
كتب : خالد جادالله
الصين تستعد لتحول استراتيجي كبير والعالم يترقب أنفاس أكتوبر وفي زحام التحولات العالمية المتسارعة حيث تتغير ملامح الاقتصاد والسياسة كل يوم هناك لحظة صينية قادمة قد لا يراها كثيرون، لكنها قد تعيد رسم خرائط النفوذ العالمي اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً وفى لحظة أكتوبر المقبل في بكين ليست مجرد اجتماع روتيني لحزب حاكم بل نقطة تحول محورية قد تحدد شكل العقد القادم في العاصمة الصينية حيث تدار الملفات الكبرى بصمت استراتيجي محسوب وتستعد اللجنة المركزية العشرون للحزب الشيوعي لعقد دورتها الكاملة الرابعة وسط أجواء مشحونة بالتحديات المحلية والدولية هناك جلسة قد تبدو تقليدية على الورق لكنها في الواقع تكتسب أهمية استثنائية لأنها ستناقش بعمق خارطة المستقبل الصيني للسنوات الخمس المقبلة.
اقتصاد بحجم كوكب على مفترق طرق
خلال الشهور الأخيرة شهد الاقتصاد الصيني حالة من التباطؤ المدروس ليس عن ضعف بل عن إعادة ضبط الإيقاع ومع ارتفاع الضغوط الخارجية تحركت القيادة السياسية لتقييم ما تم إنجازه ولكن الأهم لتحديد الأولويات القادمة وفي اجتماع حاسم عقد في نهاية يوليو قاد الزعيم شي جين بينغ نقاش استراتيجي حول اتجاه الاقتصاد الوطني حيث تم التأكيد على ضرورة دعم الابتكار التكنولوجي وتحفيز الاستهلاك المحلي وتوسيع نافذة الانفتاح الاقتصادي كل ذلك في إطار السعي إلى بناء نموذج تنموي أكثر توازنا واستدامة.
من الداخل إلى العالم كيف تفكر بكين
التحول الصيني الجديد لا يقوم فقط على أرقام نمو أو صادرات بل على تحول فكري أعمق في فلسفة الحكم والإدارة فهناك إدراك متزايد بأن الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وتحقيق رفاهية المواطن لم يعد كافياً ما لم يترجم إلى مناخ اقتصادي تنافسي قابل للتكيف ومفتوح أمام فرص الابتكار والريادة كما أن القيادة الصينية تعي جيدًا أن المنافسة العالمية لم تعد تقاس فقط بسباق التسلح أو النفوذ السياسي بل بمعادلة أكثر تعقيداً من يصمم نموذجا اقتصاديا ناجحا ومستقر وسط اضطراب عالمي
المخاطر تحت المجهر ولكن بلا خوف
رغم التأكيد على التحديات كان لافتًا أن الخطاب السياسي والاقتصادي الصيني في اللقاءات الأخيرة لم يحمل نبرة القلق أو الدفاع بل نبرة التصميم على المضي قدماً في خطة تنموية ترتكز على الوقاية من المخاطر لا الهروب منها وتحقيق التوازن بين النمو والاستقرار دون الدخول في مغامرات غير محسوبة.
إشارات للجميع لا عودة للوراء
الرسالة الأوضح من كل ما يجري في بكين هذه الأشهر هي الصين تمضي نحو مستقبل مخطط بدقة وتتحرك على رقعة شطرنج اقتصادية عالمية بثبات لا يخلو من الجرأة وكل الأعين اليوم تتجه إلى أكتوبر ليس فقط لأن قرارًا داخلياً سيتخذ بل لأن ذلك القرار قد يكون بداية عهد اقتصادي جديد في آسيا، وستكون تداعياته محسوسة في العواصم المالية من نيويورك إلى فرانكفورت ومن طوكيو إلى دبي.
حين يصمت التنين يتحرك العالم
بينما تنشغل دول كثيرة لإطفاء حرائق يومية تبدو الصين منشغلة بتخطيط مستقبلها بخطوات محسوبة أكتوبر القادم ليس موعداً سياسياً أو عابر بل بوصلة جديدة قد تشير إلى أين يتجه العالم فهل نحن مستعدون لقراءة تلك الإشارات قبل فوات الأوان.