الرئيسيةعرب وعالممنوعات

فنلندا تتحدى قواعد اللعبة بمفاعل نووي صغير يغيّر مفهوم الطاقة

تُشيد Steady Energy أول محطة تجريبية لمفاعل نظيف يُناسب المدن بدلًا من تخويفها


كتب : خالد جادالله

في زمن تتصارع فيه الدول على مصادر الطاقة، وتتسابق الأمم للحاق بركب الاستدامة والحياد الكربوني، تخرج إلينا من قلب فنلندا، وتحديدًا من هلسنكي، قصة قد تغيّر وجه العالم.

وليست قصة من وحي الخيال العلمي، ولا مشروعًا عابرًا سيعلو اسمه لأسابيع ثم يخبو بل هي نواة لانفجار علمي وتقني قد يعيد تعريف مفهوم الطاقة النظيفة والاستقلال الطاقي وهناك شركة ناشئة تُدعى Steady Energy تُشعل شرارة المستقبل، وتحصل على تمويل بملايين اليوروهات لتبني أول مفاعل نووي صغير من نوعه في أوروبا الشمالية فماذا يعني هذا للبشرية ولماذا قد يكون هذا المفاعل الصغير هو البطل الذي لم نكن ننتظره، لكنه قد ينقذنا جميعًا

في خطوة جريئة وغير مسبوقة، أعلنت شركة Steady Energy الفنلندية وهي شركة ناشئة تضم مجموعة من علماء الطاقة النووية والمهندسين الطموحين عن حصولها على تمويل ضخم بلغت قيمته 32 مليون يورو لبناء أول محطة تجريبية لمفاعل نووي صغير في هلسنكي.

هذه الخطوة ليست مجرد إنجاز محلي بل قد تُعد بداية لعصر جديد تنكسر فيه قيود التبعية الطاقية وتُطوى فيه صفحات الانبعاثات الكربونية القاتلة

 

لماذا كل هذا الاهتمام بمفاعل صغير

السر يكمن في الحجم الصغير والتأثير الكبير المفاعلات النووية الصغيرة وتُعتبر الجيل القادم من الطاقة النووية حيث تجمع بين الأمان العالي والتكلفة المنخفضة وسرعة التركيب ويمكن دمجها بسهولة في شبكات الطاقة المحلية وحتى استخدامها كمصدر حراري للمناطق الباردة.

ويأتي مشروع Steady Energy في وقت حرج يشهد اضطرابًا عالميًا في أسعار الطاقة وتوترات جيوسياسية أثّرت على إمدادات الغاز والنفط وجعلت الحاجة إلى مصادر موثوقة ومستقلة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى

 

ما الذي يميز هذا المفاعل بالتحديد

وفقًا لمصادر داخلية خاصة فإن المفاعل الذي تطوره Steady Energy يعتمد على تصميم متطور يستخدم نظام تبريد يعمل بالغاز المضغوط مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالمفاعلات التقليدية ويتيح ت

تحكمًا دقيقًا بدرجة الحرارة دون الحاجة لاستهلاك مفرط للمياه وهي مشكلة تؤرق مناطق كثيرة في العالم

كما أن التصميم مضغوط وقابل للنقل مما يجعل من الممكن نشر وحدات متعددة في مناطق نائية أو حتى استخدامها كبدائل نظيفة لمحطات الوقود الأحفوري في المدن الكبرى

الطموح لا يتوقف هنا

بحسب ما كشفه المدير التنفيذي للشركة في تصريح خاص فإن هذا المفاعل هو مجرد البداية. Steady Energy تخطط لإنشاء شبكة من هذه المفاعلات في أنحاء أوروبا خلال العقد المقبل بهدف المساهمة بنسبة كبيرة في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي للحياد الكربوني بحلول عام 2050

رسالة خفية إلى العالم

قد يكون تمويل هذا المشروع رسالة ضمنية من المستثمرين بأن السباق الحقيقي نحو الاستدامة لن يُحسم بالرياح أو الشمس فقط بل إن للطاقة النووية الصغيرة دورًا جوهريًا قادمًا بقوة ومن يدري قد نشهد خلال سنوات قليلة تحول المفاعلات الصغيرة إلى محطات طاقة شخصية تزود المصانع الأحياء السكنية وحتى الجزر النائية بالكهرباء النظيفة على مدار الساعة

ما يحدث الآن في هلسنكي ليس مجرد مشروع نووي، بل شرارة لثورة تكنولوجية تقف على مفترق طرق بين الحاجة الملحة، والابتكار الذي طال انتظاره Steady Energy لا تسعى فقط لتغيير قواعد اللعبة بل تعيد كتابة اللعبة من جديد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى