الرئيسيةمقالات الرأي

كريم المصري يكتب : رموز في مهب السوشيال ميديا

 

بقلم: كريم المصري 

 

لا يختلف اثنان على أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة صاخبة، لا تهدأ فيها المعارك الكلامية ولا تتوقف فيها المناوشات، لكن حين يتحول هذا السجال إلى صراع علني بين شخصيات عامة يفترض أنها قدوة وواجهة للدولة والمجتمع، فهنا تكمن الخطورة الحقيقية..فما شهدناه مؤخرًا من تراشق كلامي بين السيد علاء مبارك والكاتب الصحفي مصطفى بكري، ثم دخول رجل الأعمال نجيب ساويرس على خط الهجوم، يطرح أسئلة عميقة حول الدور الأخلاقي والمسؤولية المجتمعية التي باتت تتآكل في ظل زخم السوشيال ميديا.

 

لقد وصف علاء مبارك الصحفي مصطفى بكري على “تويتر”بأنه متقلّب و«يجلس على كل الموائد»، بينما رد بكري عليه بوصفه “مراهقًا سياسيًا”،ولم يلبث الأمر أن تطور مع مشاركة نجيب ساويرس، الذي أيد حديث علاء مبارك، ليتحول النقاش إلى مشهد أشبه بمبارزة لفظية علنية لا تليق بمكانة من نختلف أو نتفق معهم، لكنها تبقى أسماء لها حضور وتأثير في المجتمع.

 

في تقديري أن ما حدث ليس مجرد خلاف عابر، بل نموذج لما يمكن أن تفعله مواقع التواصل حين تتحول من وسيلة للتعبير إلى سلاح للتجريح..هؤلاء الأشخاص-على اختلاف مواقعهم وانتماءاتهم-يمثلون رموزًا يتابع الجمهور ما يقولونه ويعتبر الكثيرون منهم قدوة..فكيف يكون المشهد حين يهبط هؤلاء إلى مستوى من السجال الذي لا يضيف للوطن شيئًا، بل يفتح أبوابًا جديدة للانقسام ويغذي خطاب الكراهية؟

 

نحن اليوم بحاجة ماسة إلى احترام القيم التي بدأت تتراجع في مجتمعنا، قيم الحوار الراقي، والنقد المسؤول، والاختلاف الذي لا يمس الكرامة ولا يهدم الثقة بين أبناء الوطن الواحد.. حيث لا يمكننا أن نطالب الشباب بضبط سلوكهم على الإنترنت بينما يشاهدون رموزًا عامة تتبادل الاتهامات والشتائم على الملأ.

 

لقد أثبت هذا الجدل أن منصات التواصل ليست مجرد مساحة افتراضية، بل مرآة تعكس مستوى الوعي الذي نسعى إليه،وحين يصر البعض على الهبوط إلى مستويات لا تليق، فإن الضرر لا يلحق بأطراف المشاجرة فحسب، بل بصورة الدولة المصرية التي نحرص جميعًا على صونها، خاصة في ظل ما نعيشه من تحديات اجتماعية وقيمية تتطلب تماسكًا أكبر لا انقسامًا جديدًا.

 

لا نطلب من الشخصيات العامة أن تتفق، فالاختلاف طبيعي وصحي، لكننا نطالبهم بأن يرتقوا بخلافاتهم إلى مستوى يليق بتأثيرهم ومسؤوليتهم..فالكلمة التي تكتب على “تويتر”أو “فيسبوك” لا تمر مرور الكرام.. بل تقرأ، وتحلل ، وتترك أثرًا أعمق مما يتخيل البعض..وإذا فقد القدوة مكانته، فمن يلوم الأجيال الجديدة عندما تتراجع القيم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى