مقالات الرأي

مصر الجمهورية الجديدة

عندما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تصبح القوة الرئيسية المؤثرة فى النظام العالمى ولأطول فترة ممكنة فعلت دور أجهزتها الحكومية المتخصصة بالاستفادة من مراكزها البحثية والاستراتيجية ومفكريها لبناء استراتيجيه شاملة تحقق مطالب الأمن القومى الأمريكى، وأصبحت بفضل الفكر الأستراتيجى على قمة النظام العالمى.

ومصرنا 2024 فى أمس الحاجة لتضمد جراحها وتستعيد قوتها حتى يمكنها الأنطلاق نحو المستقبل لتحقق آمال وطموحات شعبها التى غابت عنه طويلاً، ولتتبؤ مكانتها الأقليمية والدوليه التى تستحقها ولاسبيل لذلك إلا بالفكر الاستراتيجى، فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن نتتطلع لمصر المستقبل بدون أن نتوقف عند الأمن القومى المصرى والأستراتيجية القوميه الجديدة التى تحتاجها مصرنا الحبيبة.

الأمن القومى :
ارتبط مفهوم الأمن القومى للدولة فيما مضى بالقوة العسكرية باعتبارها الأداة التى تفرض بها إرادتها على المجتمع الدولى، ولكن تغيرت النظرة العالمية لمفهوم الأمن القومى وتطورت الرؤية له من المفهوم العسكرى البحت إلى المفهوم الإستراتيجى الشامل الذى أصبح لايعتمد على القوة العسكرية فقط بل تخطاها ليشمل باقى عناصر وقوى الدولة الشاملة.

مر مفهوم الأمن القومي المصرى بمراحل عديدة خلال العصور المختلفة ، في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية وإنعكاساتها علي الأمن القومي المصري.

كما تطور مفهوم الأمن القومي ليصبح مفهوماً إستراتيجياً بمعنى تقنين لمجموعة من المبادئ تتضمن قواعد السلوك القومي وتمثل الحد الأدنى للحماية الذاتية، وهذه المبادئ تنبع من طبيعة الأوضاع الإستراتيجية والخصائص المختلفة المتعلقة بعلاقات التعامل مع الإمتداد الإقليمي وخصائصه من جانب ، والعنصر البشري وسلوكه من جانب آخر، والدول المحيطة ووزنها من جانب ثالث ، وتتداخل جميع هذه المتغيرات فى تشكيل الوعاء المادي للإرادة القومية.

أصبح مفهوم الأمن القومي فى العصر الحالى أكثر تعقيداً من مجرد إرتباطه بالقوة العسكرية حيث لم يعد تهديد الأمن القومي قاصراً على التعرض لعدوان مسلح من الخارج ، ولكنه أصبح يأخذ صوراً وأشكالاً أخرى ، قد لا تتسم بالوضوح والعلانية التى يتسم بها العدوان المسلح ، حيث يمكن أن توجه إلى المجالات السياسية أو الإجتماعية أو الإقتصادية أو العقائدية أو الثقافية.

لم يتفق الباحثون وخبراء الإستراتيجية على مفهوم الأمن القومي، لا من حيث تعريفه ولا من حيث سبل وأدوات وإستراتيجيات تحقيقه. ولأن مفهوم الأمن القومي مازال حديثاً، فقد تعددت التعريفات بشأنه مثل ما تعددت الأراء بشأن العناصر المكونة له.

وقد اختلفت التعريفات بإختلاف الزوايا التى ينظر منها إلى الأمن، فثمة رؤية على أنه مفهوم عسكري، ورؤية على أنه مرادفاً للسياسة الخارجية، وثالثة على أنه قضية مجتمعية، ورابعة تؤكد أن الأمن ليس سوى التنمية الشاملة.

ولقد عانت مصر خلال النصف الثانى من القرن العشرين ومازالت تعانى من الأثار السلبية الناتجة عن الرؤية القاصرة لمفهوم الأمن القومى والتى كان من نتيجتها خوض مصر العديد من الحروب التى أدت إلى إستنزاف الطاقات وإهدار الموارد والثروات وإنعكست بالسلب على خطط التنمية الشاملة وزيادة المديونية الخارجية، مما جعل مصر في حاجه إلي تحديد مفهوم علمي واضح وسليم للأمن القومي يصلح كأساس لصياغة نظرية متكاملة لأمن مصر القومي يستهدف مواجهة المتغيرات التي تواجهها من الخارج والداخل والذي يضمن حماية إستقلالها وسلامة كيانها وتأمين جبهتها الداخلية والمحافظة على حضارتها وتراثها العريق.

ولعل تعريف كلية الدفاع الوطنى المصريه هو أشمل تلك التعريفات والذى يتلخص فى أن الأمن القومى هو:

القدرة على توفير أكبر قدر من الحماية والاستقرار لتحقيق التنمية الشاملة للدولة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والإجتماعية والايدلوجية والعسكرية والبيئية والمعلوماتية فى الدولة ضد كافة أنواع التهديدات الداخلية والخارجية سواء إقليمية أو عالمية لتحقيق الأهداف القومية للدولة.

وبذلك يمكن إستخلاص إطار عام يضم بداخلة الجوانب المختلفة لهذا المفهوم حيث نستطيع القول بأن الأمن القومي هو “الإجراءات التى تتخذها الدولة فى حدود قدراتها الشاملة للحفاظ على كيانها ومصالحها فى الحاضر والمستقبل، مع مراعاة المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية” على أن تتسم هذه الإجراءات بالأتى:

1 – أن تكون فى كافة المجالات وجميع نشاطات الدولة الداخلية والخارجية.

2- أن تكون ضمن قدرات الدولة الشاملة وإمكاناتها ، إذ أن بعض الطموحات تتجاوز الإمكانيات المتاحة قد تقود إلى التهلكة.

3- أن يكون التخطيط للحاضر كما يكون للمستقبل القريب والبعيد.

4- مراعاة المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية التى تدعو إلى إعادة التقييم بين وقت وآخر.

5- الاستخدام الفعال لكافة موارد الدولة المتاحة ومقوماتها والمعطيات المتوفرة لها لتحقيق أغراضهها.

أبعاد الأمن القومى:

1- البعد الخارجى:
وهو البعد الأساسي في مفهوم الأمن وقد زاد من حدة هذا البعد ما طرأ على النظام الدولي من تطور وأصبحت دول العالم مرتبطة بالنظام الدولي ولكن كل دولة حسب مصالحها وقدراتها.

ويقسم البعد الخارجي إلى:
– المستوى الإقليمي: مكانة الدولة ووضعها داخل النظام الإقليمي

– المستوى الدولى: إن الأمن القومي يتأثر بطبيعة النظام الدولي القائم وعلاقات الدولة في المحيط الدولي وبحالة الأمن الدولي بشكل عام .

– المجال الحيوي: هي الدول المحيطة والمناطق الحيوية ومناطق المصالح الحيوية والتي بالتأثير عليها أو تهديدها يتعرض الأمن القومي للتهديد مثل منابع النفط ومنابع المياه والمضايق والممرات المائية “مضيق جبل طارق – قناة السويس – مضيق باب المندب – مضيق هرمز – … إلخ” بالنسبة للمنطقة العربية.

2- البعد الداخلي:

– هو البعد الحاكم نظراً لطبيعة الإرتباط بين السياسة الداخلية والخارجية ويرجع هذا البعد إلى مكونات الدولة السياسية والاقتصادية والإجتماعية والمعنوية والعسكرية والوحدة الوطنية والتي تمثل قوتها الداخلية وتؤثر بالتالي على سياستها الخارجية.

– يرجع هذا البعد إلى طبيعة النظام الدولي المعاصر، حيث لم يعد يقتصر نشاط دولة تجاه دولة أخرى خارجياً فقط، بل إمتد ليشمل الداخل، حيث الدول بدون إستثناء يمكن اختراقها بفعل الثورة والعولمة والتوسع، في الإعتماد المتبادل تجارياً وصناعياً وعلمياً، ولكل دولة أساليبها وكل هذه الأساليب والوسائل التى تمارسها دول تجاه دولة أخري في الداخل وتشكل تدخلاً خارجياً.

– البعد الداخلي يمثل الركيزة الأساسية للأمن القومي، ونظراً للتطور الكبير في وسائل وأساليب التهديد والضغط والإجبار، وأصبحت الأساليب والوسائل الإقتصادية والسياسية والأيدلوجية والمعنوية تلعب دوراً أكثر نشاطاً على المسرح الإقليمي والدولي، ومن ثم أصبح الداخل مجالاً خصباً لهذه الوسائل والأساليب.

يتبين مفهوم الأمن القومي فى خلاصة التفاعلات بين مجموعة العوامل التالية:

– عوامل داخلية: تتعلق بحماية المجتمع من التهديدات الداخلية المدعومة بقوى خارجية وبشرط أن تكون أهداف النظام السياسي معبرة عن القيم الحقيقية للشعب، وأن تسمح المؤسسات السياسية على توفير قنوات المشاركة.

– عوامل إقليمية: خاصة بعلاقات الدولة مع الدول المجاورة لها فى الإقليم أو المنطقة الجغرافية.

– عوامل دولية: أى أبعاد علاقات الدولة فى المحيط الدولي وطابع تحالفاتها الدولية وطبيعة علاقاتها بالقوى العظمي.

مجالات الأمن القومى:

يتكون الأمن القومي علي أي مستوي من عدة مجالات أساسية هي مصدر قوته أو ضعفه وإذا تهددت هذه المجالات كلها أو بعضها يصبح الأمن القومي كله مهدداً وأن ضعفها يهيئ سبل إختراق الأمن القومي وتتمثل فى الآتى:

1- المجال الجيوبولتيكى : فمازالت الطبيعة الجيوبوليتكية الدولية ذات أهمية قصوى بالنسبة لسياسات الأمن القومي ومؤثرات البعد الجيوبولتيكي التي يمكن عن طريقها تناول الأمن القومي والتي تتمثل في:

– الحجم والشكل فيتم التعرف علي حجم وشكل الدولة والعلاقة بين الحجم والشكل والعمق ومدي تأثيرها علي تنظيم الدفاع عن العمق السياسي والاقتصادي والنقل والمواصلات.

– التضاريس ومدي وجود موانع طبيعية في مناطق الحدود ومدى وجود حماية طبيعية للمناطق الحيوية.

– الموقع النسبي للدولة ومدي علاقتها بالدول المجاورة ، منافذها علي البر والبحر، وتأثير ذلك علي التجارة والنقل وأهمية موقع الدولة بالنسبة للدول ذات المصالح الحيوية في المنطقة

2- المجال الديموجرافى “الإجتماعى”:

يعد البعد الإجتماعي من الأبعاد الهامه للأمن القومي حيث إن العوامل الإجتماعية الإيجابية تؤثر علي الأمن القومي تأثيراً إيجابياً وتجعل الدولة قادرة علي مواجهة أي تهديدات داخلية أو خارجية تمس الأمن القومي وعلي العكس فإن العوامل الإجتماعية السلبية تضر بالأمن القومي وتجعله عرضة للتهديدات الداخلية والخارجية ومؤشرات العنصر الديموجرافي للدولة هي السكان “والتى يتم التعرف فيها علي عدد السكان ، ومعدل النمو السكاني والشكل العام لتوزيع السكان ، والكثافة السكانية”، المجتمع والتي يتم التعرف فيها علي تركيب المجتمع ومدي تواجد أقليات به وأسلوب تنظيمها ومدي حرية ممارستها للشعائر الدينية وأماكن توزيعها والتكافؤ الإجتماعى والتعليم والصحة.

3 – المجال السياسى:

هو الطريقة التي تنظم بها الدولة مواردها ويحدد المستقبل السياسي كيفية وأسلوب إتخاذ القرار ومتخذي القرار ويركز في هذا العنصر علي السياسة الداخلية والخارجية والمؤسسات السياسية.

4 – المجال الاقتصادى :

هناك ثلاثة موارد اقتصادية تؤثر علي مستوى الأمن القومي هي : الموارد الغذائية ومدى توفرها سواء من مصادر محلية أو من دول صديقة، الموارد المعدنية “الطبيعية”، الموارد الصناعية “أى القدرة الاقتصادية للدولة”.

5 – المجال العسكرى:

هناك عدة مؤشرات للعنصر العسكرى تركز فيها علي حجم وتكوين القوات وتنظيمها وتسليحها – المرونة – الخبرة القتالية – تعبئة الإنتاج الحربى والأحلاف العسكرية.

6- المجال التكنولوجى:

إن التخلف التكنولوجى من أكبر عوامل ضعف الأمن القومى، حيث أن الدولة المتخلفة تكنولوجياً لايمكنها النهوض سياسياً أو إجتماعياً أو إقتصادياً أو عسكرياً ، بل أنها فى سبيل ذلك لابد وأن تفقد الكثير من سيادتها وكرامتها لتلحق بجزء من ركب التكنولوجيا.

نطاقات الأمن القومي المصرى:

نظراً لأن الأمن القومي المصرى يتعدي الحدود السياسية لمصر ويصل إلي المناطق والدول المحيطة والقريبة والتي يعتبر عدم إستقرار الأمن بها بمثابة تهديد للأمن القومى المصرى وتلك المناطق يطلق عليها مناطق الأمن القومي المصرى وتتحدد علي الأسس الآتية:

1 – الأساس الجغرافى: ويبني علي عنصر الجوار وما يقوم عليه من تداخلات طبيعية وبشرية وحضارية تعكس أثارها علي العلاقات مع الجوار.

2 – الأساسي الجيوبوليتكى : ويقوم علي المجال الحيوي “المصالح الحيوية”، ومتطلبات الإستراتيجية الدفاعية والمصالح الاقتصادية والسياسية.

3 – الأساس السياسى : وهو المبني علي أساس وجود إنتماءات وفلسفات سياسية ومذاهب معينة لرسم سياستها.

4 – الأساس الأيديولوجى : وهو الذي يقوم علي أساس تبني مذاهب رئيسية أو اقتصادية كما يذهب إلي المعتقدات والأصول العرقية والإقليمية.

وتعتبر المناطق الآتية مناطق أمن ثابتة لمصر ولها تأثير علي الأمن القومى المصرى:

1 – منطقة المشرق العربى : الخليج العربي وسوريا وهي بمثابة خط الدفاع الشرقى عن الوطن العربي وتجاورها إيران وتركيا وإسرائيل.

2 – من الاتجاه الجنوبى: المحيط الهندى وخليج عدن وتطل عليه سلطنة عمان واليمن والصومال.

3 – من الاتجاه الشمالي والشمالي الغربى : البحر المتوسط وهو همزة الوصل بين أوروبا وأفريقيا وآسيا.

4 – من الاتجاه الغربى: المحيط الأطلنطى وتطل عليه المغرب وموريتانيا.

5 – قلب الوطن العربى:

– البحر الأحمر وهو المنفذ الرئيسي للتجارة العالمية عبر باب المندب البوابة الجنوبية للبحر الأحمر والتي ما تحكمت دولة فيه يمكنها التحكم في الملاحة في قناة السويس.

– القرن الأفريقى وخليج عدن وهما الممر الرئيسي لتجارة العالم خاصة الإتحاد الأوروبي.

– منابع النيل وهى الشريان الرئيسي للمياه لكل من مصر والسودان.

ترتبط قوة الدولة فى البحر بالأمن القومى حيث تتأثر الدول الساحلية جغرافياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإجتماعياً، وذلك بكونها متصلة بتلك المساحة الشاسعة من المياه والتي تبلغ ثلاثة أرباع مساحة الكرة الأرضية مما يضفي علي موقعها من الأهمية والأبعاد السياسة والاقتصادية والإستراتيجية بحكم إتصاله بخطوط المواصلات البحرية العالمية بجانب الكميات الهائله من الثروات البحرية سواء سمكية أو معدنية … إلخ.

ومن جهة أخرى تعتبر المنطقة الساحلية هي النافذة التي تطل منها الدولة ويلتقي شعبها من خلالها بشعوب ودول العالم ، وبالرغم من كون ذلك ميزة يستفاد منها إلا أنها في بعض الأحيان يمكن أن تكون وبال علي الدولة نفسها فتصبح عُرضة لأي عدوان بحري لدولة طامعة لها القدرة علي الوصول إلي سواحلها والنزول الي أرضيها.

الاستراتيجية: ترجع أهمية الإستراتيجية القومية إلي العامل الفعال والرئيسي في توجيه موارد الدولة نحو النهايات المطلوبة ، أي نحو تحقيق الأهداف المخططة.

حول هذا المفهوم يمكن القول بأن موارد الدولة من القوي البشرية والموارد الاقتصادية والأسلحة والمعدات ، لا تعدو أن تكون أكثر من أرقام إحصائية أو إمكانات متاحة أو مادة للدراسة لإدخالها في مجال المقارنة أو التقييم ، وحتى تتحول هذه الموارد أو الإمكانات إلي قوة قومية فلا بد من أعدادها صالح الدولة وأهداف الأمن القومي لها ، وقياساً علي ذلك فإذا تساوت دولتان في الموارد فإن الدولة ذات الإستراتيجية الأفضل والأنسب تكون أكثر كفاءة وقوة من الدولة الأخرى.

يتضح من هذا السياق أن القوة القومية للدولة هي خليط أو مزيج من الموارد والإستراتيجية القومية ، حيث أنها تعمل علي ترقية وتطوير الموارد لتستمر في العطاء وتحافظ علي قوة الدولة وتعمل علي تحسينها وزيادتها.

تمثل الاستراتيجية القومية رؤية الدولة لمستقبلها في الفترة المخطط لها وما ترغب في تسخير مواردها من أجله فلا تدع نفسها ومستقبلها نهائياً للإقدار ولا تكون حركتها وتصرفاتها مجرد ردود أفعال بحته لما يدور حولها من أعمال ، بل تخرج بين ذلك وبين ما ترغب هي في عمله وتحقيقه بما لديها من أمكانات وإستراتيجية واعية، ولا يمكن صنع المستقبل المنشود ووضع الطموحات القومية موضع التنفيذ دون التعرف علي المتاح والممكن من موارد الدولة ووضع الإستراتيجية الملائمة لتحقيق الطموحات والتغلب علي التحديات التي تعترض مسيرة الدولة نحو مستقبلها المنشود.

نخلص مما تقدم بأن الاستراتيجية القومية هى علـــم وفن استخدام وتطوير موارد الدولة لتحقيق الأهداف والمصالح القومية أو لتحقيق أهداف الأمن القومي تحت مختلف الظروف، ويجب أن تسود الإستراتيجية القومية جميع أوجه الحياة القومية لتشمل عدداً من الإستراتيجيات الفرعيه التخصصية “السياسية – الاقتصادية الأمنية- العسكرية– الاجتماعية … الخ” تطبق في زمني السلم والحرب ولا تمثل الإستراتيجية العسكرية إلا أحدها.

وتبني الاستراتيجيات التخصصية علي تحديد أهداف القطاع التخصصي، حيث تعتبر الغايات والأهداف القومية هي المصدر الأساسي والرئيسي لأهداف القطاعات التخصصية أي تكون الأهداف التخصصية متسقة مع بعضها وتسير نحو الغايات والأهداف القومي.

والجدير بالذكر أن عملية بناء وصياغة الاستراتيجية القوميه ليست بالسهلة ولا باليسيرة فهى عملية معقدة ومتشابكة لأنها تخضع لإعمال الفكر والعقل بناءً على الأحصائيات والحسابات بالأضافه إلى التوقعات، وتسير خلال مراحل متعدده تتسم باختلاف وجهات النظر والادراكات للخروج برأى أو اتخاذ قرار عن طريق التمييز والمقارنة واستخدام الملكات العقلية، لذا برز مسمى الحوار الفكرى لصياغة الاستراتيجية القومية.

فهى عملية فكرية وعقلية الغرض النهائى منها هو الخروج بأفضل النتائج لتحقيق أهداف الأمن القومى للدولة.

ولبناء الأسنراتيجية القومية يلزم وضع الفكرة الأستراتيجية وتحديد محاور الاستراتيجية وأسبقيات تركيز جهودها ومدياتها الزمنية، وتحديد الأسس والركائز والمقومات التى تمتلكها والمحددات التى تؤثر عليها، لتصـاغ بنـاء على ذلك الأهداف لكل محور وتوضع السياسات الأزمة لتحقيق تلك الأهداف كذا تحديد الآليات المنوطة بتنفيذ هذه السياسات “تكوينها – تباعيتها – الغرض منها- أختصاصاتها، وعما إذا كانت قائمه أوتحتاج لتطوير أو جديدة مطلوب أنشاؤها”.

لقد قدم لنا الرئيس عبد الفتاح السيسى من خلال خطاب تنصيبه رئيساً للبلاد رؤية استراتيجية تحدد أطاراً للاستراتيجية القوميه الجديدة.

كما أن مصرنا الحبيبة غنية بالمراكز الاستراتيجية والفكرية بالأضافة إلى المتخصصيين والخبراء داخلها وخارجها والذين ساهموا فى بناء حضارات العديد من الدول العربية والأجنبية.

وأننى أرى أنه قد ان الأوان للعمل الجماعى من أجل مصر بتفعيل دور المراكز البحثية والاستراتيجية المصريه بالتعاون مع مختلف وزارات وأجهزة الدوله وبالأستفادة من خبراء مصر ومثقفيها الأوفياء تحت مظلة كلية الدفاع الوطنى المصرية ذلك الصرح العلمى الكبير المتخصص فى الاستراتيجية القومية والأمن القومى، لصياغة أستراتيجية قومية جديدة واستراتيجيات تخصصية تشتق منها، “تفعيلاً للرؤية الأستراتيجية للسيد الرئيس” تركز على بناء وتنوير الأنسان المصرى ولتتماشى مع المتغيرات المعاصرة وترتكز على أسس ومقومات وأمكانيات فعلية، وفى اطار محددات دقيقه للأمن القومى المصرى، تحقق سياساتها الأهداف التنموية والأمنية المرجوه لتضع مصر فى مكانتها التى تستحقها وتمكنها من الأنطلاق نحو المستقبل لتحقيق رفاهيه شعبها والتى غابت طويلاً.

حفظ الله مصر وجمع شعبها على قلب واحد وبصرهم بصالحهم

بقلم/ لواء بحرى اح / محمود متولى
خبير استراتيجى وعسكرى
مؤسس الصالون البحرى المصري

زر الذهاب إلى الأعلى