين هو احتفال صيني تقليدي يحيي ذكرى الشاعر الوطني تشيو يوان من خلال سباقات القوارب الملونة وأطعمة تقليدية مثل الزونغزي ويعكس روح الولاء والانتماء الشعبي
من الأسطورة إلى الضجيج كيف بدأ كل شيء
تعود قصة العيد إلى أكثر من ألفي عام إلى زمن الشاعر الوطني والسياسي المحبوب تشيو يوان الذي عرف بولائه لوطنه خلال فترة الممالك المتحاربة وعندما نُفي ظلمًا بسبب دسائس الفساد لم يجد سوى نهر مي لو ليحتضنه في لحظة يأس لكن الشعب لم ينسه فانطلقوا في قواربهم بحثًا عنه يرمون كرات الأرز في الماء لتمنع الأسماك من نهش جسده ويقرعون الطبول لتفريق الأرواح الشريرة
الطقوس تتحوّل إلى احتفال جماهيري عالمي
وقد أصبح هذا الحدث مناسبة وطنية يتجاوز معناها الحداد لتكون مهرجانًا شعبيًا ينبض بالحياة في مدن مثل هانغتشو وقوانغتشو وشانغهاي تُقام سباقات قوارب التنين وسط حضور كثيف من السكان المحليين والسياح بينما يُزيّن الأطفال بحُليّ عطرية ويُعلّق الشيح فوق الأبواب لطرد الأرواح
زونغزي نكهة الذاكرة الشعبية
ولايمكن الانتهاء من هذا العيد دون تذوق الـزونغزي أكلة تقليدية تتكوّن من أرز لزج محشو بلحوم أو حلوى ملفوف بأوراق الخيزران ترمز إلى كرات الأرز التي أُلقيت في النهر زمن تشيو يوان تختلف نكهتها من شمال الصين إلى جنوبها لكن شعبيتها لا تُقاوَم
أهم ما يميز هذا العيد
سباقات قوارب التنين وهو الحدث الرئيسي لهذا العيد و تُنظَّم سباقات لقوارب طويلة مزخرفة تُشبه التنين تتنافس الفرق في سباقات القوارب الطويلة المزينة برؤوس تنانين ويُظهر هذا السباق روح التعاون والعمل الجماعي ويشارك فيها فرق تجديف تتنافس على الماءفي أجواء احتفالية وتعليق أكياس عطرية لدرء الأرواح الشريرة وشرب نبيذ الأعشاب التقليدي مع وضع أوراق الشيح والنخيل فوق الأبواب لطرد الشر
التكريم الأسطوري لكيو يوان الشاعر الكبير الذي غرق في النهر والاحتفال به من خلال الأنشطة الرمزية
رمزية الوقاية من الأمراض يُعتبر العيد فرصة للحماية من الأوبئة لأن هذا الوقت من السنة غالبًا ما يشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة والرطوبة مما كان يُعتقد أنه يجلب الأمراض لذلك تُستخدم أعشاب طبية وتُشعل العطور لطرد الأرواح الشريرة
أساور الحظ الملونة يرتدي الأطفال أساور من خيوط حريرية متعددة الألوان تُعرف باسم خيوط الحظ وتُربط في المعصم للحماية
المعاني التعليمية والتربوية
العيد يُستخدم لتعزيز القيم مثل الولاء الشجاعة والتضحية من خلال قصة الشاعر كيو يوان الذي ضحّى بنفسه من أجل وطنه
إدراجه في قائمة التراث الثقافي العالمي
تم تسجيل عيد قوارب التنين في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو في عام 2009 مما يعكس أهميته التاريخية والثقافية
ولكن عيد قوارب لونغ التنين ليس مجرد ذكرى شاعر غارق بل هو ملحمة مستمرة من الولاء والاحتفاء بالحياة وروح الجماعة وفي عالم يلهث خلف الحداثة يبقى هذا العيد تذكيرًا أن الأساطير لا تموت بل تجد دومًا من يجدّف بها عبر الزمن