عرب وعالم

مصادر حكومية باكستانية : اتفاقية الدوحة بين باكستان وحركة طالبان تمثل نفطة تحول حاسمة

دعاء زكريا

في تعليق لمصادر حكومية باكستانية على اتفاقية الدوحة بين باكستان وحركة طالبان الأفغانية،

أوضحت أن  التطورات العسكرية والدبلوماسية الأخيرة بين باكستان وحركة طالبان الأفغانية، والتي تُوجت باتفاقية الدوحة الجديدة، تمثل نقطة تحول حاسمة. فقد تعاملت باكستان بشجاعة، وأكدت على مصالحها الأمنية الوطنية بوضوح وقوة، مُتيحةً فرصةً لتحقيق الاستقرار الإقليمي بدعم من قطر وتركيا.

هذا تطورٌ إيجابيٌّ للغاية. وقد لاقى ترحيبًا واسعًا من جميع قطاعات المجتمع الباكستاني، وكذلك من الشعب الأفغاني المتلهف لسلامٍ دائمٍ بعد سنواتٍ من الحرب الدائرة. كان دور باكستان بارزًا، متسمًا باستراتيجيةٍ واضحةٍ وعملٍ فعّالٍ تحت قيادةٍ ثاقبةٍ اتخذت خطواتٍ حاسمةٍ لحماية المصالح الوطنية. لا تُجدي الدبلوماسية نفعًا إلا بدعمٍ من القوة. وقد أجبرَ إظهارُ باكستان للتصميم العسكري والوضوح السياسي حركةَ طالبان الأفغانية على العودة إلى طاولة المفاوضات. لعبت كلٌّ من تركيا وقطر، وهما دولتان شقيقتان تربطهما بباكستان روابط ثقافيةٌ ودينيةٌ وتاريخيةٌ عميقة، دورًا إيجابيًا ومُعزِّزًا للاستقرار في تهدئة التوترات الحدودية الأخيرة بين باكستان وأفغانستان.
تُقدّر باكستان الوساطة البناءة لتركيا والدعم الدبلوماسي من قطر، التي أدت جهودها الصادقة إلى وقف إطلاق النار ومهدت الطريق لحوار إسطنبول المُرتقب حول الإرهاب والهجرة وأمن الحدود من أجل سلام دائم. في الدوحة، تفاوضت باكستان من موقع قوة، بمطالب قائمة على مبادئ قانونية وأخلاقية واضحة، لا على خطاب مُبهم أو تمنيات بعيدة المنال. لم تُرِد باكستان قطّ العداء مع طالبان الأفغانية. وجاء الصراع الأخير كنتيجة مباشرة لرفض طالبان المُتكرر الاعتراف بالمخاوف الأمنية الحقيقية لباكستان أو اتخاذ أي إجراء بشأنها.
لقد أوضحت هذه الحادثة تمامًا لطالبان أن باكستان لن تقبل بعد الآن بالوضع الراهن الذي تُستخدم فيه الأراضي الأفغانية لشن هجمات على باكستان، وتنفي طالبان تورطها في حين تغض الطرف عن الجماعات الإرهابية مثل حركة طالبان باكستان وجيش تحرير بلوشستان. ردًا على الهجمات الإرهابية الأخيرة، اتخذت باكستان إجراءات عسكرية محددة الأهداف، حيث ضربت مخابئ إرهابية معروفة في أفغانستان. وقد بعث هذا برسالة قوية مفادها أن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق أولئك الذين يؤوون هؤلاء الإرهابيين ويدعمونهم. أصبحت طالبان الأفغانية الآن طرفًا مباشرًا في أمن باكستان. في حال شن أي هجوم إرهابي من الأراضي الأفغانية، ستُحمل طالبان المسؤولية المباشرة عن استمرار دعمها أو تقاعسها ضد حركة طالبان باكستان وجيش تحرير بلوشستان والجماعات الأخرى. ومن واجبها الآن تفكيك هذه الشبكات.
هذا هو أول اتفاق ثنائي بين باكستان وحركة طالبان الأفغانية منذ اتفاق الدوحة الأصلي مع الولايات المتحدة. ويأتي الاتفاق الجديد نتيجةً لفشل طالبان في الوفاء بالتزاماتها السابقة بموجب ذلك الاتفاق. تُبرز الأحداث الأخيرة بوضوح الانتهاكات المتكررة لاتفاق الدوحة الأصلي من قِبل حركة طالبان الأفغانية، وخاصةً فشلها في منع استخدام أراضيها ضد الدول المجاورة. يُعدُّ انضمام قطر وتركيا كضامنين لهذا الاتفاق الجديد خطوةً حاسمةً ومُرحَّبًا بها. فوجودهما يُضيف ثقلًا سياسيًا ويفتح الباب أمام عملٍ مشتركٍ إذا ما فشلت طالبان مجددًا في الوفاء بالتزاماتها. لقد دُوِّلت قضية إيواء الإرهابيين المُعادين لباكستان في أفغانستان. ومن خلال إشراك تركيا وقطر، وهما دولتان مسلمتان رئيسيتان، جعلت باكستان منهما طرفًا فاعلًا في الجهود المبذولة للقضاء على الإرهاب المُنطلق من الأراضي الأفغانية. من الآن فصاعدًا، ستعتمد جميع جوانب العلاقات الباكستانية الأفغانية، مثل التجارة، وحركة الحدود، والتعاون الاقتصادي، على شرطٍ واحدٍ – إبعاد جميع الجماعات الإرهابية المُعادية لباكستان عن الأراضي الأفغانية. إن سجل طالبان الأفغانية السابق في الوفاء بوعودها ليس مشجعًا. لذلك، يجب على باكستان أن تبقى متيقظة، وأن تضع نهجًا وطنيًا موحدًا، وأن تواصل طرح هذه القضية في المحافل الدولية. ويجب الحفاظ على موقف عسكري قوي دائمًا.
سيُضيّق التفاهم بين باكستان وأفغانستان المجال أمام العمليات بالوكالة للهند في أفغانستان، والتي لطالما استغلت الأراضي الأفغانية لتقويض أمن باكستان. على باكستان أن تظلّ يقظةً، إذ تضررت الهند بشدة من هذه المبادرة. • تُوجّه هذه الاتفاقية رسالةً قويةً إلى كلٍّ من الحلفاء والخصوم مفادها أن باكستان لن تتسامح مع الإرهاب ولن تسمح بانتهاك سيادتها الإقليمية دون عقاب. • في المستقبل، يجب على باكستان مراقبة التنفيذ عن كثب، والمطالبة بتقارير دورية عن التقدم المحرز عبر قطر وتركيا، والاستعداد للتحرك دبلوماسيًا وعسكريًا في حال انتهاك الالتزامات مجددًا. • العالم يراقب. هذه فرصةٌ لباكستان لصياغة إطارٍ أمني إقليمي جديد، يُركّز على المساءلة المتبادلة، وعدم التسامح مطلقًا مع ملاذات الإرهاب، ورسالةٍ واضحةٍ مفادها: “السلام مرحبٌ به، ولكن ليس على حساب أمن باكستان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى