كريم المصري يكتب : المصائب لا تأتي فرادى!

بقلم : كريم المصري
القاعدة الذهبية تقول: “المصائب لا تأتي فرادى”، لكن يبدو أن نجمنا الموهوب رمضان صبحي قرر أن يختبر هذه المقولة على أرض الواقع، ليس بمصيبة واحدة، بل اثنتين، تدفعا مسيرته الكروية إلى حافة الهاوية، وربما إلى نهايتها المبكرة.
ففي مشهد أقرب إلى أفلام الإثارة والجريمة، وجد اللاعب الدولي السابق نفسه محبوسًا احتياطيًا على ذمة قضية غش وتزوير، بعد أن اتهم بتقديم شخص آخر لأداء امتحاناته بدلاً منه في أحد المعاهد الخاصة!..
وكأن هذه الفضيحة ليست كافية، فتحت الأقدار بابًا آخر من الكوارث، ليصدر قرار قضائي آخر، ليس من محكمة جنائية هذه المرة، بل من المحكمة الرياضية، يقضي بإيقافه لمدة 4 سنوات بسبب التلاعب في عينة المنشطات!
لم يكن أحد يتخيل أن مسيرة اللاعب الذي أضاء ملاعب الدوري الإنجليزي مع ستوك سيتي كأصغر لاعب يحترف من الدوري المصري إلى نظيره الإنجليزي، وكان عنصرًا مثيرًا في منتخب مصر، ستنتهي بهذه الطريقة المأساوية..رمضان صبحي، الذي كان جماهير الكرة المصرية تنظر إليه كمثال للنجاح والموهبة، يسقط الآن في دوامة من الأخطاء القاتلة.
القضية الأولى تكشف عن جانب مظلم آخر.. فبدلاً من أن يجلس بنفسه على مقاعد الدراسة، اختار الطريق الأقصر، وأرسل “شبيهه” لأداء الامتحان! تصرف يثير التساؤلات عن قيمة الشهادة في وجدانه، وعن مدى احترامه للقوانين والأنظمة خارج الملعب..القضاء لم يتهاون، والتحقيق يجري الآن بين أربعة جدران، تاركًا نجم الأمس ليواجه مصيره بين قضبان الاحتياطي.
وقبل أن تجف حبر أخبار محبسه، هبت عاصفة أخرى، أكثر قسوة وتأثيرًا على مستقبله الكروي..المحكمة الرياضية تعلن قرارها الحاسم: إيقاف رمضان صبحي لمدة 4 سنوات..والسبب هذه المرة ليس تزويرًا في شهادة، بل تزوير في الجسد نفسه! “تلاعب في عينة المنشطات”، جملة تهز أركان أي رياضي، وتضع علامة استفهام كبرى على إنجازاته السابقة.. القرار يعني ببساطة أن نجمه قد أفل، وأن عودته إلى الملاعب ستكون بعد فوات الأوان.
الآن، يقف رمضان صبحي على مفترق طرق، ربما يكون الأخير في مسيرته..فالسجن الاحتياطي يهدد بحرية شخص طليق، والإيقاف 4 سنوات يقتل لاعبًا في أوج عطائه..الأسئلة تتدافع: كيف سيواجه هذه التهم الجسيمة؟ وما هو مصير عقوده الاحترافية؟ وهل ستكون هذه هي النهاية الحزينة لموهبة أهدرتها الخيارات الخاطئة؟
هنا تقف الحكاية وتتسع الدائرة لتشكل رسالة إنسانية عميقة..لماذا يريد الإنسان كل شيء؟ لماذا لم يكتف رمضان صبحي بالموهبة الربانية التي منحه الله إياها، والتي كانت كافية لأن ترفعه إلى القمة؟
لماذا يريد الإنسان أن يجمع مواهب لم يعطها الله له؟ لماذا يصر على أن يكون ملمًا بكل شيء، حاصلاً على كل الشهادات، ممتلكاً لكل المهارات؟ أليس في إصرارنا على جمع ما ليس لنا إفساد لما وهبنا الله؟
لقد نسينا أن الموهبة الحقيقية هي هبة من الله، وأن الاكتفاء بها وتطويرها هو الطريق الحقيقي للنجاح..لكن طموحنا تحول إلى جشع، ورغبتنا في التميز أصبحت هوساً بالتفرد في كل شيء. فدفعنا الثمن غالياً.. كما دفع رمضان صبحي ثمنه الآن
تبقى قصة رمضان صبحي درسًا قاسيًا لكل رياضي. فالموهبة وحدها لا تكفي لصناعة النجم، بل يجب أن تصاحبها الأخلاق والانضباط والاحترام للقوانين..الملاعب تنتج أبطالاً، لكن القيم هي التي تصنع الأساطير..ويبدو أن رمضان صبحي، وللأسف، فضل أن يكون عنوانًا لتحذير، بدلاً من أن يكون مثالاً يحتذى به.




