الرئيسيةمنوعات

كوشنير وآبرهارد يزوران الخيام بجنوب لبنان : تضامن إنساني ورسالة صمود

أيمن عامر

في مشهد يعكس التقاء التضامن الإنساني بالذاكرة المشتركة، زار وزير الخارجية الفرنسي الأسبق برنار كوشنير، يرافقه الطبيب الفرنسي والرئيس السابق لمنظمة “أطباء العالم” باتريك آبرهارد، مدينة الخيام في جنوب لبنان، إلى جانب مؤسس ورئيس جمعية عامل الدولية الدكتور كامل مهنا. جاءت الزيارة في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير الذي خلّف دمارًا واسعًا وأوضاعًا إنسانية صعبة في المنطقة.

 

بيت مهدّم وذاكرة باقية

 

استهل كوشنير زيارته من أمام منزل صديقه القديم الدكتور كامل مهنا، الذي كان قد استضافه مرات عدة في الخيام. إلا أن هذه العودة حملت مشهدًا مختلفًا: المنزل تحوّل إلى ركام نتيجة القصف. لحظة صامتة خيّم عليها الحزن، عبّر خلالها كوشنير بكلمات مؤثرة عن شعوره العميق بالأسى، مؤكدًا أن الدمار لم يمحُ فقط جدرانًا، بل ذكريات وصداقة ممتدة لعقود.

 

دعم إنساني ورسالة تضامن

 

في حديثه، شدّد الدكتور باتريك آبرهارد على أهمية الاستمرار في دعم المجتمعات المتضررة وتعزيز دور العمل الإنساني، مثنيًا على الجهود التي تقوم بها جمعية عامل داخل لبنان وخارجه. وأكد أن التضامن الحقيقي يتجلى في الوقوف إلى جانب الناس في أوقات الأزمات، وتقديم الدعم المعنوي والميداني لهم.

 

زيارة مراكز عامل: من الاستهداف إلى إعادة البناء

 

انتقل الوفد إلى مركز عامل في الخيام، الذي كان قد تعرض للاستهداف في هجمات سابقة، لكنه أعيد تأهيله ليستعيد نشاطه كمحطة أساسية تقدم الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية. اطلع كوشنير وآبرهارد على الأنشطة القائمة في المركز، حيث أكد العاملون فيه أن رسالتهم لا تقتصر على تقديم الخدمات، بل تتعداها إلى تعزيز قدرة المجتمع على الصمود ومواجهة التحديات.

 

كما شملت الجولة زيارة موقع مركز الرعاية الصحية الأولية الجديد الذي يجري العمل على إنشائه حاليًا، والذي سيشكل إضافة حيوية إلى شبكة المراكز الصحية في المنطقة، في ظل ظروف استثنائية تفرض الحاجة إلى بنى تحتية أكثر صلابة ومرونة.

 

العرقوب: خدمات في ظروف قاسية

 

وفي محطة لاحقة، زار الوفد مركز عامل في العرقوب، حيث التقى بالفريق الميداني العامل في بيئة قاسية تعكس حجم التحديات اليومية. استمع الضيوف إلى شهادات مباشرة عن معاناة السكان واحتياجاتهم، ورأوا عن قرب كيف يساهم العمل الإنساني المنظم في التخفيف من هذه المعاناة.

 

عامل: 45 عامًا من الالتزام

 

منذ تأسيسها قبل أكثر من أربعة عقود على يد الدكتور كامل مهنا، مثّلت جمعية عامل الدولية نموذجًا للعمل الإنساني الملتزم بحقوق الإنسان وكرامة الفرد. صمدت في وجه الحروب والاعتداءات والأزمات، وحافظت على رسالتها القائمة على تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية الأكثر إلحاحًا. بفضل هذا الالتزام المستمر، تحولت عامل إلى رمز من رموز الصمود اللبناني والإنساني، ورسالة تتجاوز حدود الوطن.

 

رسالة الزيارة: الصمود أقوى من الدمار

 

في ختام الزيارة، شدّد كوشنير وآبرهارد على أن التضامن الإنساني لا يعرف حدودًا، وأن العمل الإنساني هو السبيل الأمثل لمداواة آثار الحروب والاعتداءات. وأكدا أن ما تقوم به عامل يوجّه رسالة لبنانية صافية إلى العالم: إرادة الحياة أقوى من الدمار، والصمود الإنساني هو الجواب الأبلغ على العنف.

 

ويواصل الوفد جولته غدًا في البقاع، حيث سيزور مراكز أخرى لعامل الدولية، تأكيدًا على التزامه بدعم هذه الرسالة ومساندة الجهود الميدانية لخدمة الفئات الأكثر ضعفًا في لبنان.

 

خلفية عن الزائرين

 

يُعدّ برنار كوشنير من أبرز الشخصيات الإنسانية والسياسية في أوروبا والعالم، فهو أحد مؤسسي منظمة “أطباء بلا حدود” و”أطباء العالم”، قبل أن يتولى منصب وزير الخارجية الفرنسي (2007-2010). عُرف كوشنير بدفاعه عن حقوق الإنسان وبدعوته للتدخل الإنساني في مناطق النزاع.

 

أما باتريك آبرهارد، فهو طبيب ورئيس سابق لمنظمة “أطباء العالم”، وقد ساهم في قيادتها خلال مراحل مفصلية شهدت توسع نشاطاتها الإنسانية في مناطق الأزمات. يشكل حضورهما معًا إلى جنوب لبنان إشارة رمزية قوية، تربط بين التجربة الإنسانية الدولية والعمل الميداني المحلي الذي تقوده جمعية عامل منذ عقود.

 

زر الذهاب إلى الأعلى