عرب وعالم

مدير معهد البحوث العربية: تعزيز التعاون العربي الأفريقي ضرورة استراتيجية لمستقبل الإقليمين

أيمن عامر

أكد الأستاذ الدكتور محمد مصطفى كمال، مدير معهد البحوث والدراسات العربية ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، أن تعزيز العلاقات العربية الأفريقية لم يعد خيارًا دبلوماسيًا، بل أصبح ضرورة استراتيجية تمليها تحولات عالم مضطرب، مشددًا على أن مستقبل الإقليمين يرتبط بقدرتهما على بناء شراكات حقيقية تقوم على المصالح المشتركة وتكامل القدرات.

 

جاء ذلك خلال مشاركته في ندوة “العلاقات العربية الأفريقية.. سبل ومسارات التعاون في عالم متغير” التي عقدت اليوم بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، تحت رعاية رئيس الجامعة الدكتور محمد سامي عبد الصادق، وبمشاركة الدكتور عطية محمود الطنطاوي عميد كلية الدراسات الأفريقية العليا، والدكتور محمد عاشور أستاذ العلوم السياسية ومقرّر الندوة، و الدكتور أشرف عامر، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة،إلى جانب نخبة من الأساتذة أعضاء هيئة التدريس ، والسفراء والباحثين والخبراء المتخصصين في الشؤون العربية والأفريقية.

 

 

وقال الدكتور محمد كمال في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية إن العمق العربي–الأفريقي يمثل اليوم أحد أهم روافد الأمن القومي والتنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن الاستثمار في هذه العلاقات هو استثمار في قدرة الشعوب على مواجهة التحديات وصناعة مستقبل أكثر استقرارًا وقوة.

 

وأضاف أن الندوة تسعى إلى إعادة تقييم الأسس التاريخية للعلاقات العربية الأفريقية واستكشاف فرص التعاون القائم على المصالح المشتركة، من خلال أوراق علمية تُعزّز فهم التحديات وتدعم بناء شراكات فعّالة بين الجانبين.

 

وأوضح أن أعمال الندوة ركزت على ثلاثة محاور رئيسية تشمل: دراسة جذور النزاعات العربية–الأفريقية وتأثيراتها، وتحديد المجالات العلمية والعملية القابلة للتعاون، ووضع أطر شراكة قائمة على المصالح المشتركة وتعزيز الروابط في مختلف المجالات.

 

وأشار إلى أن انعقاد الندوة في “الجامعة الأم” – جامعة القاهرة – يمنحها قيمة إضافية، مؤكدًا أنها تمثل مؤسسة أكاديمية رائدة في العالم العربي والقارة الأفريقية، وتدعم مسارات التواصل العلمي بين الجانبين.

 

واختتم الدكتور محمد كمال بالتأكيد على أن الندوة تمثل خطوة أولى نحو تعاون أكاديمي ممتد بين معهد البحوث العربية وكلية الدراسات الإفريقية العليا، بما يفتح الباب أمام فعاليات مشتركة تخدم المصالح العربية والأفريقية خلال الفترة المقبلة.

 

ومن جانبه أكد الدكتور عطية محمود الطنطاوي، عميد كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، أهمية العمل على تعزيز العلاقات العربية الأفريقية في هذه المرحلة الدقيقة، مشيرًا إلى أن التغيرات الإقليمية والدولية تفرض على الجانبين العربي والأفريقي إعادة بناء التعاون المشترك على أسس أكثر قوة وفاعلية.

 

وقال الطنطاوي، إن هذه العلاقات يجب أن تنتقل من الإطار التقليدي إلى شراكات حقيقية تقوم على المصالح المتبادلة، بما يسهم في تحقيق التنمية وتعزيز الاستقرار الإقليمي لكلا الطرفين، مؤكدًا أن التكامل بين الجانبين يمثل رصيدًا استراتيجيًا لا يمكن التفريط فيه.

 

وأضاف عميد الكلية أن المرحلة المقبلة تتطلب رؤية مشتركة ومشروعات عملية تعزز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية والاقتصادية في العالم العربي والقارة الأفريقية، مشددًا على أن كلية الدراسات الأفريقية العليا ستواصل العمل من أجل دعم هذا التوجّه عبر مبادرات وبرامج علمية مشتركة مع المؤسسات المعنية في الجانبين.

 

ومن ناحيته أكد الدكتور محمد عاشور، أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا أن انعقاد الندوة يأتي في توقيت دقيق تشهد فيه المنطقة والعالم تحولات عميقة تستدعي إعادة النظر في طبيعة العلاقات العربية الأفريقية، والانتقال بها من مستوى التعاون التقليدي إلى آفاق أوسع وأرحب من الشراكة الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والرؤية المستقبلية الاستباقية، في زمن تتزايد فيه التحديات وتتسارع فيه التحولات.

 

وأشار عاشور إلى أن هذا اللقاء يُعقد برعاية الدكتور محمد سامي عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، ومعالي الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو»، وبتعاون وتنسيق بين كلية الدراسات الأفريقية العليا – بيت الأفارقة في مصر – ومعهد البحوث والدراسات العربية، ذلك الصرح العريق المعني بقضايا الأمة وآمالها، وفي مقدمتها تعزيز التعاون مع دول الجنوب، وفي القلب منها إفريقيا، موضحًا أن الندوة تمثل منصة حوارية وعلمية مهمة لصياغة رؤى جديدة تدعم مسارات التعاون العربي الأفريقي خلال المرحلة المقبلة.

 

وعُقدت الندوة عدة جلسات ، الجلسة الأولى بعنوان: “التعاون العربي الأفريقي من الإرث التاريخي إلى التحديات البنيوية”، برئاسة الأستاذ الدكتور أحمد الشربيني رئيس اتحاد المؤرخين العرب، وناقشت أوراقًا بحثية قدّمها كل من:الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحليم، والدكتور محمد خليفة صديق، والأستاذ محمد صالح دركلي، والدكتورة نادية عبد الفتاح، وتناولت الإرث التاريخي للعلاقات العربية-الأفريقية، وأثر القومية، والتنافس في مناطق الصراع، والانقسامات السياسية بين الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية.

 

كما انعقدت الجلسة الثانية برئاسة الأستاذ الدكتور أيمن عبد الوهاب رئيس مركز الأهرام للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وتضمّنت مداخلات للباحثين:الدكتورة سمر الباجوري، والدكتور ماهر سعداوي، والأستاذ تيجواج بيتر، والدكتورة رانيا حسين، حول قضايا التكامل الاقتصادي، الطاقة المتجددة، الخيارات العربية في جنوب السودان، وتكامل الأدوار العربية والأفريقية في الوساطة وتسوية النزاعات.

 

وتواصلت الفعاليات بانعقاد الجلسة الثالثة بعنوان “الرؤى المستقبلية: نحو أطر مبتكرة للتعاون المرن”، برئاسة السفيرة نرمين الظواهري الأمين العام للوكالة المصرية للشراكة والتنمية، وشارك فيها كل من:

الوزير المفوض تامر عزام، والأستاذ إسماعيل دانكوما، والدكتور أحمد أمل، والدكتور خالد حنفي، وناقشت الجلسة إعادة الإعمار كمدخل للتعاون العربي-الأفريقي، والدبلوماسية الثقافية، ونماذج التعاون المرن، وتطوير منصة غير رسمية للمسار الثاني بين الفاعلين العرب والأفارقة.

 

واختتمت الندوة أعمالها بعدة توصيات أهمها التأكيد علي أن تعزيز الحوار العربي الافريقي ولاسيما عبر مسار المجتمع المدني والقنوات الاكاديمية يمثل ضرورة استراتيجية في عالم تتزايد فيه اهمية التعاون بين بلدان الجنوب. 

واوصت الندوة بإنشاء منصة مستدامة لحوار المسار الثاني، وتفعيل التنسيق المؤسسي بين جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي، ودعم المشروعات المشتركة في مجالات الطاقة وسلاسل التوريد والتكامل الاقتصادي، الى جانب تبني نماذج تعاون ثنائية وثلاثية دون انتظار توافقات شاملة.

 

واكد المشاركون ان الانقسام الراهن لا ينبغي ان يشكل عائقا امام التعاون، بل يمكن ان يكون منطلقا لشراكات اكثر واقعية تسهم في خدمة مصالح الدول والشعوب على الجانبين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى