مندوب فلسطين بالجامعة العربية: العدوان على غزة تقويض لمنظومة العدالة الدولية والمطلوب محاسبة فورية لإسرائيل

أيمن عامر
حذّر السفير مهند العكلوك، مندوب دولة فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية، من أن الجرائم الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة تمثل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان تهدد منظومة العدالة الدولية برمتها، مؤكداً أن الوقت قد حان لمحاسبة إسرائيل وملاحقة مسؤوليها على ما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
جاء ذلك في كلمة دولة فلسطين أمام الجلسة الختامية للدورة الحادية والأربعين لمجلس وزراء العدل العرب، التي عقدت اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، بحضور وزراء العدل العرب ورؤساء الوفود.
وأوضح العكلوك أن العدوان الإسرائيلي على غزة المتواصل منذ أكثر من عامين خلّف ما يزيد على ربع مليون ضحية بين شهيد وجريح ومفقود، فضلاً عن تدمير أكثر من 85% من مباني القطاع وبناه التحتية الأساسية، محولاً غزة إلى منطقة منكوبة بالكامل. وأضاف أن الاحتلال استخدم سياسة التجويع كسلاح حرب، ومنع دخول الغذاء والدواء وحليب الأطفال، واستهدف المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى استشهاد المئات، بينهم عشرات الأطفال.
وأشار المندوب الفلسطيني إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية لم تقتصر على غزة فحسب، بل امتدت إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة، من خلال استمرار سياسة الضم وتوسيع المستوطنات غير القانونية، ولا سيما مشروع (E1) الذي يهدد التواصل الجغرافي للأراضي الفلسطينية، إضافة إلى تصاعد اعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية تحت حماية جيش الاحتلال، ومواصلة تهويد القدس عبر هدم المنازل وإغلاق مدارس الأونروا والتضييق على سكان المدينة المقدسة.
ولفت إلى أن محكمة العدل الدولية أصدرت ثلاثة أوامر احترازية لوقف الجرائم الإسرائيلية، فيما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت في نوفمبر 2024، غير أن إسرائيل قابلت ذلك بالرفض والتمرد على النظام القضائي الدولي، بل وهددت المحكمة وموظفيها، ما يمثل انتهاكاً صارخاً لمبدأ سيادة القانون.
وأكد العكلوك أن إسرائيل تحولت من قوة احتلال إلى نظام فصل عنصري ثم إلى قوة تمارس الإبادة الجماعية، مستفيدة من الحصانة السياسية التي حظيت بها لعقود، مشدداً على أن عجز المجتمع الدولي عن ردعها ألحق أضراراً جسيمة بالمنظومة القانونية التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لحماية السلم والأمن الدوليين.
ودعا السفير الفلسطيني المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لوقف الجرائم الإسرائيلية فوراً، والانتقال من الإدانة اللفظية إلى فرض عقوبات عملية، تشمل حظر توريد السلاح لإسرائيل ووقف التعاون معها في المجالات المختلفة. كما طالب الدول العربية بتفعيل قرارات القمم العربية السابقة بشأن إدراج المستوطنين الإسرائيليين وكياناتهم على قوائم الإرهاب، وتطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين عند مرورهم عبر الأجواء أو الموانئ العربية.
وأشار العكلوك إلى أن العدوان الإسرائيلي طال أيضاً قطاع العدالة الفلسطيني في غزة، حيث استُشهد عدد من القضاة والعاملين في المؤسسات العدلية، وتم تدمير البنية القضائية بالكامل. وكشف عن أن وزارة العدل الفلسطينية أعدت خطة شاملة لإعادة بناء قطاع العدالة ضمن جهود الحكومة لإعادة الإعمار وتوفير الإغاثة القانونية للمواطنين، بهدف ضمان الوصول إلى العدالة وتعزيز سيادة القانون بعد الحرب.
وأكد أن الخطة تتضمن برامج لتوثيق حقوق المواطنين في الأراضي والممتلكات، ودعم آليات تسوية النزاعات المجتمعية، وإصدار تشريعات طوارئ تواكب متطلبات المرحلة المقبلة، مشدداً على حاجة فلسطين إلى دعم عربي فني ولوجستي وقانوني لتطبيق هذه الخطة وإعادة توحيد النظام القضائي بين الضفة الغربية وقطاع غزة في إطار رؤية الرئيس محمود عباس لدولة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد.
واختتم العكلوك كلمته بالتأكيد على التزام فلسطين بجميع الاتفاقيات القضائية العربية رغم الظروف الصعبة، مشيراً إلى أن المنظومة القانونية الفلسطينية تتوافق مع المعايير الدولية، خصوصاً في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ووجّه الشكر للأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمركز العربي للبحوث القانونية والقضائية على جهودهما في توثيق الجرائم الإسرائيلية، مؤكداً أن فلسطين ستواصل نضالها القانوني والدبلوماسي حتى تحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال.




