مدير الـFBI: عصابات المخدرات خطر يوازي القاعدة

أثار مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي كاش باتيل جدلاً واسعاً بتصريحاته أمام مجلس الشيوخ، حيث دعا إلى ضرورة معاملة عصابات تهريب المخدرات بنفس الطريقة التي عومل بها تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وأكد باتيل أن الحرب ضد شبكات المخدرات لن تكون قصيرة المدى، بل ستتطلب جهداً طويلاً ومستداماً على غرار ما حدث في مواجهة التنظيمات الإرهابية.
قال باتيل خلال الجلسة: “يجب أن نتعامل مع هذه العصابات بنفس الصرامة التي واجهنا بها القاعدة، لأن خطورتها على المجتمع لا تقل عن خطورة الإرهاب العالمي”. وأضاف أن التجربة السابقة في ملاحقة القاعدة استغرقت سنوات طويلة، وهو ما يتوقع تكراره في الحرب ضد شبكات المخدرات العابرة للحدود.
تأتي هذه التصريحات بعد يوم واحد فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الجيش نفذ ضربة ضد زورق فنزويلي ثانٍ في المياه الدولية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. وأكد ترامب أن الزورق كان يحمل شحنة كبيرة من المخدرات، إلا أنه لم يقدم أدلة ملموسة لدعم روايته.
ولم تكن هذه هي العملية الأولى؛ إذ سبقتها ضربة أخرى في الثاني من سبتمبر استهدفت قارباً يُعتقد أنه تابع لعصابة فنزويلية تُعرف باسم “ترين دي أراوغا” (Tren de Aragua). وأسفرت العملية عن مقتل 11 شخصاً، بينما نفت الحكومة الفنزويلية الاتهامات الأمريكية، مؤكدة أن القتلى لا علاقة لهم بالعصابة.
النهج الأمريكي الجديد المتمثل في تفجير القوارب بدلاً من مصادرتها واعتقال طواقمها أثار جدلاً واسعاً بين المراقبين. فبينما ترى الإدارة الأمريكية أن هذه الإجراءات ضرورية لمكافحة تهريب المخدرات، يعتبر منتقدون أن ما يحدث هو توسيع غير مسبوق لصلاحيات الرئيس الأمريكي، خاصة أن الدستور ينص بوضوح على أن الكونغرس هو الجهة الوحيدة المخوّلة بإعلان الحرب.
ويحذر محللون قانونيون من أن هذه العمليات في المياه الدولية قد تمثل خرقاً للقوانين الدولية، فضلاً عن أنها تفتح الباب أمام مزيد من التوترات مع دول أمريكا اللاتينية، وعلى رأسها فنزويلا، التي ترفض الاعتراف بشرعية الاستهداف العسكري.
وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث أيد تصريحات مدير الـFBI، قائلاً: “العصابات التي تُغرق الأسواق الأمريكية بالمخدرات لا تختلف عن التنظيمات الإرهابية الأجنبية مثل القاعدة، وسيتم التعامل معها على هذا الأساس”.
وتؤكد إدارة ترامب أن نشر قوات إضافية في جنوب الكاريبي يهدف إلى تعزيز عمليات مكافحة المخدرات، وربط هذه العمليات بالجهود الأمريكية في الحرب على الإرهاب. لكن هذا التوجه يثير مخاوف من أن واشنطن قد تنزلق إلى مواجهة عسكرية مفتوحة في المنطقة، تحت شعار “محاربة الكارتلات”.
تفتح تصريحات مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الباب أمام مقاربة جديدة في السياسة الأمريكية، حيث يتم وضع عصابات المخدرات على قدم المساواة مع التنظيمات الإرهابية. وبينما يرى البعض أن هذه الخطوة ضرورية لحماية المجتمع الأمريكي من أخطر شبكات التهريب، يرى آخرون أنها قد تؤدي إلى تصعيد غير محسوب دولياً وقانونياً، يعيد إلى الأذهان أجواء “الحرب العالمية على الإرهاب” التي انطلقت بعد 11 سبتمبر.




