مجلس التعاون الخليجي.. موقف موحد وحضور دولي

بقلم/ محمد عبيد المهيري
أصبح مجلس التعاون لدول الخليج العربية، رقما مهما في الساحة الدولية وليس فقط على مستوى منطقة الشرق الأوسط، فقد بات واقعا واضحا للجميع، فضلا عن نجاح المنظومة كآلية جماعية للتعاون والشراكة والتحالف بين أعضائه الستة، مقدما نموذجا حيويا ومتجددا للتعاون بين دول المنطقة لما فيه خير وصالح شعوب دوله بل ومنبرا لمساعدة ودعم الآخرين.
ومن هذا المنطلق استضافت بروكسل يوم 16 أكتوبر الجاري، القمة الخليجية – الأوروبية الأولى على مستوى رؤساء الدول والحكومات منذ تدشين العلاقات الرسمية بين الجانبين عام 1989، وذلك بمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة ورئيس حكومة، لتوضح القمة أهمية وقوة حضور مجلس التعاون كآلية جماعية والقدرة على التفاوض وتحقيق مصالح أعضائه والتعامل بندية مع التكتلات الكبرى.
القمة الخليجية الأوروبية جاءت بعد مساعي مستمرة وحثيثة من الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة لتعزيز العلاقات مع مجلس التعاون خاصة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، فقد أثبتت دول الخليج أنها رقما مهما وصعبا في أمن الطاقة سواء النفط أو الغاز على المستوى العالمي، فضلا عن دورهم السياسي، الذي تمثل في التوسط في هذه الأزمة الدولية فقد نجحت الإمارات والسعودية وقطر في عقد صفقات تبادل للأسرى بين روسيا أوكرانيا لتكون دول الخليج فقط هي من حققت هذا الإنجاز لثقة جميع الأطراف فيهم ولقوة موقفهم أيضا.
القمة جاءت أيضا لتضيف المزيد من الاعترافات الدولية بقوة منظومة مجلس التعاون، فقد تضمن البيان الختامي المشترك الصادر عن مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي وضع إجراءات تنفيذية لرفع مستوى الشراكة والالتزام بمواصلة مفاوضات إعفاء رعايا الدول الخليجية من تأشيرة الشنغن الأوروبية، فضلا عن وضع آلية تضمن انعقاد القمة بشكل دوري كل عامين، فمن المقرر أن تستضيف السعودية النسخة الثانية للقمة عام 2026، مع الاتفاق على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري ودعم اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين.
وضمن اعتراف آخر بالرؤية الخليجية بشأن مواجهة الأزمات التي تهدد منطقة الشرق الأوسط أكد البيان الختامي للقمة إمكانية اتفاق الجانبين على شراكة أوسع تضم الشرق الأوسط وأوروبا كما أبدى الجانبان استعدادهما لبناء “شراكة القرن الواحد والعشرين الاستراتيجية” وسيعملا سويا لتعزيز الأمن والازدهار العالمي والإقليمي، وفي هذا اعتراف بقوة ودور مجلس التعاون في وضع رؤى واضحة لحل أزمات المنطقة ولعب دور ريادي ليس فقط لضمان مصالح الخليج ولكن المنطقة بأسرها التي باتت مسرحا لحروب الوكالة وتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية وحتى للجماعات المسلحة والفاعلين من غير الدولة.
وختاما نقول، إن القمة أثبتت وبحق أن مجلس التعاون الخليجي بات رقما صعبا ومنظومة قوية لا يمكن تخطيها أو تجاهل مصالحها ورؤيتها ليس فقط إقليميا ولكن دوليا، وهذا الإنجاز تحقق بفضل الآباء المؤسسين ويواصل أبنائهم حمل شعلة القيادة والريادة كما تربوا عليها.