مقالات الرأي

كريم المصري يكتب :من يخدع 120 مليون مواطن؟!

بقلم : كريم المصري 

لم يعد الجدل مجرد نقاش عابر على مواقع التواصل الاجتماعي ،فالأيام الماضية شهدت عاصفة غير مسبوقة بعدما خرج شابان يديران صفحة تُدعى “سلطانجي” ليعلنوا أنهم أجروا أبحاثًا معملية على منتجات غذائية مصرية، وجاءت نتائج ما نشروا-إن صحت – لتشكل صدمة تهدد الثقة في منظومة إنتاج الغذاء برمتها.

 

 

اتهامات تهز الثقة وصمت رسمي محير 

 

يدعي القائمون على الصفحة أنهم مختصون في التحليل، وأنهم قاموا بإجراء اختبارات على علامات مختلفة من المياه المعدنية، ليكتشفوا – وفقًا لقولهم – وجود تلوث برازي ناتج عن أمعاء الإنسان أو الحيوان في بعض المنتجات، بينما تبين أن منتجات أخرى غير مطابقة للمواصفات القياسية المصرية.

 

لم تقف الادعاءات عند هذا الحد..فقد نشروا نتائج مزعومة لتحليل العسل، وجاءت لتؤكد – حسب روايتهم – أن معظم الأنواع المتداولة في الأسواق مخلوطة بالماء والسكر، ولا تمت للطبيعي بصلة..أما المفاجأة الثالثة فكانت في اللانشون، حيث قالوا إنه “خالٍ من اللحوم الطبيعية”، وإن ما يتم بيعه للمواطنين مجرد خليط صناعي بالكامل..ايضاً زيت الزيتون معظم أنواعه مضروبه -حسب زعمهم -.

 

هذه الادعاءات، بما تحمله من حساسية وخطورة، أحدثت ضجة كبرى داخل الشارع المصري.. لكن الضجة الأكبر جاءت من غياب أي بيان حكومي يوضح الحقيقة حتى الآن.

 

 

السؤال هنا ..من يملك الحقيقة؟ والسؤال الأهم ..متى تتحدث الدولة؟

 

نحن أمام مشهد شديد التعقيد:

 طرف أول: شابان على مواقع التواصل يعرضان نتائج يدعيان أنها علمية.

  

طرف ثانٍ: ملايين المواطنين أصيبوا بالقلق والشك في منتجات يستهلكونها يوميًا.

  

وطرف ثالث: الدولة التي لم تصدر حتى اللحظة ردًا رسميًا يطمئن الناس أو يدحض الادعاءات.

 

فهل نحن أمام قضية فساد غذائي تحتاج إلى تدخل عاجل؟

أم محتوى غير موثق قد يسيء للصناعة الوطنية ويضرب ثقة المستهلك في منتجات مصرية تخضع لرقابة متعددة؟

 

لا يمكن لأي جهة أن تحسم الأمر سوى المؤسسات المختصة:

هيئة سلامة الغذاء – وزارة الصحة – جهاز حماية المستهلك – الجهات الرقابية المعملية الرسمية.

 

إن صحت الادعاءات..فالكارثة أكبر مما يتخيله أحد..فعإذا ثبت من خلال جهة رسمية أن ما نشرته “سلطانجي” صحيح، فنحن أمام أزمة صحية وطنية تتطلب: سحب المنتجات فورًا من الأسواق..إعلان نتائج الفحص بشفافية..ومحاسبة الشركات المتورطة دون تردد.. فتح باب التحقيق حول أسباب الخلل الرقابي وتداعياته.

 

هنا لا مجال للمجاملة..فصحة المواطن ليست موضوعًا للنقاش، بل خط أحمر..وإن لم تصح..فالمحاسبة واجبة أيضًا

 

على الجانب الآخر، إذا ثبت أن هذه “الأبحاث” غير منهجية، أو غير صادرة عن جهات معتمدة، أو تفتقر لأي أساس علمي، فهنا يجب على الدولة أن تتحرك أيضًا، ولكن من زاوية أخرى:

 محاسبة من تسبب في نشر الذعر..ومن ألحق ضررًا بسمعة المنتجات المصرية..ومن بث معلومات قد تهدد الاقتصاد الوطني وتضرب ثقة المستهلك في سلع محلية بعضها يُصدر للعالم.

 

فليس مسموحًا لأي شخص أن يلعب بمشاعر الناس أو اقتصاد وطن كامل تحت شعار “تحليل” بلا سند.

 

الخلاصة: بلد بحجم مصر لا ينتظر “تحقيقات فيسبوك”..بل ينتظر كلمة الدولة..القضية لم تعد منشورًا على صفحة، ولا فيديو لاثنين من الشباب، ولا “تحليلًا منزليًا” يُبث للعامة..القضية الآن أكبر: ثقة المواطن في غذائه ومائه، وثقة العالم في المنتج المصري.

 

ما نحتاجه اليوم – قبل أي وقت – رد حكومي رسمي وواضح:

  إما تأكيد صحة ما قيل واتخاذ الإجراءات،

أو تكذيب علمي مدعوم بالتحاليل الرسمية ومحاسبة من نشر هذه الادعاءات.

أما تجاهل الموضوع أو تركه يتفاقم فهو أخطر من الادعاءات نفسها لأنه يفتح الباب للشائعات، ويضرب الثقة، ويترك المواطن بين رعب من منتج، وغضب من صمت.

 

نريد الحقيقة ..

نريد ان نعرف من على صواب ومن على خطأ..

وما زال السؤال ينتظر من يجيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى