عرب وعالم

موسكو مستعدة لمواجهة عقوبات جديدة

تباينت ردود الفعل الروسية والأوكرانية على الدعوة الجديدة التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الطرفين من أجل التوصل إلى اتفاق، مع تلويحه بفرض عقوبات جديدة على روسيا.
ففي حين أبدت موسكو استعدادها لمواصلة المفاوضات بشروط محددة، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي واشنطن إلى العودة لفكرة فرض وقف فوري لإطلاق النار.

موقف موسكو من العقوبات والمفاوضات

أبدى الكرملين، الأربعاء، حذراً في التعليق على تقارير تحدثت عن موافقة ترامب على أول حزمة أسلحة أميركية لأوكرانيا ضمن اتفاق مالي جديد مع دول “الناتو”، يقضي بتزويد كييف بأسلحة من المخزونات الأميركية على أن تتحمل دول الحلف التكلفة.
وقال المتحدث الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف إن بلاده مستعدة لاستئناف المفاوضات مع كييف، محمّلاً أوكرانيا والاتحاد الأوروبي مسؤولية عرقلة المسار السياسي. وأوضح أن موسكو وواشنطن لا تناقشان حالياً احتمال عقد لقاء جديد يجمع ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

أول حزمة مساعدات عسكرية أميركية لأوكرانيا

وسائل إعلام غربية سرّبت معلومات عن موافقة ترامب على تقديم حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عودته إلى البيت الأبيض. وبحسب التقارير، قد تتلقى أوكرانيا قريباً شحنات من هذه المساعدات تشمل أنظمة دفاع جوي للتصدي لهجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ الروسية.
وذكرت وكالة “رويترز” نقلاً عن مصدرين أن وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية إلبريدج كولبي وافق على شحنتين بقيمة تصل إلى 500 مليون دولار من قائمة المتطلبات الأوكرانية ذات الأولوية.

دعوة ترامب للتسوية وتهديد بالعقوبات

في المقابل، دعا ترامب الطرفين الروسي والأوكراني إلى التوصل لاتفاق، مؤكداً أن على زيلينسكي السعي نحو تسوية سياسية مع موسكو. لكنه في الوقت ذاته لوّح بفرض عقوبات جديدة على روسيا، مشترطاً أن توقف دول حلف الأطلسي وارداتها من مصادر الطاقة الروسية.
وعلّق بيسكوف بالقول إنه لا يوجد حالياً أي تفاهم بشأن إجراء محادثة هاتفية أو لقاء شخصي بين بوتين وترامب لإعادة ترتيب التفاهمات بين الطرفين.

الموقف الأوروبي وتصعيد العقوبات

أكد بيسكوف أن خطط أوروبا للتخلص من واردات الطاقة الروسية بشكل أسرع لن تؤثر على روسيا ولن تغيّر موقفها. وأشار إلى أن الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات الأوروبية قيد النقاش حالياً، متهماً الاتحاد الأوروبي بمواصلة موقفه العدائي تجاه موسكو.
من جهتها، صرّحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها أجرت “محادثة جيدة” مع ترامب حول تعزيز الجهود المشتركة لزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا. وأوضحت أن الحزمة الجديدة ستستهدف العملات المشفرة والبنوك وقطاع الطاقة.
وأضافت فون دير لاين عبر “إكس”: “لقد أجريت اتصالاً مفيداً مع الرئيس الأميركي لتعزيز الجهود المشتركة لزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا من خلال إجراءات إضافية”.

رد موسكو على العقوبات الأوروبية

أكد بيسكوف أن الحزم السابقة من العقوبات الأوروبية أضرت باقتصاد الاتحاد الأوروبي نفسه، وأن بروكسل تواصل اتباع سياسة “مدمرة”. وأضاف: “فيما يتعلّق بالتهديد الجديد، دعونا ننتظر الصياغة، ثم سنقيّمها”.
كما شدد على أن روسيا ما زالت منفتحة على المفاوضات السياسية بشأن أوكرانيا، لكنها متمسكة بموقفها المعلن.

لافروف: الضمانات الأمنية شرط أساسي

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد بدوره أن روسيا تصر على الحصول على ضمانات أمنية شاملة تتوافق مع التزامات الغرب المنصوص عليها في الوثائق الدولية.
وخلال ندوة حول الأزمة الأوكرانية، قال لافروف: “سنصر بالطبع على ضمانات أمنية. سعينا إلى ذلك في فبراير 2014، ومرة أخرى بعد عام مع اتفاقيات مينسك التي وافقت عليها الأمم المتحدة. يجب أن تتوافق الضمانات مع ميثاق الأمم المتحدة ووثائق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في إسطنبول 1999 وآستانة 2010”.

وأوضح أن الضمانات يجب أن تستند إلى مبدأ عدم تجزئة الأمن، وألا يحق لأي دولة تعزيز أمنها على حساب الآخرين، مشيراً إلى أن الغرب يحاول اليوم فرض عكس ذلك في أوكرانيا.
كما كشف أن موسكو لم تتلقَّ بعد رداً من كييف على اقتراح تشكيل ثلاث مجموعات عمل لمعالجة القضايا الإنسانية والعسكرية والسياسية، محمّلاً أوكرانيا وأوروبا المسؤولية عن عرقلة المسار.

رفض روسي لمشاركة أوروبا في المفاوضات

شدد لافروف على أن بلاده تعارض إشراك الدول الأوروبية في أي مفاوضات سلام، قائلاً: “أوروبا تسعى لحجز مكان لها على طاولة المفاوضات بموقف انتقامي يهدف إلى إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا. لا مكان لها على طاولة المفاوضات”.
ووصف بعض القادة الأوروبيين الذين يناقشون إرسال قوات إلى أوكرانيا أو إقامة منطقة حظر جوي بأنهم “يشبهون السترات الصفراء التي تدّعي الأهمية لكنها عاجزة عن الفعل”.

موقف أوكرانيا وزيلينسكي

في المقابل، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده مستعدة لوقف إطلاق النار، داعياً ترامب إلى العودة لفكرة هدنة فورية. وقال في مقابلة مع “سكاي نيوز”: “كنا نأمل أن يتمسك الرئيس ترامب بمبدأ وقف إطلاق النار. نحن مستعدون لذلك”.
وأضاف أنه منفتح على لقاء الرئيسين الأميركي والروسي في إطار اجتماع ثنائي أو ثلاثي من دون شروط مسبقة، لكنه استبعد أن يتم اللقاء في موسكو.

خلافات حول فرص السلام

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن فرص التوصل إلى نهاية سريعة للحرب في أوكرانيا لا تزال “ضئيلة”، مشيراً إلى أن مواقف موسكو وكييف متباعدة بشدة، إذ تسعى أوكرانيا للحفاظ على وحدة أراضيها بينما تتمسك روسيا بمساحات واسعة تحت سيطرتها.

وختم زيلينسكي حديثه بانتقاد غير مباشر لترامب، قائلاً إن على الغرب التركيز على الوضع في أوكرانيا بدلاً من محاولة إعادة بناء العلاقات مع روسيا، مشدداً على أن “هذه قضية راهنة تحدث الآن، ولا تحتمل التأجيل”.

زر الذهاب إلى الأعلى