الرئيسيةمقالات الرأي

مصطفى حبشى يكتب : معاناة شعب تيجراي في مخيمات النزوح واللجوء بعد خمسة أعوام من المأساة الإنسانية

يدخل شعب تيغراي عامه السادس من المعاناة القاسية داخل مخيمات النزوح ومعسكرات اللجوء، بعد أن رفض الاستسلام في وجه الحرب التي شنّها النظام الإثيوبي بقيادة آبي أحمد، والتي اتخذت طابع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الإقليم وسكانه. وعلى الرغم من توقيع اتفاقية برايتوريا لوقف إطلاق النار قبل أربعة أعوام، فإنها لم تُترجم إلى أي مكاسب إنسانية حقيقية، بل تحوّلت – وفق شهادات السكان – إلى غطاء استخدمته الحكومة الإثيوبية لفرض سلاح جديد: سلاح التجويع المتعمد.


مشهَد كارثي داخل مخيم “هتساس”

بحسب تقرير صحفي بثّه تلفزيون تيغراي عقب زيارة لمخيم هتساس الذي يضم أكثر من 1700 نازح، فإن المشهد الإنساني داخل المخيم يوصف بالمروّع. فقد توفّي نحو 300 نازح خلال الفترة الماضية بسبب نقص الدواء والغذاء، فيما يكافح ما تبقى من السكان – وبينهم أطفال وكبار سن – للبقاء على قيد الحياة بعد أن فقدوا كل وسائل العيش الكريم.

وتؤكد عائلات النازحين أن الوفيات اليومية أصبحت جزءًا من الواقع نتيجة غياب الغذاء والأدوية الأساسية. كما تشير الشهادات إلى أن المساعدات الغذائية غير كافية، إذ يضطر السكان إلى بيع نصفها (15 كغم) للحصول على طعام بديل، بينما يُستخدم النصف الآخر للطبخ. وتزيد طبيعة المواد الغذائية المقدمة من معاناة الأطفال والمرضى، إذ يصعب عليهم تناولها أو الاستفادة منها صحيًا.


مخيم عدي أحمداي: الجوع يحصد الأرواح

وفي مخيم عدي أحمداي الذي يأوي 27,300 نازح، سُجّلت 282 حالة وفاة بسبب الجوع خلال الأشهر الأخيرة، بينما تعرض 6600 نازح لحالات جفاف شديد بعد انقطاع المساعدات الإنسانية لنحو سبعة أشهر متواصلة.

ويؤكد منسق المركز، برهاني أماري، أن المخيم يفتقر بالكامل إلى المرافق الصحية، باستثناء عيادة متنقلة تزور المكان مرة واحدة أسبوعيًا، وهو ما يعد من أبرز أسباب تدهور الوضع الصحي وارتفاع معدلات الوفيات، وخاصة بين الفئات الأضعف مثل كبار السن والأطفال.

نداءات استغاثة لا تجد من يلبيها

النازحون في المخيمات يوجّهون صرخات متكررة إلى الحكومة الإثيوبية والمنظمات الدولية لإنقاذ حياتهم وتمكينهم من العودة إلى ديارهم قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة كبرى، مؤكدين أن ما يجري لا يمكن السكوت عنه بعد أن أصبح الموت نتيجة متوقعة لكل تأخير في وصول المساعدات.

وما يظهر في هذين المخيمين ليس سوى جزء بسيط جدًا من واقع مأساوي أكبر. فلا تزال عشرات المخيمات الأخرى مغلقة في وجه الإعلام، ويعيش سكانها ظروفًا قد تكون أسوأ بكثير.


لاجئو تيغراي في السودان… مأساة أخرى

إلى جانب النازحين داخل الإقليم، يعاني أكثر من 70 ألف لاجئ تيغراوي في السودان داخل معسكرات أم راكوبة وطنيدبة وهشابة من أوضاع مشابهة، حيث يعانون من نقص الغذاء والدواء وغياب الحماية، في ظل تجاهل دولي متزايد لمعاناتهم.

جبهة تحرير تيغراي تطالب بالضغط الدولي

جبهة تحرير تيغراي جددت مطالبتها للمجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي بضرورة الضغط على الحكومة الإثيوبية لتنفيذ بنود اتفاقية برايتوريا التي بقيت – حسب الجبهة – حبراً على ورق دون أي خطوات عملية.

فشل اتفاقية برايتوريا واحتمالات العودة إلى المواجهة
وبناءً على المشهد الحالي، يرى كثيرون – ومن بينهم الكاتب – أن الحكومة الإثيوبية لا تُظهر أي إرادة لتنفيذ الاتفاقية أو معالجة الأزمة الإنسانية، بينما لم يقم الاتحاد الإفريقي – راعي الاتفاق – بأي متابعة جادة لضمان التنفيذ.

ويؤدي هذا التخلي الدولي إلى دفع شعب تيغراي وقوات دفاع تيغراي (TDF) إلى التفكير في خيارات أخرى، في ظل استمرار الموت اليومي بالسلاح الأخطر: سلاح الجوع والمرض، بل وحتى افتراس الضباع لبعض الضحايا في محيط المخيمات.

خاتمة: إما إنقاذ عاجل… أو انفجار قادم

بعد مرور أكثر من خمسة أعوام، بات واضحًا أن الأزمة لن تُحل بالتجاهل والصمت. فإما أن يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذ عشرات الآلاف من المدنيين، وإما أن يجد شعب تيغراي نفسه مضطرًا – كما يقول الكاتب – إلى العودة للنضال لاستعادة أراضيه وضمان حياة كريمة لشعبه، إذ “لا خيار آخر للبقاء بعد أن أصبح الموت والجوع واقعًا يوميًا لا يمكن احتماله”.
مصطفى حبشي
إذا رغبت في عنوان بديل أو نسخة أقصر أو صياغة صحفية أكثر رسمية، يمكنني إعدادها فورًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى